بشكل غير مسبوق يهوي التومان الإيراني إلى القاع باستمرار مسجلا أرقاما قياسية في تاريخه حيث تجاوز يوم أمس سعر الدولار 32800 تومان إيراني فاتحا الطريق أمام احتمالات مخيفة للاقتصاد الإيراني وانعكاسات سلبية ومباشرة على الحياة المعيشية للمواطن.
ويبدو أن هذا التفاقم الكبير في الحياة الاقتصادية دفع بالخبراء الاقتصاديين إلى إطلاق تحذيراتهم إلى النظام الحاكم، حيث أصدر 61 خبيرا اقتصاديا أمس الثلاثاء 11 يونيو (حزيران) بيانا مشتركا حذروا فيه من مغبة الاستمرار بالشكل الحالي في إدارة الأمور الاقتصادية للبلاد.
واختلفت قراءة الصحف لهذا البيان الذي أصدره الخبراء الاقتصاديون حيث نلاحظ أن صحفا إصلاحية ومعتدلة تتفاعل معه بشكل واقعي وتعتبره ناقوس خطر أمام إيران وإشارة واضحة للحكومة في ضرورة إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية الأخيرة التي أطلقت عليها تسمية "العملية الجراحية" للاقتصاد الإيراني.
لكن الصحف المقربة من الحكومة مثل "كيهان" فضلت الهجوم على هؤلاء الخبراء الاقتصاديين واصفة إياهم بأنهم من مؤيدي حكومة روحاني السابقة والتي كانت العامل الرئيسي في وصول البلاد إلى الوضع الراهن.
وفي شأن آخر، اهتمت بعض الصحف مثل "توسعه إيراني" بإعلان طهران توقيعها على وثيقة تعاون استراتيجي لمدة 20 عامًا بينها وبين فنزويلا وذلك خلال زيارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لطهران.
وبالرغم من دفاع الصحف الأصولية عن هذه الوثيقة واعتبارها الطريق الأمثل للمقاومة إلا أن صحيفة "توسعه إيراني" سخرت منها، وأشارت إلى أن ما يجمع بين إيران وفنزويلا هو أن البلدين غارقان في أمواج من التضخم وأن مقاومة البلدين تقتصر على رفع الشعارات الحماسية والمعادية للإمبريالية والتمظهر بمظهر المنتصرين ضد الولايات المتحدة الأميركية.
كما اعتبرت صحيفة "اقتصاد بويا" الاقتصادية هذه الوثيقة بأنها غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، معللة السبب في ذلك بارتباط مثل هذه الاتفاقيات والقرارات بالاتفاق النووي، وبالتالي فما دامت إيران لم تعد إلى الاتفاق النووي ولم تنضم إلى منظمات دولية مثل "FATF" فلا شيء من هذه الاتفاقيات قابل للتنفيذ.
يمكننا أن نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في بعض صحف اليوم:
"ستاره صبح": جذور المشكلة الاقتصادية في إيران راجع إلى طريقة الحكم الخاطئة
نقلت صحيفة "ستاره صبح" البيان المشترك لـ61 خبيرا اقتصاديا إيرانيا للحكومة وتحذيرهم من نسب التضخم الكبيرة في إيران، حيث أكد هؤلاء الخبراء في بيانهم أن أوضاع البلاد الاقتصادية أصبحت هشة للغاية، وأن إصرار الحكومة على إلغاء الدعم عن السلع الأساسية في هذه الأوضاع المزرية قد يؤدي إلى نفاد صبر الشعب وحدوث انفجار اجتماعي.
وذكر الخبراء في بيانهم أن جذور المشكلة الاقتصادية في البلاد راجع إلى طريق الحكم السياسي وهو ما يفرض خلق تغيير في شكل إدارة البلاد.
ويضيف البيان كما ذكرت الصحيفة أن "خروج البلاد من الحالة الاقتصادية والاجتماعية المتردية الحالية يتمثل في أمرين أساسيين، الأول: إصلاح جذري وأساسي للسياسة الخارجية، واعتماد سياسة سلام وتعاون مع دول الجوار والمنطقة، ثانيا: الاهتمام بمطالب الشعب المعيشية والارتقاء بمكانة إيران عالميا".
"كيهان": خفض التصعيد مع العالم يعني الاستسلام والخنوع
في الوقت الذي دافعت فيه صحيفة "ستاره صبح" عن بيان الخبراء الاقتصاديين، نجد صحيفة "كيهان" تهاجم هؤلاء الخبراء، وتعتبر أن هؤلاء الذين يدعون إلى خفض التصعيد مع العالم كانوا ذات يوم من مؤيدي حكومة روحاني التي كانت تحاول أن تسلك نفس السبيل وبالتالي فحسب قراءة الصحيفة يكون هؤلاء الخبراء الاقتصاديون من مسببي الوضع الراهن وهم يرددون تكرار النسخة الفاشلة من سياسات حكومة روحاني السابقة.
وترى الصحيفة أن الإصلاح الجذري للسياسة الخارجية وحل الخلافات مع العالم يعني الاستسلام والخنوع.
كما اعتبرت الصحيفة أن الأرقام والإحصاءات الواردة في بيان الخبراء الاقتصاديين هو نشر الرعب والخوف من المستقبل وتشويه الأوضاع الراهنة متهمة هؤلاء الخبراء بأنهم أصحاب "أفكار صدئة" ومنتهية الصلاحية.
"مستقل": رفع نسبة التخصب يضعنا أمام الحرب أو الضائقة الاقتصادية
أجرت صحيفة "مستقل" مقابلة مع الخبير الاقتصادي جمشيد عدالتيان الذي كان قبل عام من مؤيدي حكومة رئيسي لكنه الآن أصبح يحذر من تبعات سياسة الحكومة وخطورتها على مستقبل البلاد.
وأوضح عدالتيان في مقابلته أنه وفي حال استمرت الحكومة بسياساتها الحالية في مجال السيولة فإنه من المتوقع أن تصل نسبة التضخم في إيران إلى 100 في المائة، مشيرا إلى أن سعر الدولار الآن أصبح 3300 ألف تومان ما يعني أن التضخم تخطى 40 في المائة وعندما تصل نسب التضخم إلى 50 في المائة فهذا يعني أن الدولار سيتجاوز 42 ألف تومان إيراني.
وأكد الخبير الاقتصادي جمشيد عدالتيان أن مشاكل إيران الاقتصادية لن تحل دون وجود الاتفاق النووي، مضيفا: "إذا أرادت إيران رفع نسبة تخصيب اليورانيوم فإن الدول الشرقية (روسيا والصين) لن تدعما طهران وسوف نكون أمام واقعين إما الحرب وإما الضائقة الاقتصادية للناس والتي تشبه الحرب وتضاهيها".
"شرق": على إيران إصلاح سياساتها الخارجية قبل زيارة بايدن للسعودية
قال الخبير في شؤون أميركا اللاتينية، هادي أعلمي، في مقابلة مع صحيفة "شرق"، إن الوثيقة الاستراتيجية التي أعلنت عنها إيران وفنزويلا يوم أمس السبت غير عملية، لأن إيران وفنزويلا تخضعان للعقوبات الأميركية ولم تستفد إيران من الاتفاقيات المشابهة مع روسيا والصين ناهيك عن اتفاقية مع فنزويلا التي تعيش أوضاعا أسوأ من إيران بكثير.
واعتبر أعلمي أن سلوك الطريق الخاطئ مرة أخرى سيكون خطأ استراتيجيا كبيرا، مؤكدا أن طهران وكاراكاس لا يمكنهما إبطال أثر العقوبات الأميركية وقد جُربت هذه المحاولات سابقا لكنها فشلت.
وتابع الخبير السياسي أن على إيران أن تدخل في مفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية وتتخلى عن السياسات الخارجية "التصعيدية" و"المكلفة"، مشددا على ضرورة أن تقوم إيران بإصلاح سياساتها الخارجية قبل زيارة جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية.