تُوفيَّ محمد إمامي كاشاني، عضو مجلس الخبراء، وخطيب جمعة طهران المؤقت، عن عمر يناهز 92 عامًا، دون أي محاسبة في قضايا الفساد المثارة ضده، وهو ما يعد مثالًا على إفلات رجال الدين والشخصيات المتهمة بالفساد من العقاب في النظام الإيراني.
أبقى إمامي كاشاني قضايا فساده سرًا، لكنه لم يستطع إخفاء رغبته القوية في السلطة، وكان يحاول الحفاظ على مناصبه، حتى آخر يوم في حياته، كما رشح نفسه لانتخابات مجلس "خبراء القيادة" الإيراني، مرة أخرى، إلا أنه انسحب من هذا الترشيح؛ بسبب ما سماه "ظروفه الصحية".
من هو إمامي كاشاني؟
ولد محمد آقا إمامي، المعروف بمحمد إمامي كاشاني، في 3 أكتوبر 1931 بمدينة كاشان، التابعة لمحافظة أصفهان في إيران، والده "ميرزا أبوتراب إمام جمعة"، خطيب جمعة كاشان.
بدأ بتعليم الدروس الدينية في الحوزات العلمية في طهران عام 1961، بعد الدراسة في الحوزات العلمية في "قم" لفترة من الوقت، ثم انخرط بعد ذلك في أنشطة سياسية ضد نظام الشاه.
وتم القبض على إمامي كاشاني عدة مرات، ونُفيَّ إلى مدينة كنبد كاووس بشمال إيران عام 1976.
وانضم إلى النواة المركزية لـ "جمعية رجال الدين المناضلين في طهران"، عام 1977، وعمل جنبًا إلى جنب مع الرئيس الإيراني الأسبق، أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد رضا مهدوي كني، رئيس مجلس خبراء القيادة الأسبق؛ مما أدى إلى حصوله على العديد من المناصب بعد ثورة 1979.
دخل إمامي كاشاني الدورة الأولى للبرلمان الإيراني ممثلًا عن مدينة كاشان عام 1979، وبعدها بعام واحد أصبح الخطيب المؤقت لجمعة طهران، وشغل هذا المنصب حتى نهاية حياته.
وفي عام 1982 تولى رئاسة المحكمة الإدارية، وفي العام نفسه تم تعيينه مسؤولًا عن مدرسة ومسجد مطهري من قِبل روح الله الخميني.
أصبحت هذه المدرسة "جامعة" في عام 2010 بموافقة المجلس الأعلى للثورة، وفي العقود الماضية، قامت بتدريب أشخاص يثق بهم النظام.
وحصل الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الذي كان تعليمه مثيرًا للجدل، خاصة خلال حملة الانتخابات الرئاسية، على درجة الدكتوراه من هذه الجامعة التابعة للنظام.
وفي عام 1983، صعد إمامي كاشاني درجات الترقي بوتيرة أسرع، وتولى مناصب جديدة، بالإضافة إلى المناصب السابقة، ومنذ هذا العام أصبح عضوًا في مجلس "خبراء القيادة"، وظل في هذا المنصب 40 عامًا.
وكان أيضًا عضوًا في مجلس صيانة الدستور منذ عام 1983 إلى عام 1999.
يذكر أن مجلس صيانة الدستور هو الذي ينتقي الأشخاص المرشحين للانتخابات، كما يلغي القوانين التي يقرها البرلمان الإيراني، إذا أراد ذلك.
وقبل وقت قصير من وفاة الخميني، أصبح "كاشاني"، رجل الدين القوي، أحد أعضاء هيئة مراجعة الدستور بموجب مرسوم من الخميني نفسه؛ وهذه الهيئة أقرت إصلاحات أدت إلى تعزيز دور المرشد في إدارة البلاد بنظام الجمهورية الإسلامية، وإلغاء شرط المرجعية الدينية؛ مما مهد الطريق لعلي خامنئي لتسلم منصب المرشد.
وفي عهد خامنئي، حصل إمامي كاشاني على المزيد من المناصب السياسية؛ حيث أصبح عضوًا في مجلس تشخيص مصلحة النظام من عام 1996 إلى عام 2006.
مواقف وتصريحات متشددة
اتخذ إمامي كاشاني مواقف قوية في السياسة الداخلية والخارجية للنظام الإيراني، خلال السنوات التي تولى فيها مناصب ومنابر مختلفة، خاصة منبر صلاة الجمعة في طهران.
وكان من أشد المدافعين عن خامنئي ويرفض أي انتقاد له؛ حيث هاجم منتقديه، عام 2016، قائلًا: "الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يوضح بشكل صحيح ما هي الثورة الإسلامية، وما هي عظمتها، وكيف ينبغي الحفاظ عليها، وكيف ينبغي التعامل مع العالم، وما هي خدعة الأعداء" هو مرشد الجمهورية الإسلامية.
وأكد أن رأي أي شخص آخر غير خامنئي في قضايا البلاد "رأي خاطئ".
وفي العام نفسه، وصف إمامي كاشاني الطائقة البهائية بأنها "طائفة قذرة وملوثة وربيبة الاستعمار".
وعلى الرغم من التقارير العديدة عن الفساد المالي لإمامي كاشاني، لم يكتفِ النظام الإيراني بعدم التعامل مع هذه الاتهامات، بل حاول إسكات الأصوات التي طالبت بمحاسبته وعقابه.