نشرت وسائل الإعلام، المستقلة نسبيًا في طهران، انتقادات حادة وتحذيرات شديدة من خبراء إيرانيين بشأن العام الإيراني الجديد، الذي بدأ في 20 مارس الجاري، لاسيما في المجال الاقتصادي، بعد خطاب خامنئي بمناسبة عيد النوروز، وتباهيه بالإنجازات التي لا تمت بصلة إلى أرض المواقع، حسب قولهم.
وتشير مثل هذه الانتقادات إلى تحول ملحوظ، يوحي بأن النظام الإيراني فقد فعليًا سلطته وسيطرته على إقناع العامة، كما في السابق، خاصة في ظل المشهد الإعلامي الذي يسيطر عليه النظام مباشرة، بعد رسائل المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي؛ بمناسبة العام الجديد.
وكان خامنئي قد تحدى في رسالته، بمناسبة العام الجديد، الولايات المتحدة وإسرائيل، وزعم أن التفوق الأميركي في الشرق الأوسط آخذ في التراجع، كما أنه افتخر بالانتخابات الأخيرة التي جرت في إيران، على الرغم من أن وسائل الإعلام والمراقبين السياسيين الإيرانيين وصفوها بأنها الأسوأ في تاريخ نظام الجمهورية الإسلامية من حيث نسبة المشاركة والتمثيل.
وتزامنًا مع ذلك، قدم الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في رسالته بمناسبة السنة الجديدة الإيرانية، التي تم تجاهلها بشكل كبير، كالمعتاد أرقامًا مفبركة حول التقدم الاقتصادي، خصوصًا في مجالات الإسكان والتوظيف، في حين يتحدث الجميع عن تراجع مستويات المعيشة.
وقدم الخبراء عرضًا لتدهور العلاقات الخارجية، وشددوا على فشل النظام الاقتصادي، وطالبوا بتغييرات جذرية في سياسات الحكومة، في تقرير نشره موقع "خبر أونلاين" الإخباري، الإيراني، في 21 مارس (آذار)، ثاني أيام العام الإيراني الجديد.
وأعرب الدبلوماسي الإيراني السابق، فريدون مجلسي، في حديثه للموقع، عن مخاوفه من تراجع مكانة إيران الدولية مع تدهور الأوضاع الاقتصادية.. مسلطًا الضوء على عزلة إيران طوال العام الماضي، وفشلها في إقامة علاقات دبلوماسية فعالة مع الدول الأخرى.
وأكد أن سياسة إيران الخارجية تدور في الغالب حول علاقاتها مع الدول العربية، وموقفها من الصراع في غزة، متجاهلة الجهود المبذولة لإصلاح علاقاتها المتوترة مع الدول الغربية.
ودعا الدبلوماسي الإيراني السابق إلى إعادة تقييم السياسة الخارجية لخدمة المصالح الوطنية للبلاد بشكل أفضل.. مشيرًا إلى افتقار إيران إطارًا متماسكًا للسياسة الخارجية، تتخطى علاقات دبلوماسية محدودة لم تتجاوز سوريا وحفنة من الدول الإفريقية، قائلًا: إن الدول الأخرى إما تطبق سياسة التسامح مع طهران أو قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها تمامًا.
وأضاف، أنه على الرغم من أن الدبلوماسيين الإيرانيين يتحدثون مرارًا عن استعدادهم لإحياء المحادثات النووية، فإنه لم يتم إحراز أي تقدم على الإطلاق في هذا المجال.
من جانبه، انتقد الخبير في العلاقات الدولية، علي رضا بيغدلي، العلاقات الأحادية الجانب التي تربط إيران بروسيا والصين، مؤكدًا أن الشرق لا يمكنه مساعدة إيران بشكل فعال في إحياء اقتصادها المتعثر.
وأكد أنه عندما تولى جو بايدن منصبه كرئيس للولايات المتحدة، تعهد بالدخول في مفاوضات مع إيران لحل الأزمة النووية، لكن طهران أضاعت هذه الفرصة بسبب تورطها في أزمات إقليمية، ولم تحرز أي تقدم.
وأشار إلى أن إيران ابتعدت عن الاتحاد الأوروبي، مع ذلك امتنعت أوروبا عن إصدار قرارات قاسية ضد طهران فقط، لأن واشنطن لا تريد التصعيد، وقال إن إيران لا يمكنها تحسين علاقاتها الخارجية إلا عندما تستقر علاقاتها مع الغرب.
من ناحية أخرى، دعا الخبير الإيراني في العلاقات الخارجية، قاسم محب علي، إلى إعادة تقييم شامل للسياسة الخارجية الإيرانية في العام الجديد.
وأشار إلى أن إيران فقدت السيطرة على المفاوضات النووية العام الماضي، مما أدى إلى تشديد العقوبات.
وأعرب عن قلقه من أنه مع عودة دونالد ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض، بإمكان إيران أن تكون أكثر يقظة من أي وقت مضى بشأن علاقاتها مع واشنطن.
وانتقد افتقار وزارة الخارجية الإيرانية لاتخاذ القرارات المصيرية في القضايا السياسة الخارجية المهمة، حيث إن الجهات الفاعلة الأخرى، مثل خامنئي والحرس الثوري، تقود البلاد نحو التحالف مع روسيا والصين وتعرقل اتباع نهج متوازن في الشؤون الخارجية.