كتب مجتمع الاستخبارات الأميركي في تقريره السنوي أن وفاة المرشد الإيراني، علي خامنئي، يمكن أن تشكل تحديا خطيرا للنظام الإيراني، الذي يتميز بالانقسام بين طبقته الحاكمة، وبحسب هذا التقرير فإن إيران ستظل تشكل تهديدا لمصالح واشنطن.
وفي تقريره السنوي حول تقييم التهديدات ضد الولايات المتحدة، أعلن مجتمع الاستخبارات الأميركي أن إيران ستواصل تهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.
يشار إلى أن مجتمع الاستخبارات الأميركي هو اتحاد يضم 16 وكالة حكومية فيدرالية أميركية منفصلة، لكن تعمل بشكل منفصل للقيام بأنشطة استخباراتية لدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، كتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن التهديدات الإرهابية الجديدة المتعلقة بطهران تظهر في أوروبا.
وصدر التقرير السنوي لمجتمع الاستخبارات الأميركي للجمهور يوم الاثنين 11 مارس (آذار) من قبل جهاز المخابرات الوطنية الأميركية.
وبحسب التقرير، تهدف إيران إلى تعزيز مكانتها الناشئة كقوة إقليمية، وفي الوقت ذاته تقلل التهديدات التي يتعرض لها النظام الإيراني، ومخاطر الصراع العسكري المباشر.
في الوقت نفسه، فإن شيخوخة المرشد علي خامنئي واحتمال حدوث خلاف في الطبقات العليا من السلطة بعد وفاته يشكلان وضعاً خطيراً بالنسبة لطهران.
البرنامج النووي الإيراني
ووفقاً لمجتمع الاستخبارات الأميركية، على الرغم من أن النظام الإيراني لا يتخذ حالياً التدابير "الرئيسية" اللازمة لإنتاج "جهاز نووي قابل للاختبار"، إلا أنه وضع أنشطة على جدول الأعمال يمكن أن تسهل هذه العملية.
وأضاف هذا التقرير أنه في عام 2020، أعلنت إيران أنها لم تعد تعتبر نفسها ملتزمة بالقيود المذكورة في الاتفاق النووي، ومنذ ذلك الحين قامت بتوسيع برنامجها النووي، وتقليص إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
استراتيجية الحرب غير التقليدية التي تتبعها طهران
وتم تخصيص جزء من التقرير السنوي لمجتمع الاستخبارات الأميركية لاستراتيجيات الحرب التي تنتهجها إيران، ودعمها للجماعات الوكيلة لها في المنطقة.
ويذكر التقرير أن النهج الذي تتبعه إيران في الحرب، واستخدام القدرات التقليدية وغير التقليدية سيشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة في المستقبل المنظور، مضيفا: "العمليات الحربية غير التقليدية، وشبكة من الحلفاء شبه العسكريين، والقوات الوكيلة تُمكن إيران من أن تسعى إلى تحقيق مصالحها والحفاظ على عمقها الاستراتيجي إلى حد ما دون تحمل المسؤولية (عن تصرفات الجماعات التي تدعمها)".
ومنذ بداية الصراع بين حماس وإسرائيل يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحاول إيران استهداف مصالح إسرائيل وأميركا في المنطقة بشكل غير مباشر من خلال الميليشيات التي تدعمها.
وتعد جماعة الحوثي في اليمن إحدى هذه الجماعات التي هددت أمن الملاحة في المنطقة من خلال مهاجمة السفن الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.
إن نطاق التهديدات الإيرانية لا يقتصر على الشرق الأوسط، فقد كتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها، الثلاثاء 12 مارس (آذار)، أنه منذ بداية الصراع في غزة، منعت الدول الأوروبية العديد من الهجمات الإرهابية من خلال تحديد العناصر المتطرفة.
وبحسب هذا التقرير، ففي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، اعتقلت قوات الأمن في النمسا والبوسنة مجموعة من المهاجرين الأفغان والسوريين بتهمة التخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية.
كما تم القبض على مجموعة من المواطنين الطاجيكيين لمحاولتهم استهداف كاتدرائيتين في ألمانيا والنمسا خلال عيد الميلاد.
ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن اعتقال الطاجيكيين المشتبه بهم يثير مخاوف من أن إيران والجماعات الوكيلة لها ستستغل الوجود المتزايد للاجئين في أوروبا لزيادة نفوذها في المنطقة.
استراتيجيات الأسلحة للنظام الإيراني
وقد تمت الإشارة إلى خطط إيران لإنتاج وشراء الأسلحة في التقرير السنوي لمجتمع الاستخبارات الأميركي.
وأفاد هذا التقرير أنه تم مؤخراً تزويد طهران بطائرة تدريب متقدمة، ومن المحتمل أن تسعى إلى الحصول على أنظمة أسلحة تقليدية جديدة، مثل الطائرات المقاتلة المتقدمة والمروحيات والدبابات القتالية المهمة.
ومع ذلك، فقد أدت القيود المفروضة على الميزانية إلى تقليل سرعة وكمية مشتريات طهران من الأسلحة.
وأضاف مجتمع الاستخبارات الأميركي أن الصواريخ والطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي والقدرات البحرية الإيرانية ستظل تشكل تهديدًا للأصول التجارية والعسكرية للولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.
وبحسب هذا التقرير، تمتلك إيران أكبر مخزون من الصواريخ الباليستية في المنطقة، وتحاول تحسين دقة صواريخها ومداها وقدرتها على التدمير.
وقد وُصِف تعزيز العلاقات بين إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية في مجال الاقتصاد والإنتاج الدفاعي بأنه تحد كبير للولايات المتحدة وحلفائها.
وأعلن وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، في 5 مارس (آذار)، استنادا إلى معلومات وردت في لندن، أن إيران زودت روسيا بصواريخ باليستية أرض-أرض.
واتُهم النظام الإيراني، الذي يعتبر أحد الحلفاء الرئيسيين لموسكو، بإرسال الطائرات المسيرة الانتحارية "شاهد 131" و"شاهد 136" إلى روسيا لاستخدامها خلال الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.
وفي 11 مارس (آذار)، أعلنت روسيا أن مجموعة من سفنها الحربية دخلت المياه الإيرانية للمشاركة في مناورة مشتركة لمدة خمسة أيام مع إيران والصين في مياه عمان والمحيط الهندي.
تورط إيران في الهجمات السيبرانية
ووفقا للتقرير السنوي لمجتمع الاستخبارات الأميركي، فإن خبرة إيران المتزايدة واستعدادها لتنفيذ هجمات إلكترونية جعلت منها تهديدا كبيرا لأمن شبكات وبيانات الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها.
وبالإشارة إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة عام 2024، أكد هذا التقرير أن إيران قد تنفذ عملية تسلل بهدف التأثير على هذه الانتخابات.
وحذرت شركة الأمن السيبراني المعروفة "كراود سترايك" في 23 فبراير (شباط) من أن النظام الإيراني، باعتباره نظاماً مهتماً بالتدخل في الأحداث السياسية للولايات المتحدة، ربما يخطط للتأثير على الانتخابات المقبلة في أميركا.
وفي وقت سابق، أعلن مركز تحليل التهديدات التابع لشركة مايكروسوفت، عن احتمال تدخل إيران وروسيا والصين في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
التحديات التي تواجه النظام الإيراني
وفي تقرير مجتمع الاستخبارات الأميركي، تمت مناقشة التحديات التي تواجه النظام الإيراني.
ومن التحديات التي تواجهها طهران: سوء الإدارة، والعقوبات الدولية، وارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الريال، وانخفاض القوة الشرائية للأسر، وتغير المناخ، ونقص الموارد المائية، وتباطؤ النمو الاقتصادي للصين- باعتبارها المشتري الرئيس للنفط الإيراني- وزيادة العجز في الميزانية، وانخفاض الاستثمار الحكومي في البنية التحتية للطاقة والمياه والكهرباء.