لا يزال الموقف الروسي الجديد من الاتفاق النووي ووضع موسكو لشروط ذات علاقة بأزمة أوكرانيا ضمن دائرة الاتفاق النووي هو الموضوع الساخن والمثير للجدل في الصحف الإيرانية اليومية.
فبينما نرى الإصلاحيين يهاجمون روسيا ويوجهون سهام نقدهم لها، نجد في المقابل الأطراف الأصولية تحاول جاهدة الدفاع عن العلاقة بين موسكو وطهران، والادعاء بأن ما طالبت به روسيا من حصولها على ضمانات مستقبلية لا يتعارض من الاتفاق النووي، بل هي نفس المطالب التي تريدها إيران.
وعن هذه الموضوع كتبت صحيفة "آرمان ملي" وقالت: "روسيا تقفز من هذه الجهة إلى الجهة المخالفة"، ونقلت عن المحلل السياسي، يوسف مولائي، قوله إن شروط روسيا الجديدة توضح مدى انقلاب الروس في مواقفهم السابقة التي يدعون أنهم كانوا من العاملين على إنجاز الاتفاق النووي بأسرع وقت ممكن.
وعنونت "اعتماد" في صفحتها الأولى وكتبت: "شروط روسيا في موضوع الاتفاق النووي غير منطقية وغير أخلاقية"، وأجرت مقابلة مع الدبلوماسي السابق، جاويد قربان أوغلي، الذي أكد أن موقف روسيا الجديد هو نسف للأطر العامة للاتفاق النووي.
في المقابل نجد الصحف الأصولية تحاول التقليل من أهمية هذا الموضوع، وتغطي في المقابل مسائل أخرى كمحاولات الولايات المتحدة الأميركية إيجاد بدائل للنفط الروسي، حيث كتبت "وطن امروز"، المقربة من الحرس الثوري، أن واشنطن بدأت تلجأ إلى فنزويلا للتعويض عن غياب الطاقة الروسية من الأسواق الدولية.
أما "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، ففضلت الحديث عن تبعات هذه العقوبات المفروضة على روسيا على ارتفاع أسعار الوقود في أميركا، وكتبت في المانشيت: "حرب العقوبات بين بوتين وبايدن وقفزة تاريخية في أسعار الوقود في أميركا".
وهددت صحيفة "إيران" الحكومية حال عدم التزام الأطراف الغربية بتعهداتها النووية، وقالت: "إذا لم تُنفذ التعهدات الغربية فسننسحب بسرعة من الاتفاق النووي"، وهو تعليق للمندوب الإيراني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ردًا على بيان الترويكا الأوروبية.
ومن القضايا الهامة التي امتنعت معظم الصحف من الحديث عنها هي مقتل ضابطين من الحرس الثوري في سوريا هما: مرتضى سعيد نجاد، وإحسان كربلايي بور.
ولم تكتب جل الصحف الصادرة اليوم، الخميس ١٠ مارس (آذار)، حول هذا الموضوع الهام، وهو موقف يوضح مدى خشية وسائل الإعلام الإيرانية من الحديث عن القضايا المتعلقة بدور الحرس الثوري في سوريا.
ومن بين الصحف القليلة التي تناولت الموضوع صحيفة "وطن امروز"، وهي صحيفة مقربة من الحرس الثوري، حيث أشارت إلى مقتل هذين الشخصين وكتبت في هامش صفحتها الأولى: "بصوت واحد.. الانتقام"، مدعية أن "الثأر" لاستشهاد هذين العنصرين هو مطلب الجميع.
وذكرت الصحيفة أنه في حال التردد في الثأر والانتقام لهؤلاء القتلى فإن الهجمات الإسرائيلية على القوات الإيرانية والجماعات المدعومة منها ستزداد في المستقبل.
والآن نقرأ بعض الموضوعات الأخرى في صحف اليوم:
"اعتماد": شروط روسيا الجديدة تقضي على الأطر العامة للاتفاق النووي
وصف الدبلوماسي السابق، جاويد قربان أوغلي، في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" الموقف الروسي الجديد من الاتفاق النووي الإيراني بـ"الفخ الانفجاري"، معتقدا أن اشتراط روسيا على الولايات المتحدة الأميركية ينسف الأطر العامة للاتفاق النووي ويقضي عليه.
وعن موقف إيران من تطورات الملف النووي الجديدة على خلفية مطالبة روسيا بضمانات لها للموافقة على إحياء الاتفاق النووي، قال قربان أوغلي إن على طهران أن تحسم أمرها،
وتحدد ما إذا كانت تريد أن تنسجم مع موقف روسيا وتسمح بتأجيل إحياء الاتفاق النووي أم لا، مؤكدا أن تأجيل إحياء الاتفاق النووي سيضر بكل تأكيد بإيران وسيكون ضد مصالحها الوطنية.
وتابع الكاتب بالقول: "إن إيران بإمكانها التخلص من القيود الروسية التي تضعها باستمرار على مسير المفاوضات النووية من خلال إعلانها الدخول في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية وإلا فإنها ستجد نفسها أمام التعقيدات الروسية".
"جمهوري إسلامي": روسيا تستطيع منع الهجمات الإسرائيلية على مواقع إيران في سوريا.. لكنها لم تفعل
قالت صحيفة "جمهوري إسلامي" إن شروط روسيا الجديدة حول الاتفاق النووي تدل في المقام الأول على خوف موسكو وقلقها من العقوبات الجديدة المفروضة عليها جراء غزوها لأوكرانيا، هذا من جهة ومن جهة أخرى يحاول الروس أن يضغطوا على إيران ليخلصوهم من المستنقع الذي سقطوا فيه بعد قرار الهجوم على أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى عدد من التجارب السابقة لروسيا، والتي جميعها تثبت عدم اهتمامها بمصالح إيران الخاصة، منها مسايرتها للقرارات الدولية التي تدين طهران، وكذلك موقفها المؤيد لإسرائيل في استهداف المواقع الإيرانية في روسيا.
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل لن تقدم على مثل هذه الأعمال دون أخذ الموافقة الروسية.
ونوهت الصحيفة إلى مقتل عنصرين من عناصر الحرس الثوري قبل يومين في سوريا على يد إسرائيل، وقد كانت روسيا بإمكانها منع حدوث ذلك لكنها لم تفعل، بل تقوم بالتزامن مع ذلك بتقديم الشروط ووضع العراقيل أمام الاتفاق النووي، حسب تعبير الصحيفة.
"كيهان": الخسائر التي حلت بإيران نتيجة عدم الأخذ بنصائح المرشد خامنئي
في المقابل نجد صحيفة "كيهان" الأصولية والمقربة من المرشد علي خامنئي، تتخذ موقفا صلبا من الاتفاق النووي الذي لا يراعي الخطوط الحمراء لإيران، وتؤكد أن الاتفاق الذي يشبه الاتفاق النووي السابق والذي يتيح إمكانية "التدليس" و"إخلاف الوعود" هو اتفاق ينتهي بـ"الغبن والخسارة الواسعة" لطهران.
وذكرت الصحيفة أن جميع الأضرار والخسائر التي حلت بإيران جراء الاتفاق النووي هي بسبب عدم الأخذ بتوصيات وتوجيهات المرشد، الذي يشدد باستمرار على ضرورة التعامل بفطنة وذكاء مع الولايات المتحدة الأميركية، التي ما تنفك تناصب إيران العداء والخصومة في القضايا الدولية.
وأضافت الصحيفة أن العودة إلى الإطار "المعوج" للاتفاق النووي بكل عيوبه السابقة هي بداية جديدة من المشاكل والأزمات، وكلما ابتعدت إيران عن شروطها المعروفة فإنها تبتعد بنفس المسافة عن التوصل إلى اتفاق جيد.