حَظِيَ موضوع استئناف المفاوضات النووية بحصة الأسد في تغطية الصحف الإيرانية الصادرة اليوم، الثلاثاء 28 يونيو (حزيران)، بعد التطور الكبير الذي حدث في مسار المفاوضات، إذ أُعلن عن استئنافها بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الجمود والضبابية.
وأكد محمد مرندي، المستشار الإعلامي لفريق التفاوض الإيراني في فيينا، أنباء اختيار قطر مقرا جديدا للمفاوضات، لا سيما المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن.
وكتبت صحف كثيرة حول الموضوع، وذكرت أن الاتفاق النووي أصبح الآن على طريق الإحياء بعد أن أوشك على الموت، في ظل تباعد وجهات النظار والاختلاف في مواقف طرفي الاتفاق النووي الرئيسيين.
وتصر الصحف الحكومية مثل "إيران" على تسمية هذه المفاوضات بـ"مفاوضات رفع العقوبات"، للدلالة على أن الغاية الرئيسية من هذه المفاوضات لن تكون إلا للتفاوض على كيفية رفع العقوبات الأميركية عن إيران.
وبدا لافتا أن صحيفة "كيهان"، المتشددة والقريبة من المرشد، تتغافل هذه الأيام عن التركيز كثيرا على موضوع المفاوضات النووية، حيث لم تخصص عناوينها الرئيسية للحديث عنه بشكل مفصل، على الرغم من معارضتها المبدئية لإجراء المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة.
وتحاول الصحيفة باستمرار اختيار موضوعات أقل أهمية لإبرازها في الصفحة الأولى حيث كان مانشيت اليوم بعنوان: "رؤساء السلطات الثلاث يؤكدون على تجنب الاهتمام بالصغائر ويتعهدون على خدمة الشعب".
في موضوع آخر علقت صحف أخرى مثل" آرمان امروز" على دعوة فرنسا، أمس الاثنين، على هامش قمة مجموعة السبع في ألمانيا، إلى الدول المنتجة للنفط إلى زيادة الإنتاج "بشكل استثنائي" لاحتواء ارتفاع أسعار النفط بعد حرب أوكرانيا.
وكتبت الصحيفة: "أوروبا تفرش السجاد الأحمر أمام نفط إيران"، أما "كيهان" فاستغلت هذا الموضوع واستخدمت عنوان: "فرنسا تلجأ إلى إيران وفنزويلا للسيطرة على أسعار النفط".
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"اعتماد": ثلاث مخاطر تحيط بالاتفاق النووي
تطرق الكاتب والناشط السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي في مقال له بصحيفة "اعتماد" إلى موضوع استئناف المفاوضات النووية، وذكر أن التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي سيغير من أوضاع البلاد، ويعد شرطا ومقدمة ضرورية لحل المشاكل البنيوية داخل إيران.
ولفت الكاتب إلى ضرورة وجود خطة استراتيجية مدونة وجديدة للاتفاق النووي، لأن فقدان هذه الرؤية الشاملة ستجعل من الاتفاق النووي مجرد مهدئ مؤقت، وستعود المشاكل كما هي عليه اليوم بعد فترة وجيزة من إحياء الاتفاق النووي.
وذكر زيد آبادي ثلاث مخاطر رئيسية تحيط بالاتفاق النووي، أولها أن يحاول خصوم هذا الاتفاق ومعارضوه في الداخل الإيراني أن يثبتوا أنه لا عائد من وراء إحيائه ولن يخلق أي تغيير إيجابي في البلاد، وقد يبادر هؤلاء المعارضون للاتفاق النووي بخلق أزمة في السياسة الخارجية لإيران لتحقيق هذا المطلب.
أما ثاني الأخطار المحيطة بالاتفاق النووي هي أن تقوم الحكومة، وبعد حصولها على الموارد المالية اللازمة، بإيقاف العمل على إصلاح الهيكل الاقتصادي للبلاد، وتقوم بضخ الموارد المالية في الأسواق دون خطط وبرنامج وذلك من أجل التخلص من الضغوط التي تواجهها من قبل المنتقدين والرافضين لإجراءاتها.
أما الخطر الثالث والأخير، حسب الكاتب، فهو أن تعمد الحكومة بسبب الموارد المالية العائدة من صادرات النفط في تبني سياسة قهرية مع الشارع الإيراني، بعد شعورها بعدم الحاجة إلى المشاركة السياسية لمختلف شرائح المجتمع.
"ستاره صبح": انعقاد المفاوضات النووية في قطر يزيد من فرص نجاحها
في السياق نفسه رأى المحلل السياسي، حسن تفضلي، في مقاله الافتتاحي بصحيفة "ستاره صبح" أن تغيير موقع ومكان المفاوضات سيزيد من فرص نجاحها، لافتا إلى مساعي الحكومة القطرية وأميرها الشيخ تميم بن حمد، حيث تنقل بين واشنطن وطهران للتمهيد إلى هذه المفاوضات الهامة، وحلت قطر محل عمان في استضافة المفاوضات النووية، بعد أن أثبتت الدوحة أنها خيار مناسب للقيام بهذه المهمة، بالنظر إلى علاقاتها الحسنة مع كافة أطراف الاتفاق النووي.
"شرق": طهران أدركت أن حل المشاكل المعيشية مرهون بإحياء الاتفاق النووي
لفت الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي، جاويد قربان أوغلي، إلى سرعة استئناف هذه المفاوضات بعد زيارة بوريل إلى طهران، وذكر أن ذلك يدل على أن طهران توصلت إلى نتيجة مفادها أن حل الأوضاع الاقتصادية السيئة في الداخل سيتم فقط من خلال إحياء الاتفاق النووي، وهذا الأمر سيكون أقل تكلفة من الطرق والأساليب الأخرى.
مع ذلك قدّم الكاتب عددا من الأسئلة إلى الحكومة وطالبها بالإجابة، حيث لم تكمل الحكومة مسار المفاوضات في عهد روحاني، وأحدثت فيها وقفة دامت لما يقارب 15 شهرا ضاعفت من حجم الضغوط المعيشية على الناس، وقال: "يجب على الحكومة أن تبين ما هي الامتيازات التي حصلت عليها تجعل هذه المفاوضات مختلفة عن المفاوضات في عهد روحاني، والتي كانت توصف من قبل التيار الأصولي المسيطر على الحكم حاليا بالمفاوضات "السيئة".
"جهان صنعت": ما سبب إطلاق إيران لصاروخ حامل للأقمار الصناعية بالتزامن مع استئناف المفاوضات؟
في شأن غير بعيد انتقد المحلل السياسي، صلاح الدين هرسني في مقاله بصحيفة "جهان صنعت" قيام إيران بإطلاق صاروخ "ذو الجناح" الحامل للأقمار الصناعية، بالتزامن مع الحديث عن استئناف المفاوضات.
وذكر أن القيام بمثل هذه الأعمال قد تكرر سابقا كذلك، متسائلا ما الغاية من هذه التصرفات؟ وما دلالاتها"؟، مؤكدا أن مثل هذه الأعمال من شأنها عرقلة مسار المفاوضات وإفشالها.
ونوه الكاتب إلى وجود تيار متشدد في إيران يعتبر الاتفاق النووي خطأ كبيرا يقع فيه النظام الإيراني، ولذلك فإن هذا التيار يعمل جاهدا على إعاقته والحيلولة دون نجاحه، موضحا أن إطلاق صواريخ "مقلقة" للأطراف الأخرى ليست إشارة جيدة، وقد يكون مثل هذه السلوك والتصرفات سببا في تعلل الأطراف الأخرى من العودة إلى الاتفاق النووي وإحيائه ودليلا لديها على عدم إمكانية الوثوق بطهران وسياساتها.