وصف العشرات من المواطنين الإيرانيين، من خلال رسائلهم إلى “إيران إنترناشيونال”، إعادة أرض كاظم صديقي، التي تبلغ قيمتها مليارات التومان إلى حوزة الخميني، بأنها مثال على “استيلاء النظام على ممتلكات الشعب”، وأشار آخرون إلى “الفساد المنهجي” الذي أصبح جوهر نظام الجمهورية الإسلامية.
وكانت وثائق قد نُشرت في الأيام الأخيرة من العام الإيراني الماضي، أظهرت قيام خطيب جمعة طهران، كاظم صديقي، بالاستيلاء على حديقة بمساحة 4200 متر مربع بجوار حوزة “الإمام الخميني” في ازغول بطهران من خلال تأسيس شركة عائلية تدعى “بيروان أنديشه هاي قائم”.
وأعلنت هذه الحوزة، في بيان لها، أمس، الجمعة، إعادة هذه الأراضي إلى الحوزة.
وفيما يتعلق بهذه القضية، سألت “إيران إنترناشيونال” متابعيها عما إذا كانت إعادة الأرض من “صديقي” إلى الحوزة ستنهي فساد الاستيلاء على الأراضي.
وقارن العديد من المواطنين طريقة تعامل النظام مع قضية استيلاء “صديقي” على الأراضي بالعقوبات المفروضة على السرقات الأصغر بكثير، التي يرتكبها مواطنون عاديون.
وقال هؤلاء المواطنون: إن النظام الإيراني ينفذ بسهولة حكم “قطع الأيدي”، لمن يرتكب السرقات البسيطة؛ بسبب الفقر والبطالة، لكن جريمة “صديقي” تُمحى من ملفه بإعادة الأراضي المسروقة.
وفي هذا السياق قال الباحث الحقوقي محسن برهاني، أمس الجمعة، إن الندم بعد ارتكاب الجريمة- حتى لو تم بعد دقائق معدودة من ارتكابها- لن يكون ذا تأثير على تحقق الجريمة وحدوثها، وفي قضية كاظم صديقي فإن جريمة نقل ملكية أراضي الغير قد تحققت بالفعل ولا تأثير لندم مرتكبها (ممثل المرشد كاظم صديقي).
عدم الثقة في رواية النظام حول إعادة الأراضي
أبدى عدد من المواطنين في رسائلهم، التي تلقتها “إيران إنترناشيونال”، عدم ثقتهم في رواية النظام حول إعادة الأراضي المسروقة إلى الحوزة.
وقال أحد المتابعين في هذا الصدد: “أولاً، لا يوجد أي مستند أو دليل على أن هذا الشخص قد أعاد الأرض، حتى لو أحضر الدليل وأظهره، فلن يصدقه أحد، لأن شعب إيران لا يثق بسلطات النظام ولو بنسبة 1%”.
وأشار مواطن آخر إلى أن حوزة الخميني أعلنت هذا الخبر خلال عيد النوروز والعطلة الرسمية للقطاع الحكومي دون تقديم وثيقة حول هذا الادعاء.
وذكر أحد المواطنين المثل القائل: “توبة الذئب هي الموت”، وقال: “ربما أعاد صديقي هذه الأرض، لكن تأكد أنهم بدلاً من ذلك وعدوه بأرض أخرى مساحتها 10 آلاف متر، وزوروا توقيعه في الوثيقة سرًا!”.
“من الجيب إلى الجيب”
وأجمع عدد من الرسائل على أنه حتى لو كانت قصة إعادة الأرض من “صديقي” لحساب الحوزة، صحيحة، فهي مثال على “الأخذ من جيب ووضعها في جيب آخر”، وكان محور العديد من الرسائل هو انعدام الثقة التامة في قدرة النظام على إقامة العدل في هذه القضية.
وقال أحد المواطنين: إن أيادي جميع المسؤولين في إيران في وعاء واحد.
وذكر مواطن آخر أنهم ربما كانوا يقصدون التقليل من فضيحة السرقة بفعلهم هذا، لكن بهذا السلوك والفعل انتشرت فضائحهم أكثر أمام الناس بمائة مرة.
الفساد المنهجي في نظام الجمهورية الإسلامية
وقال العشرات من المواطنين، في رسائلهم إلى “إيران إنترناشيونال”، إن القضية تتجاوز ملف استيلاء كاظم صديقي على الأراضي، وأكدوا أن الفساد في الجمهورية الإسلامية أمر منهجي، وحتى لو تم حل هذه القضية والانتهاء منها، فإنها ستظهر في مكان آخر.
وأكد مواطن: إذا كان الأمر يتعلق بالاستيلاء على الأراضي، فإن الملالي احتل إيران بأكملها منذ 45 عامًا، وهذه القضية أكبر بكثير من أرض الحوزة”.
وأضاف: من أجل حل جذور هذا الفساد، من الضروري “استعادة إيران بأكملها من الجمهورية الإسلامية”.
وأكد أحد متابعي “إيران إنترناشيونال” أن المسؤولين والقادة يعتبرون إيران ومواردها “غنيمة” يجب عليهم نهبها قدر الإمكان.
ووصف الوصول إلى منصب الإدارة العامة بأنه فرصة للسرقة والاختلاس، وقال: إن قضية صديقي واحدة من آلاف حالات الفساد التي يمارسونها كل يوم، وكشف سرقاتهم لا يحرجهم، بل يزيدهم وقاحة.
وأشار مواطن آخر إلى أن ممتلكات الشعب الإيراني هي بمثابة فكة سائبة في جيوب المسؤولين، وقال: “الله أعلم ماذا يفعلون في الكواليس. لقد باعوا البلاد وانتهى الأمر”.
وقال أحد المتابعين، مستذكرًا المثل الشهير “من كان أساسه سيئًا لا يصبح جيدًا”، إن الأمور مختلة من جذورها، وطالما أن الجمهورية الإسلامية قائمة، سيكون هناك أشخاص مثل “صديقي”.
وأضاف آخر، أن الفساد المنهجي قد تجذر، وأصاب وجود النظام بأكمله مثل “السرطان المتقدم”.
وأكد آخر أن الفساد له مكانة خاصة بين قادة النظام الديكتاتوري الإيراني، وأنه لن يكون هناك تغيير في وضع إيران، ما لم تتم الإطاحة بهذا النظام.
يُذكر أن كاظم صديقي، هو أحد تلامذة محمد تقي مصباح يزدي، عضو مجلس خبراء القيادة سابقًا، وزعيم التيار الديني المتشدد في إيران، وقال عدة مرات: إن المرشد علي خامنئي كان على علاقة بالإمام الثاني عشر للشيعة.
ورغم الكشف عن فساده المالي، فإنه لا يزال مقرباً من خامنئي، وكان من بين الحاضرين في كلمة المرشد في اليوم الأول من عيد النوروز في “حسينية الخميني”.