بشكل مضحك ومستهجن احتفت الصحف الإيرانية المقربة من الحكومة، اليوم الثلاثاء 14 يونيو (حزيران)، بالتراجع الطفيف في أسعار الدولار بعد أن تعامت عن ارتفاعه الكبير قبل أيام عندما حطم أرقاما قياسية جديدة، وتجاوز سعر الـ33 ألف تومان إيراني.
وأطلقت الصحف الموالية للحكومة على التراجع الطفيف في سعر الدولار مصطلحات عدة مثل: "بداية التراجع" ، "بداية الانخفاض"، وكأننا أمام تراجع قد يعيدنا إلى سعر الدولار قبل بداية أزمته منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران.
واللافت في تغطية هذه الصحف، مثل "إيران" الحكومية و"وطن امروز" المقربة من الحرس الثوري، أنها تتجاهل قفزات الصعود التي تصل إلى 2000 أو 3000 ريال، لكنها تبتهج وتغني عاليا عندما ينزل السعر ريالين أو ثلاث.
من الموضوعات الأخرى التي لا تزال تلقي بظلالها على الصحف اليومية تطورات الملف النووي وعلاقة إيران مع الغرب، حيث نقلت صحف مختلفة تصريحات المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، حول دعوة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة، رافايل غروسي، النظام الإيراني إلى التفاوض معه لإيجاد حل للأزمة الأخيرة، حيث لوح زاده إلى رفض طهران لأي نوع من المفاوضات مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال المتحدث عن إعلان رافايل غروسي استعداده لزيارة طهران: "إنه يستطيع المجيء إلى طهران، لكن بصفته سائحا لا أكثر".
وهاجمت "سياست روز" الأصولية دعوة غروسي إلى التفاوض، وذكرت أنه يعيد أوهام بايدن في التفاوض، فيما اختارت "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، عنوان: "غروسي يتكلم بكلام يتجاوز حدود صلاحياته".
في شأن منفصل أشارت صحيفة "همدلي" إلى التغيير الملحوظ في لهجة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين تجاه إيران، بعد أن حذر في تصريحات غير مسبوقة، المسؤولين الإيرانيين من التدخل في شؤون بلاده، وقال إن "العلاقات مع إيران تحولت من مرحلة السكوت إلى الصراحة، لقد تغيرت لغة الخطاب مع طهران، والسياسة الخارجية للعراق ليست تابعة لأي دولة".
والآن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"شرق": احتمالية قيام الحكومة برفع أسعار الوقود
سلطت صحيفة "شرق" الضوء في تقرير لها على احتمالية أن تقوم الحكومة الإيرانية برفع أسعار الوقود مرة أخرى بعد قيامها ببعض الإجراءات التي تعزز هذه الفرضية، حيث أقدمت في الفترة الأخيرة على جمع بطاقات محطات الوقود.
وأشارت الصحيفة إلى التناقضات الكثيرة التي تظهر في مواقف وتصريحات المسؤولين المعنيين في الأمر، وهو ما دفع الناس إلى الاعتقاد بأن الحكومة تخطط لرفع أسعار الوقود في الفترة المقبلة مثلما فعلت حكومة روحاني.
ولفتت الصحيفة إلى قيام الحكومة السابقة بنفس الخطوات المماثلة عام 2019، حيث كانت تنفي باستمرار عزمها رفع أسعار الوقود لكنها في نهاية المطاف نفذت ذلك، وأدى إلى اندلاع تظاهرات واسعة في إيران قوبلت بـ"أعنف أشكال القمع" منذ ثورة عام 1979.
وأضافت "شرق" في تقريرها: "حكومة رئيسي بدأت تسلك نفس خطاب حكومة روحاني، وتستخدم مصطلحات مثل "مكافحة تهريب الوقود" و"تحرير الأسعار" لإجراء عملية جراحية على الاقتصاد الأمر الذي عزز شائعات رفع أسعار الوقود".
"ابتكار": إجراءات الحكومة والبنك المركزي لن تكون كافية للسيطرة على أسعار العملات الأجنبية
أما صحيفة "ابتكار" فاهتمت بتطورات أسواق العملات الأجنبية في إيران، حيث شهد الأحد الماضي تسجيل أعلى سعر للدولار أمام التومان الإيراني، وهو ما دفع بالحكومة الإيرانية إلى التحرك ومحاولة الحد من هذا الارتفاع من خلال إعطاء البنك المركزي صلاحيات غير محدودة في الاستفادة من الموارد النقدية، لكنها خطوات غير كافية للحد من مسيرة الارتفاع في سعر العملات الأجنبية والذهب حسب ما ذكره الخبير الاقتصادي، علي أصغر سميعي زفرقندي، رئيس "مركز الصرافين" في إيران.
وقد رأى سميعي زفرقندي في مقابلته مع الصحيفة أن حجم السيولة في إيران يزداد باستمرار، وهو ما خلق تضخما كبيرا انعكس على تراجع قيمة التومان بشكل مستمر، واستنادا إلى ذلك فإن سياسات البنك المركزي الأخيرة لن تكون كافية، مشددا على ضرورة أن تعمل الحكومة والبنك المركزي على السيطرة على التضخم والسيولة كمقدمة للسيطرة على أسواق العملات الصعبة.
"كيهان": على الحكومة أن لا تتهاون في محاسبة الخبراء الاقتصاديين
طالب مدير تحرير صحيفة "كيهان" حسين شريعتمداري، في مقاله الحكومة إلى عدم التهاون في التعامل مع الخبراء الاقتصاديين الذين أصدروا بيانا تحذيريا من خطورة الوضع الاقتصادي الإيراني، واحتمالية أن يصل حجم التضخم إلى 100 في المائة، ورأى أن العامل الرئيسي الذي يجب أن يدفع إلى التشكيك في مصداقية هؤلاء الخبراء الاقتصاديين هو تزامن البيان الذي أصدروه مع قرار مجلس محافظي الوكالة الإيرانية ضد إيران.
وادعى شريعتمداري أن الهدف من هذا البيان التحذيري من قبل هؤلاء الخبراء هو بث اليأس والقنوط لدى الشعب الإيراني إزاء إجراءات الحكومة ومساعيها المستمرة، مضيفا: "نتوقع أن لا تمر الحكومة والجهات المعنية مرور الكرام من مثل هذه الأحداث"، في إشارة إلى ضرورة محاسبة هؤلاء الاقتصاديين ومعاقبتهم.
"همدلي": لا جدوى من تغيير الوزراء دون تغيير السياسات
قال الناشط السياسي والعضو في حزب "اعتماد ملي"، محمد جواد حق شناس، في مقابلة مع صحيفة "همدلي" إن كثيرا من المشاكل الحالية في إيران لا تعود إلى الحكومة بالضرورة، وإنما تعود إلى سلوك النظام الحاكم وطريقة تعامله مع القضايا الكبرى.
وأشار الناشط السياسي الإصلاحي إلى احتمالية أن تقوم الحكومة بتغيير بعض الوزراء بعد أن ثبت فشلهم في القيام بمهامهم المنوطة بهم، قائلا: "أعتقد أن مثل هذه الإجراءات والتغييرات لن تجدي نفعا ما دامت الاتجاهات الأساسية للحكومة هي نفسها ولم يشملها التغيير والتحول".
وعن دور الأحزاب في مواجهة الأوضاع السيئة في البلاد قال محمد جواد حق شناس إن الأحزاب في إيران منذ بداية عهد حكومة أحمدي نجاد أقصيت عن الساحة، وتعيش الآن عزلة عن الشارع، وتفقد أي فاعلية من الناحية العملية.
وختم الكاتب: "في إيران يوجد أكثر من مائتي حزب على الورق، لكن لو أردنا تقييم هذه الأحزاب في ضوء المعايير الدولية للأحزاب فإننا لا نجد حزبا واحدا في إيران تصدق عليه هذه المعايير ويجوز تسميته بالحزب".