بدا لافتا أن أهم القضايا التي تتناولها صحف إيران هذه الأيام هي قضية علاقة إيران مع الغرب والشرق، وآليات ضبطها وإدارتها، بحيث تلبي مصالح طهران وتحقق الشعارات التي قامت عليها ثورة عام 1979، حسب هذه الصحف.
ولجأ كثير من الصحف الإصلاحية إلى نقد الوضع الراهن، المتمثل في ميل السلطة في إيران إلى كفة الشرق ممثلا بروسيا والصين، وأهملت نهائيا العلاقات مع الغرب ممثلا بالولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، كما يقول المنتقدون لسياسات النظام الفعلية.
وتحاول الصحف المعارضة لنهج النظام في علاقاته الدولية الاعتماد على المحللين والخبراء في إبراز الانتقادات لهذه السياسة، حيث يؤكد هؤلاء الخبراء على ضرر اعتماد النظام على الشرق وإهماله للغرب، محذرين من التبعات التي ستترتب على هذا النوع من السياسات، كما يسردون تاريخا طويلا من "الخيانات والغدر الذي مارسته روسيا في تاريخها الطويل بحق إيران".
على سبيل المثال تساءلت صحيفة "جهان صنعت" في صفحتها الأولى في عددها اليوم، الثلاثاء 26 يوليو (تموز)، وخاطبت الداعين إلى تعزيز العلاقات مع روسيا، وكتبت نقلًا عن أحد الخبراء السياسيين: "ليقل المدافعون عن روسيا ماذا فعلت هذه الدولة مع إيران؟"، وعنونت "همدلي" إحدى مقابلاتها بـ"الأصوليون المصابون بداء الشرق"، مشيرة إلى وجود رغبة متجذرة لدى أنصار التيار الأصولي في إيران نحو الشرق والعزوف عن الغرب.
فيما تحدثت "شرق" في مقالها الافتتاحي عن ضرورة بناء إيران لعلاقاتها الخارجية على مبدأ التوازن، منوهة إلى أن علاقات طهران الخارجية الآن تفتقر إلى ميزة التوازن، حيث تميل إلى كفة واحدة وتهمل الكفة الأخرى.
أما صحيفة "جمهوري إسلامي" فأشارت إلى خطورة الحديث عن دعم إيران للحرب الروسية الأوكرانية، ومحاولة تبرير دعم طهران لموسكو في حربها على أوكرانيا، في إشارة إلى موقف صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد، والتي دعت صراحة إلى ضرورة مشاركة إيران في الحرب بجانب روسيا لهزيمة الغرب في أوكرانيا.
وقالت "جمهوري إسلامي" إن دعم إيران لروسيا في الحرب الجارية ضد أوكرانيا ستكون له تبعات خطيرة على مستقبل البلاد، وسترمي بإيران في مستنقع عميق ومشاكل لن تستطيع التخلص منها عشرات السنين.
نقرأ الآن بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"همدلي": علاقات إيران التجارية مع أفغانستان تفوق علاقاتها بدول الاتحاد الأوروبي
الخبير في العلاقات الدولية والبرلماني السابق، حشمت فلاحت بيشه، يتطرق في مقابلة أجرتها معه صحيفة "همدلي" إلى تزايد حدة توجه التيار الأصولي في إيران إلى روسيا، لا سيما بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وفشل المفاوضات النووية وتوقفها، موضحا أن في السنوات الأخيرة شهدت العلاقات بين إيران والغرب تراجعا كبيرا.
وذكر أن التبادل التجاري بين إيران وأفغانستان يفوق التبادل التجاري لطهران مع دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يكشف حجم التراجع الكبير في العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع دول الغرب.
وانتقد فلاحت بيشه نظرة الأصوليين للعلاقة بين إيران وروسيا، حيث يعتبرون أن العلاقات بين طهران وموسكو هي علاقات استراتيجية، في حين- يضيف فلاحت بيشه- أن روسيا تنظر إلى علاقاتها بطهران نظرة تكتيكية، لكن بعض الأطراف في إيران يرون العلاقات "حميمة للغاية"، ويتجاهلون في سبيل هذه المزاعم مصالح الأمن القومي الإيراني.
"شرق": فقدان التوازن في علاقات إيران الخارجية
بدوره لفت الدبلوماسي السابق، جاويد قربان أوغلي، في مقاله بصحيفة "شرق" إلى أهمية أن تعمل إيران بتوازن في علاقاتها الدولية، مشيرا إلى الزيارات المكررة لعدد من زعماء وقادة دول العالم إلى طهران خلال الفترة الأخيرة، حيث إن جميع الحاضرين إلى طهران يمكن اعتبارهم ينتمون إلى معسكر واحد، وهو ما يعتبر سياسة غير متوازنة لطهران في علاقاتها الدولية، في وقت باتت فيه الدول تنطلق في سياساتها الخارجية من مبدأ خلق التوازن في العلاقات.
وأضاف الكاتب أن الناظر في علاقات إيران الاقتصادية مع العالم يجد انغلاقا على الغرب وانفتاحا كبيرا على الشرق، حيث نجد أن الأسواق تمتلئ بالسلع والمنتجات الصينية، مع غياب منتجات الدول الأخرى، وهو ما يجعل عنصر المنافسة غائبا في الأسواق الإيرانية.
"صداي إصلاحات": نافذة الاتفاق النووي تتجه نحو الانغلاق
حذّر الكاتب والمحلل السياسي، مهدي ذاكريان، من إضاعة إيران لفرصة الدبلوماسية قبل أن تشكل الولايات المتحدة الأميركية جبهة دولية متكاملة ضد إيران، موضحا أن العالم لم يكن أثناء عهد ترامب مؤيدا للولايات المتحدة الأميركية في سياساتها ضد طهران، لكن الآن قد تغيير الحال وأصبحت واشنطن قادرة على تشكيل رأي عالمي ضد طهران وبرنامجها النووي.
وأضاف ذاكريان، حسبما ورد في صحيفة "صداي إصلاحات"، أن الفرص الدبلوماسية أمام إيران أصبحت تتراجع باستمرار، والأطراف الأخرى بدأت تعمل على زيادة الضغوط على طهران لإجبارها على التراجع عن مواقفها حول الاتفاق النووي.
"ستاره صبح": اقتصاد إيران شبيه بروسيا من حيث الفساد
أشار الخبير الاقتصادي، حسين راغفر، إلى السياسات الخاطئة التي تنتهجها الحكومة ويتحمل الفقراء تبعاتها وآثارها السيئة، مشيرا إلى نسبة التضخم العالية في الشهر المنصرم تجاوزت 54 في المائة، وأكد أن هذا التضخم الكبير هو نتيجة عملية لسياسات الحكومة الخاطئة في إلغاء الدعم عن الدولار، كما أنه سبب مباشر لعدم الاستثمار في قطاع الإنتاج وفقدان للبرنامج والخطط الراشدة.
وعن حجم الفساد في الاقتصاد الإيراني ذكر راغفر في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" أن الاقتصاد في إيران هو شبيه باقتصاد روسيا من حيث الفساد المستشري ينخر فيه، إلا أن روسيا استطاعت أن تستفيد من مواردها الطبيعية عبر اعتماد التخفيضات في الأسواق العالمية وبيع نفطها وغازها في العالم.