أعلنت دول الترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، أن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإيرانيين بشأن قدرات إيران التقنية لإنتاج أسلحة نووية جاءت في الاتجاه المعاكس لإجراءات خفض التصعيد، وتثير المزيد من القلق، وتتعارض مع التزامات طهران القانونية لمعاهدة حظر الانتشار النووي.
وشددت الدول الأوروبية الثلاث، في بيان مشترك اليوم الخميس 7 مارس (آذار)، على أن التقرير الأخير للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، يظهر بوضوح أن التطورات النووية الإيرانية تضر بشكل كبير بالأمن الدولي، وتضعف البنية العالمية لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
وجاء في بيان هذه الدول، وهي من الموقعين على الاتفاق النووي: "سنواصل التشاور مع الشركاء الدوليين حول أفضل حل لتبديد الشكوك المتزايدة بشأن الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي".
وشددت باريس ولندن وبرلين مرة أخرى على التزامها بـ"الحل الدبلوماسي"، واستعدادها "لاستخدام جميع الأدوات الدبلوماسية المتاحة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي".
وأثيرت المخاوف بشأن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإيرانيين حول القدرة على إنتاج أسلحة نووية بعد أسابيع قليلة من تصريحات علي أكبر صالحي، وزير الخارجية السابق والرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
وقال صالحي في فبراير (شباط) الماضي، مؤكدا ضمنيا تحقيق إيران القدرة على صنع قنبلة ذرية: "نمتلك كافة قدرات العلم والتكنولوجيا النووية".
وقد توقفت المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية منذ عدة أشهر.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تزعم فيها السلطات الإيرانية أنها حققت القدرة على صنع قنبلة ذرية.
في يوليو (تموز) 2022، قال كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية ومستشار المرشد علي خامنئي، في مقابلة مع قناة "الجزيرة" الإخبارية، إن إيران تمتلك القدرات التقنية لصنع قنبلة نووية، لكنها لا تنوي القيام بذلك.
وعن قدرات إيران في صنع قنبلة ذرية أضاف خرازي في هذه المقابلة: "في غضون أيام قليلة، قمنا بزيادة مستوى تخصيب اليورانيوم من 20% إلى 60%، ويمكن زيادته بسهولة إلى 90%".
وفي وقت سابق، لم يستبعد محمد إسلامي، الرئيس الحالي لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في مقابلة مع الشبكة نفسها، إمكانية التخصيب لصنع قنبلة، وقال في الوقت نفسه إن قرار تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 90% يعتمد على رأي "الجهات المعنية".
يذكر أن المرشد الإيراني هو القائد الأعلى في إيران، وهو صاحب القرار النهائي في مجال الأنشطة النووية الإيرانية.
وقال المسؤولون الإيرانيون، مرارا، إنه بناء على فتوى أصدرها المرشد الإيراني، فإن صنع قنبلة ذرية ليس على جدول أعمال طهران.
فيما يقول مراقبون دوليون إن الاستناد إلى هذه الفتوى لا يضمن عدم صنع قنبلة ذرية في إيران، وأنه من السهل إلغاء أي فتوى في أي لحظة.
وفي بيانها الأخير، طلبت القوى الأوروبية الثلاث من إيران اتخاذ خطوات جادة وذات مغزى تظهر رغبة حقيقية في وقف التصعيد، وإعادة بناء الثقة اللازمة بين إيران والمجتمع الدولي.
ووصفت الولايات المتحدة، في بيان موجه إلى أعضاء مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأربعاء 6 مارس (آذار)، الأنشطة النووية الإيرانية بأنها "مثيرة للقلق العميق"، ودعت طهران إلى وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء عالية.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأسبوع الماضي، في تقرير سري لأعضائها أن إيران قامت بتخفيف جزء من اليورانيوم لديها بنسبة نقاء عالية، ونتيجة لذلك، انخفض مستوى اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 60% بشكل طفيف في الأشهر الثلاثة الماضية.
وشددت واشنطن في بيانها على أنه "يجب على إيران أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتخفيف كثافة كل احتياطاتها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% وليس مجرد جزء منها".
وطلبت الولايات المتحدة من إيران الوقف الكامل لإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 60%.
ويأتي نشر هذا البيان بعد يومين من تحذير رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في اجتماع مجلس المحافظين، من عدم إحراز أي تقدم في حل قضايا الضمانات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وقال غروسي إن إيران لم تقدم تفسيرا صحيحا من الناحية الفنية حول وجود جزيئات اليورانيوم ذات الأصل البشري في موقعي "ورامين" و"تورقوز آباد"، ولم تبلغ الوكالة الدولية بموقع التخزين الحالي للمواد النووية والمعدات الملوثة.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء في 4 مارس (آذار) أن الدول الغربية لا تنوي تحدي إيران بشكل جدي لعدم تعاونها مع الوكالة في اجتماع مجلس المحافظين.
وبحسب "رويترز"، فإن الولايات المتحدة لا تريد تأجيج التوترات في المنطقة، بسبب الصراع في غزة واستمرار الصراعات في الشرق الأوسط، من خلال تمرير قرار ضد إيران في مجلس المحافظين.