نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين إيرانيين وأميركيين، أن النظام الإيراني أمر ميليشياته في المنطقة بخفض هجماتها على أهداف أميركية من أجل تجنب اندلاع حرب مفتوحة مع واشنطن.
وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها، اليوم الثلاثاء 27 فبراير (شباط)، أنه في أعقاب الضربات الجوية الأميركية ردا على مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن، اتخذت إيران إجراءات لاحتواء الميليشيات التي تدعمها في العراق وسوريا.
في البداية، كان هناك قلق من أن يؤدي تبادل العنف هذا إلى تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، لكن المسؤولين الأميركيين يقولون إنه منذ هجمات الولايات المتحدة في 2 فبراير (شباط) لم يتم تنفيذ أي هجمات من قبل الميليشيات المدعومة من إيران على القواعد الأميركية في العراق، وتم الإبلاغ فقط عن هجومين صغيرين في سوريا.
وقبل ذلك، قال مسؤولو البنتاغون إن ما لا يقل عن 170 هجوما استهدف القوات الأميركية خلال 4 أشهر.
ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن الانخفاض النسبي في الأعمال العدائية للميليشيات الإيرانية يعكس القرارات التي اتخذها الجانبان، ويظهر أن طهران تتمتع بقدر كبير من النفوذ على الميليشيات.
وحذرت إدارة جو بايدن طهران صراحة من ضرورة محاسبتها على أي حسابات خاطئة أو عمليات لوكلائها في المنطقة، لكنها تجنبت شن هجوم مباشر على إيران.
وقال الجنرال كينيث ماكنزي جونيور، الرئيس السابق للقيادة المركزية للبنتاغون، في مقابلة صحافية، إن الرد الأميركي على هذه الهجمات قد يكون فعالا إلى حد كبير، لأن الميليشيات التابعة لإيران في المنطقة لم تهاجم المواقع الأميركية بعد تنفيذ هذه الهجمات.
تحول سريع في سياسات إيران
وحسب تقرير "نيويورك تايمز" فإن الهدوء النسبي الذي تشهده المنطقة يشير إلى تحول كبير وسريع في سياسات طهران ونهجها.
وأمرت إيران وكلاءها في المنطقة، بما في ذلك في العراق وسوريا، بمهاجمة القواعد الأميركية في الشرق الأوسط كجزء من معركة أوسع ضد إسرائيل، التي تخوض الآن الحرب مع حماس في غزة.
وقال مسؤولون أميركيون وإيرانيون، لم يتم ذكر أسمائهم، لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه مع تصاعد الهجمات على القواعد الأميركية، شعر قادة إيران بالقلق من أن عمل الميليشيات بشكل مستقل في المنطقة سيؤدي إلى نتائج عكسية ويدفعهم إلى حرب مباشرة.
وأشار المحاضر في جامعة "جورج واشنطن" والخبير في الأمن القومي الإيراني، سينا عضدي، إلى أن السلطات الإيرانية تخشى المواجهة المباشرة مع أميركا، وتعلم أن موت المزيد من الأميركيين يعني بداية الحرب.
ووفقا لتصريحات عضدي، كان يجب على إيران كبح جماح الميليشيات، وإقناعها بأن الحرب مع واشنطن يمكن أن تضر طهران أولا، ثم كل حلفائها وما يسمى بمحور المقاومة.
اجتماعات خاصة لقائد فيلق القدس مع قادة الميليشيات
وقال قائدان إيرانيان في الحرس الثوري الإيراني لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه في أواخر يناير (كانون الثاني)، عقد إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، اجتماعات طارئة في طهران وبغداد مع كبار القادة العسكريين للمجموعات المسلحة لتجنب الصراع مع الولايات المتحدة.
وأكد قاآني في هذه الاجتماعات أن الحرب المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية قد تهدد الهدف بعيد المدى والمتمثل بإخراج الولايات المتحدة الأميركية من المنطقة.
وقال المسؤولان في الحرس الثوري الإيراني إن الميليشيات العراقية، مثل: "كتائب حزب الله" و"النجباء" قاومت في البداية بشدة طلب قاآني بالتوقف عن مهاجمة الأميركيين، وقالت إن الحرب معهم جزء من أيديولوجيتهم وهويتهم، لكن السياسيين العراقيين الرئيسيين، بما في ذلك كبار رجال الدين في النجف، طلبوا من هذه الميليشيات وقف هجماتها على الأميركيين.
وحذر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من أن استمرار مثل هذه الهجمات قد يعطل المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن انسحاب قواتها من العراق.
ونتيجة لذلك، وافقت الميليشيات مثل "كتائب حزب الله" على وقف الهجمات على القوات الأمريكية، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز".
ونتيجة للقاءات قاآني السرية، صدرت أوامر للميليشيات العراقية بوقف الهجمات على القواعد الأميركية في العراق والسفارة الأميركية ببغداد.
وفي سوريا أيضا أمرت إيران الميليشيات بتقليل الهجمات على القواعد الأميركية لتجنب وقوع إصابات.
وقال خبير استراتيجي عسكري في الحرس الثوري الإيراني لصحيفة "نيويورك تايمز" إن إيران تعتقد أن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة ستكون في مصلحة إسرائيل.
وفي وقت سابق قالت نائبة المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، إن إيران لا تريد صراعا إقليميا أوسع، لكنها تدعم الجماعات المسلحة التي تهاجم القوات الأميركية.