بالرغم من انشغال الناس بالأزمة الاقتصادية الطاحنة وتردي الأوضاع المعيشية يوما بعد يوم تتجاهل السلطات الإيرانية هذه الأوضاع، وتنشغل بأمور ليست بذات أهمية بالنسبة للمواطن الإيراني المسحوق تحت وطأة الغلاء والتضخم.
ففي آخر إجراءات الحكومة تم الإعلان عن قرار جديد يفيد بفرض قيود على النساء غير الملتزمات بالحجاب، الذي تحدد شكله الحكومة، وحرمان هؤلاء النسوة من الاستفادة من الخدمات العامة.
وانتقد كثير من الصحف الصادرة اليوم، الأربعاء 6 يوليو (تموز)، هذه الإجراءات، وأشارت صحيفة "ستاره صبح" إلى المضايقات التي تتعرض لها النساء غير المحجبات، والإجراءات الحكومية الجديدة المتخذة في هذا الخصوص، لافتة إلى ما أعلن عنه مساعد النائب العام في مشهد، شمال شرقي إيران، إسماعيل رحماني، حيث قال في تصريح له: "بعثنا برسالة إلى قائمقام مشهد، وطالبناه بحظر الخدمات لذوي الحجاب السيئ في الدوائر الحكومية والبنوك".
كما نوهت الصحيفة إلى أن المضايقات والقيود في مسألة الحجاب تجاوزت النساء لتصل هذه المرة إلى الرجال أيضا، حيث تم الإعلان عن قيود جديدة يجب على الرجال العاملين في المؤسسات الحكومية الالتزام بها، وإلا فإن الجهات المعنية ستعاقبهم.
أما صحيفة "جهان صنعت" فوصفت الإجراءات الأخيرة وحرمان النساء غير المحجبات من الخدمات العامة بأنها "بدعة خطيرة" تهدد السلم المجتمعي.
من الموضوعات الأخرى التي لا تزال تحتفظ بصداها في الصحف اليومية هو موضوع المفاوضات النووية، ونوهت بعض الصحف مثل" جمهوري إسلامي" إلى أن الجانب الأميركي بدأ يفقد الأمل في فائدة التفاوض، ومع ذلك يحاول المسؤولون الإيرانيون الادعاء بأن المفاوضات الأخيرة كانت ناجعة ومفيدة، وعنونت "جمهوري إسلامي" بالقول: "إيران: المفاوضات كانت إيجابية.. أميركا: أضعنا الوقت في المفاوضات".
وبينما تزداد الأصوات المطالبة لإيران بالتسريع في العودة إلى الاتفاق النووي وإنهاء الأزمة مع الغرب، تصر الصحف المقربة من الحرس الثوري مثل" وطن امروز" على تجاهل هذه الأصوات والسير في الاتجاه المعاكس، حيث دعت اليوم إلى الانضمام إلى مجموعة دول "بريكس" وعنونت بالقول: "الابتعاد عن الغرب عبر الانضمام إلى بريكس" وادعت أن إيران بإمكانها أن تتحول إلى لاعب دولي مؤثر من خلال الانضمام إلى تحالف "بريكس" الذي يضم البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب إفريقيا.
الآن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"آرمان امروز": زيارة بايدن للمنطقة "إنذار نهائي" لإيران
قال المحلل السياسي علي بيكدلي في مقال نشرته صحيفة "آرمان امروز" إن الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي إلى المنطقة تعد بمثابة "إنذار نهائي" وإقامة حجة على طهران، ففي حال لم تتوصل إيران مع الولايات المتحدة الأميركية إلى حل حول برنامجها النووي بعد زيارة بايدن فإنه يتم العمل على خلق إجماع دولي ضدها.
وأضاف الكاتب: "وعلى هذا الأساس فإن زيارة بايدن تعتبر هامة للغاية، وعلى إيران أن تستغل الفرصة المتبقية وتعمل على التوصل إلى اتفاق مع الأطراف الأخرى"، مؤكدا أن إيران لم يعد بإمكانها الاكتفاء بالتعاون مع الدول الأسيوية الصغيرة لمساعدة اقتصادها، فهذه الدول لا تملك الإمكانيات والقدرة الاقتصادية الكافية لمد يد العون إلى الاقتصاد الإيراني.
وتابع بيكدلي بالقول: "حان الوقت لكي ننهي خلافاتنا مع الغرب ونحل المشاكل عبر الدبلوماسية والحوار"، مشيرا إلى تشكيل تحالف في المنطقة يشمل الدول العربية بالإضافة إلى تركيا وإسرائيل وقد يضم العراق مستقبلا، وبالتالي فعلى طهران أن تحتاط في هذا الخصوص وتعمل على خفض التصعيد من الدول الأخرى، حسب الكاتب.
"همدلي": التيار الأصولي يلجأ إلى الكذب وتقديم إحصاءات لا أساس لها
هاجمت صحيفة "همدلي" تقرير صحيفة "إيران" الحكومية حول نسبة الرضا الشعبي عن الحكومة، واتهمت الصحيفة التابعة للحكومة بنشر إحصاءات غير علمية، وذكرت أن الإحصاءات التي استندت عليها الصحيفة لا تتوافق مع الواقع المعاش في الحياة اليومية للناس.
وذكرت الصحيفة أن إصرار هذه الصحيفة على ذكر إحصاءات تتناقض مع الواقع تشبه أسلوب رئيس الجمهورية الذي يصر، وبالرغم كل مظاهر الفشل وزيادة التظاهرات والاحتجاجات، على أن حكومته وخلال فترة وصوله إلى الحكم قد حققت النجاح.
كما انتقدت "همدلي" لجوء وسائل الإعلام والصحف الموالية للحكومة إلى الكذب والتزوير، مشيرة إلى نماذج مثل ادعاء الإعلام الأصولي الهجوم على مترو أنفاق مدينة "تل أبيب" الإسرائيلي في حين أن تل أبيب أصلا لا يوجد فيها مترو أنفاق، أو ادعاء صحيفة "كيهان" بأن أوضاع الشيعة تحت حكم طالبان أصبحت أفضل من السابق في الوقت الذي يتعرض الشيعة لـ"قتل ممنهج" على يد طالبان، حسب تقرير الصحيفة.
"ستاره صبح": الإيرانيات لم يقبلن أساليب النظام في فرض الحجاب الإجباري منذ بداية الثورة
قال محمد جواد حق شناس، الخبير الاجتماعي ورئيس اللجنة الثقافية والاجتماعية في مجلس بلدية طهران سابقا، إن قضية الحجاب يتم طرحها في الشارع الإيراني منذ أربعة عقود ولم يتم التوصل إلى حل لهذه المشكلة الاجتماعية، مؤكدا أن شخصيات كبيرة في الثورة الإيرانية مثل سيد محمود طالقاني لم يكونوا من المؤيدين للحجاب الإجباري الذي تمارسه السلطات الآن، بل كان يرى أنه مسألة شخصية، ويقول إن النساء كانت تحضر إلى الدوائر دون حجاب، ومع ذلك لم تحدث مشاكل.
وذكر حق شناس في مقابلته مع صحيفة "ستاره صبح" أن مجتمع النساء في إيران لم يستطع أن يتقبل فكرة الحجاب الإجباري، ونشاهد كل عام توترا في الشوارع الإيرانية، وهذا التوتر والشجار الناجم عن المضايقات التي تتعرض لها النساء غير المحجبات قد يتحول إلى أزمة اجتماعية، وفي بعض الأحيان وبسبب التعامل العنيف مع النساء قد تصبح المشكلة الاجتماعية مشكلة أمنية على البلاد.
"جهان صنعت": لا يمكن إلزام النساء بالحجاب عبر الإرهاب والحرمان من الخدمات العامة
بدوره وصف محمد فاضل ميبدي، وهو أستاذ في الحوزة العلمية، في مقابلة مع صحيفة "جهان صنعت" سلوك إيران في التعامل مع قضية حجاب النساء بأنه "إسلام طالباني"، مقررا أن الحجاب هو قضية اعتقادية وإذا لم يلتزم أحد بها لا يمكن إجباره من خلال الإرهاب والتخويف أو حرمانه من حقوق المواطنة.
وأضاف محمد فاضل ميبدي أن المسؤولين وبهذه الإجراءات يجبرون النساء على مغادرة البلاد والهجرة.