تصاعد الجدل حول مشروع "تقييد" الإنترنت وملف الاتفاق النووي هما الموضوعان البارزان في تغطية الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الخميس 24 فبراير (شباط).
فبعد أن تم الإعلان عن مصادقة اللجنة المكلفة بالنظر في مشروع ما يسمى "حماية حقوق مستخدمي العالم الافتراضي"، وهو مشروع يهدف في الأصل إلى فرض الرقابة الحكومية على عمل وسائل التواصل الاجتماعي، أثيرت ضجة واسعة في الداخل الإيراني وانتقادات طالت المسؤولين والقائمين على هذا المشروع، مما دفع الحكومة والبرلمان بالإعلان عن إلغاء القرار وإبطاله.
وعن هذا الموضوع كتبت كبرى الصحف الإيرانية إصلاحية وأصولية، حيث تناولت صحيفة "ابتكار" الموضوع وقالت إن معظم التيارات الفكرية والسياسية تعارض هذا المشروع، إلا أن البرلمان يصر على المضي قدما في تنفيذه.
وكان هذا موقف جميع الصحف الإصلاحية التي هاجمت البرلمان وانتقدت أداءه فيما يتعلق بملف الإنترنت، ودعت إلى التخلي عن المشروع نهائيا.
أما الصحف الأصولية والمقربة من الحكومة فتبرأت- في الحد الأدنى- من المشروع في هذه المرحلة، وحاولت صحيفة "إيران" الحكومية الادعاء بأن حكومة رئيسي غير راضية عن صيغة مشروع تقييد الإنترنت، وعنونت بالقول: "نقد أساسي من الحكومة لمشروع حماية حقوق المستخدمين في الإنترنت"، مشيرة إلى تصريحات رئيسي الذي تعهد فيها بتقديم إنترنت بجودة عالية للناس.
أما عن الاتفاق النووي فبالرغم من التطورات الإيجابية التي تسود أجواء المفاوضات والحديث عن اقتراب جميع الأطراف إلى "نقطة النهاية" في تحقيق الاتفاق، نجد أن صحفا أصولية بدأت توجه سهام نقدها للولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يعتبره البعض محاولة للتمهيد للفشل المحتمل في المفاوضات النووية.
فصحيفة "سياست روز" الأصولية مثلا كتبت في صفحتها الأولى وقالت: "إصرار الولايات المتحدة الأميركية على الوعود دون العمل"، موضحة أن المشاكل والخلافات التي لم تحل قليلة لكنها في نفس الوقت جذرية وأساسية.
أما "كيهان" فرأت أن المفاوضات النووية وصلت إلى "طريق مسدود" والسبب في ذلك، حسب الصحيفة المقربة من المرشد خامنئي، هو امتناع الولايات المتحدة الأميركية عن إلغاء العقوبات وإعطاء الضمانات لإيران.
في شأن اقتصادي كتبت صحف مختلفة عن استمرار حالة الغموض والضبابية التي تخيّم على الأسواق، وكذلك الارتفاع المستمر في الأسعار بالرغم من وعود الحكومة بإحداث انفراج اقتصادي قريب الأجل.
فصحيفة "اقتصاد ملي" تشير إلى زيادة التضخم وتعنون في المانشيت: "توحش التضخم"، وتؤكد استمرار حالة الاضطراب في أسعار العديد من السلع الأساسية مثل الأرز وغيرها. وفي نفس الاتجاه سارت صحيفة "اقتصاد بويا" التي عنونت بالقول: "الأسواق في مرحلة الضبابية والغموض".
والآن نقرأ بعض الموضوعات الأخرى في صحف اليوم:
"آرمان ملي": مشروع تقييد الإنترنت يضر بمصالح الشعب ويتعارض مع المنطق والقوانين الدولية
قال علي نجفي توانا، المحلل والخبير القانوني، إن طرح مشروع تقييد الإنترنت في هذه الظروف التي تمر بها البلاد لا يمكن تبريره والدفاع عنه منطقيا، لأنه يتعارض بشكل صريح مع مصالح الشعب والقوانين الدولية في هذا المجال.
ونوه الكاتب إلى أنه من حق الحكومات أن يكون لها قوانين في ما يتعلق بعمل الإنترنت وإدارتها، لكن لا ينبغي أن يحدث ذلك بشكل يتعارض تماما مع الشؤون الثقافية، وما تنص عليها قوانين البلاد الصريحة.
كما لفت الكاتب أن القائمين على مشروع تقييد الإنترنت قد يهدفون من وراء هذا المشروع "تقييد التبادل المعلوماتي الحر"، وهو مشروع يهدد المصالح الاقتصادية للكثير من المواطنين، لا سيما بعد أن أصبح الاعتماد على الإنترنت والعالم الافتراضي كبيرا في تسويق الأعمال التجارية والاقتصادية.
"وطن امروز": كثرة استخدام الناس للإنترنت خلقت أزمات ثقافية واقتصادية وأمنية
أما صحيفة "وطن امروز"، المقربة من الحرس الثوري، بالرغم من نقدها لطريقة المصادقة السريعة على المشروع فإنها أكدت ضرورة وجود قانون يفرض مزيدا من السيطرة الحكومية على عمل الإنترنت، لأن كثرة استخدام الإنترنت من قبل الناس في السنوات الأخيرة خلق تهديدات وأزمات ثقافية واقتصادية وأمنية لإيران وهو ما يبرر سن قوانين في هذا المجال، حسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن إلغاء قرار اللجنة المكلفة بمتابعة مشروع "حماية حقوق المستخدمين" لا يعني وقف المشروع نهائيا، بل سيتم النظر في القانون في البرلمان نفسه بعد الانتهاء من موضوع ميزانية العام الإيراني القادم.
وأوضحت الصحيفة أن هناك اعتقادا خاطئا بات منتشرا حول هذا الموضوع، وهو القول بأن مشروع "حماية حقوق المستخدمين" يهدف إلى "حجب مواقع التواصل الاجتماعي" و"إضعاف سرعة الإنترنت"، وهذا اعتقاد خاطئ تماما حسبما نقلت الصحيفة عن مسؤولين ونواب في البرلمان ممن يعتبرون مؤيدين لهذا المشروع المثير للجدل.
"كيهان": المفاوضات النووية أصبحت استنزافية
أشارت صحيفة "كيهان"، الأصولية والمقربة من المرشد، إلى المفاوضات النووية واتهمت الولايات المتحدة الأميركية بأنها صيّرت المفاوضات مجرد "مفاوضات استنزافية"، ولم تقدم مبادرات تثبت حسن نيتها، معتقدة أن مفاوضات فيينا وصلت إلى طريق مسدود وذلك بسبب امتناع واشنطن عن إلغاء العقوبات وإعطاء ضمانات لإيران.
أما عن موقف الصحيفة من الأوروبيين فنجد أنهم أيضا ملومون من قبل صحيفة المرشد، حيث لم يحسموا أمرهم بعد، وتجدهم يوما يؤكدون على أهمية التوصل السريع إلى المفاوضات، وفي اليوم التالي يسايرون الولايات المتحدة الأميركية، ويضعوا سقفا زمنيا ومهلة محددة لإيران للعودة إلى الاتفاق النووي.