لا تزال قضية المفاوضات النووية وأزمة العقوبات وانعكاساتها على الاقتصاد الإيراني تشكل محور وسائل الإعلام الإيرانية عموما والصحف على وجه خاص، حيث تعيش هذه الصحف حالة من الحيرة والتردد إزاء الموقف من المفاوضات.
ففي يوم تجد تغطية الصحيفة الواحدة تحمل كثيرا من التفاؤل في الحديث عن المفاوضات ومستقبلها، وفي يوم تالٍ ترى نفس الصحيفة تتعامل بحذر شديد وخوف بالغ وتشاؤم محموم عند الحديث عن هذه المفاوضات وما ينتظرها من مستقبل.
كل هذا التخبط في المواقف الصحافية هو نتيجة للغموض والتناقض الذي يظهر في تصريحات المسؤولين الإيرانيين وحتى المسؤولين الغربيين الذين يؤكدون وجود تحسن في مسار المفاوضات ليعودوا في اليوم التالي وينفوا أي تقدم وتطور في مسار هذه المفاوضات.
فهذه صحيفة "جمهوري إسلامي" بعد أن كانت يوم أمس متفائلة تجاه المفاوضات النووية وتتحدث عن وجود تقدم، عادت اليوم الأحد 12 ديسمبر (كانون الأول)، وتحدثت عن المتربحين الداخليين والخارجيين من استمرار العقوبات. وذكرت أن هذه الأطراف التي تنتفع من استمرار العقوبات تعمل كل ما في وسعها لإفشال عملية التفاوض، كما كتبت "جهان صنعت": "غيوم سوداء تخيم على المفاوضات النووية"، مستبعدة حصول اتفاق قريب الأمد ينهي العقوبات المفروضة على إيران.
وتساءلت صحيفة "جام جم" التابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون عن الطرف الذي تراجع عن مواقفه في المفاوضات النووية وما إذا كانت طهران حقا قد تخلت عن مواقفها السابقة كما يقول مسؤولون غربيون. وطالبت صحيفة "جملة" بوقف النزيف الاقتصادي وقالت "لا تجعلوا البلاد تدفع ثمنا أكثر من هذا" منتقدة السياسات التي تعتمدها طهران حاليا في بيع النفط واستيراد السلع والبضائع مقابل هذا البيع غير المتعارف عليه حسب تعبير الصحيفة.
في صعيد متصل، أشارت صحف عدة لا سيما الصحف المنتمية إلى التيار الأصولي والداعم للحكومة إلى تصريحات رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي الذي قال: "شرط الاتفاق الجيد هو رفع كافة العقوبات" كما عنونت بذلك "كيهان"، وتحدثت "رسالت" عن إجراءات ضد الاتفاق النووي قام بها الكونغرس الأميركي واستخدمت عنوان "تعقيدات الكونغرس في المفاوضات النووية".
في شأن آخر علقت صحيفة "آرمان ملي" على اعتصام المعلمين الإيرانيين على مستوى البلاد حيث بدأ المعلمون في المدارس الإيرانية اعتصاما لمدة يوم، وذلك احتجاجًا على عدم اعتماد قانون تصنيف المعلمين ومعادلة المعاشات التقاعدية، وقالت "جهان صنعت" في مقال لها: "المعلمون والصرخات التي لا تُسمع"، وكتبت "صداي إصلاحات": "التمييز يرفع أصوات المعلمين".
يذكر أن المعلمين الإيرانيين تجمعوا عدة مرات في الأشهر الأخيرة للاحتجاج على عدم تنفيذ خطة التصنيف، وفي 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، نظموا تجمعاً في أكثر من 60 مدينة في إيران.
كما أشارت بعض الصحف إلى انتشار المتحور الجديد لكورونا (اوميكرون) في البلاد، وعنونت "اقتصاد بويا" بالقول "تجول أوميكرون في البلد"، وقالت "آرمان ملي": " ظلال أوميكرون الحمراء على سماء إيران الزرقاء"، محذرة من التساهل في الإجراءات الوقائية من الفيروس والمتحور الجديد.
كما اهتمت صحف أخرى بموضوع ميزانية العام القادم وتحدث صحيفة "اعتماد" عن الخلافات بين الحكومة والبرلمان حول الميزانية، وقالت "بدء موسم الميزانية وانتهاء شهر العسل بين الحكومة والبرلمان"، وقالت "خراسان": "أرقام مثيرة للجدل في الميزانية".
والآن يمكننا أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"مستقل": العسكريون يعارضون المفاوضات النووية
قال علي بيكدلي المحلل السياسي، كما نقلت صحيفة "مستقل"، إن العسكريين في إيران يعارضون إجراء المفاوضات النووية، مشددا على ضرورة أن يتخلص المسؤولون الإيرانيون من مواقف العسكريين هذه، ويتجهوا نحو الدبلوماسية، وأكد أن أفضل الطرق أمام إيران هو اعتماد الدبلوماسية المتدرجة التي تبدأ برفع العقوبات بشكل مرحلي.
وقال بيكدلي: "يوما بعد يوم نشاهد تزايد المشاكل الداخلية في إيران، حيث إن الغلاء والتضخم والبطالة أصبحت مصدر غضب وامتعاض لدى الإيرانيين كما أن محاصرة إيران من خصومها باتت في ازدياد مستمر ولم يبق طريق أمام إيران سوى المفاوضات وعلى هذا الأساس يجب على المسؤولين الإيرانيين تقليل نسبة توقعاتهم من المفاوضات لكي يتأتى حصول اتفاق حول البرنامج النووي لإيران".
"جمله": إلى متى يجب أن نواصل بيع النفط بطرق غير متعارف عليها؟
انتقدت صحيفة "جمله" طريقة تعامل النظام الإيراني مع دول الغرب والشرق، حيث إن هناك توجها ورغبة في التعامل مع الشرق ومع دول مثل الصين وروسيا، وتردد في التعامل مع الغرب مضيفة: "إذا أردنا أن نعتبر التعامل مع الغرب هو تعامل مباشر ونقدي فإن التعامل مع دول مثل الصين وروسيا هو تعامل بالدَين والقرض لأنه لا توجد أي شركة تكون مستعدة للتعامل مع إيران في ظل العقوبات الأميركية".
وكتبت الصحيفة "إلى متى يجب أن نستمر في بيع النفط بطرق غير متعارف عليها لكي نحصل على الأرز الباكستاني والهندي ذي الجودة السيئة والسلع الصينية عبر سياسة المقايضة"، منوهة إلى ضرورة التعامل مع دول العالم كافة "لكي لا نصبح أكثر فقرا من الوقت الراهن ولا نعيش عزلة عن العالم".
"جمهوري إسلامي": الصين وروسيا تتكسبان من استمرار العقوبات على طهران
أعربت صحيفة "جمهوري إسلامي" عن تخوفها من الدور التخريبي الذي يلعبه المتكسبون من استمرار العقوبات، سواء كانوا داخليين أو خارجيين، معتقدة أن الصين وروسيا وبسبب ما لديهما من مصالح في استمرار العقوبات المفروضة على طهران من بين المنتفعين من استمرار العقوبات وأن مصالحهما تكمن في فشل المفاوضات الجارية في فيينا.
كما هاجمت الصحيفة المتكسبين من استمرار العقوبات في الداخل الإيراني وذكرت أن هناك أطرافا في الداخل الإيراني تعتقد أنه وبسبب وجود روسيا والصين بجانب إيران فإن المفاوضات النووية حتى لو وصلت إلى طريق مسدود فإن ذلك لا يشكل أهمية تذكر.
"سياست روز": لدى طهران طرق أخرى لإفشال أثر العقوبات
كتبت صحيفة "سياست روز" الأصولية في مقالها الافتتاحي أن الحكومة الإيرانية الحالية تسعى لدبلوماسية اقتصادية وتعمل على تنسيق إقليمي بموازاة استمرار المفاوضات النووية في فيينا، مؤكدة أن الاتفاق الجيد هو الاتفاق الذي يترتب عليه رفع كافة العقوبات المفروضة على إيران.
ورأت الصحيفة أنه وفي حال امتنعت الولايات المتحدة الأميركية عن قبول هذا النوع من الاتفاق فإن طهران لديها طرق أخرى لإفشال أثر العقوبات وإبطال مفعولها.