عرضت طهران على الخرطوم إمداد الجيش السوداني بحاملة طائرات إيرانية، لإقناع السودان بإنشاء قاعدة بحرية دائمة لإيران على ساحل البحر الأحمر، لكن السودان "رفضت" العرض.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، اليوم، الأحد، 3 مارس (آذار)، عن أحمد حسن محمد، المستشار الاستخباراتي للقائد العسكري السوداني قوله: إن إيران عرضت أيضًا على قادة الخرطوم توفير طائرات مُسيَّرة انتحارية لاستخدامها في قتال قوات الدعم السريع المتمردة، مقابل إنشاء القاعدة العسكرية الإيرانية.
وأضاف، أن الإيرانيين أخبرونا أنهم سيستخدمون هذه القاعدة في السودان "لجمع المعلومات".
وأكد أن الخرطوم "لم تقبل عرض إيران"؛ حتى لا تعرض علاقتها مع أمريكا وإسرائيل للخطر.
وأضاف أن بلاده اضطرت لشراء طائرات إيرانية مُسيَّرة في المعركة مع قوات الدعم السريع، ووصف هذه المُسيَّرات بأنها "دقيقة".
ورفض المتحدث باسم الوفد السياسي الإيراني لدى الأمم المتحدة في نيويورك التعليق على ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم: إن طهران تعتزم استغلال العلاقة مع الجيش السوداني لتعزيز تحالفاتها الإقليمية؛ بهدف استعراض القوة في البحر الأحمر.
وقال السفير الأميركي في الخرطوم، الشهر الماضي، إن إدارة جو بايدن "تشعر بقلق عميق" بشأن إرسال أسلحة إيرانية إلى السودان.
وأشار جيم ريش، السيناتور الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي، إلى أن طهران تعمل بسرعة على توسيع وجودها العسكري في السودان مرة أخرى.
ونقل موقع "سيمافور" الإخباري الأميركي، يوم 29 فبراير (شباط) الماضي، عن مسؤولين أميركيين وغربيين، أن توسيع العلاقات العسكرية بين إيران والسودان يهدد بتصعيد واتساع نطاق الحرب الأهلية في السودان وامتدادها إلى كامل المنطقة.
وذكرت وكالة "بلومبرغ" للأنباء، الشهر الماضي، أن طائرات مُسيَّرة من طراز "مهاجر 6" سلمتها إيران إلى السودان، مما أدى إلى تأجيج الحرب الأهلية في البلاد.
يُذكر أن وجود قاعدة بحرية على شواطئ البحر الأحمر من شأنه أن يُمكِّن طهران من السيطرة بشكل أكبر على الطريق البحري المزدحم، في الوقت الذي يهاجم فيه المتمردون المدعومون من إيران السفن التجارية الدولية.
وكانت السودان تتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران منذ بداية حكم الرئيس السوداني السابق، الجنرال عمر البشير، أواخر الثمانينيات وحتى ثلاثة عقود بعد ذلك، وتشير تقارير دولية عديدة إلى نقل أسلحة إيرانية من السودان إلى الجماعات الفلسطينية المدعومة من إيران في غزة عبر شمال إفريقيا.
وقامت إسرائيل بشن عدد من الغارات الجوية على السودان خلال الفترة نفسها؛ لمنع نقل الأسلحة إلى الجماعات الفلسطينية.
وقطعت الحكومة السودانية علاقاتها مع إيران، في بداية عام 2016، بعد أن توترت العلاقات بين طهران والمملكة العربية السعودية.
وقام الجنرال عبدالفتاح برهان، رئيس المجلس العسكري، الذي تولى السلطة عام 2019 بعد الإطاحة بعمر البشير، بتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة؛ بهدف رفع العقوبات الغربية عن بلاده، حيث كان الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، قد أدرج السودان ضمن الدول المستعدة للتوقيع على اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ولم يتمكن الجنرال برهان من إقناع خصومه السياسيين بإتمام اتفاق السلام مع إسرائيل.
ومنذ بدء الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة، هاجمت قوات الحوثي السفن التجارية على طريق البحر الأحمر وباب المندب وخارجه، بدعوى دعم الفلسطينيين.
وفي الفترة الأخيرة وعلى هامش الحرب الإسرائيلية على غزة، تحسنت علاقات طهران مع الخرطوم من جديد، والتقى وزيرا خارجية ورئيسي البلدين في اجتماعات إقليمية وعالمية.
وتم الإعلان عن استئناف العلاقات بين طهران والخرطوم في التاسع من أكتوبر، العام الماضي، بعد يومين من هجوم حركة حماس على إسرائيل.
ويخوض الجيش السوداني منذ نحو 10 أشهر حربًا أهلية مع قوات الدعم السريع العسكرية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو للسيطرة على الحكومة، وتمكن خلال الأسابيع الأخيرة من استعادة السيطرة على مناطق مهمة في الخرطوم وأم درمان، ثاني أكبر مدينة في البلاد.