أظهرت وثيقة جديدة عن ملف فساد كاظم صديقي خطيب جمعة طهران والمقرب من المرشد خامنئي، أنه حاول بيع الأراضي التي استولى عليها والتي يقدر سعرها بألف مليار تومان بنحو 6.6 مليارات تومان فقط.
يذكر أن كاظم صديقي من الشخصيات المتشددة في النظام الإيراني، وخطيب جمعة طهران، ورئيس مقر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومؤسس ومدير حوزة الخميني.
وكان صديقي يعمل رئيسًا للنيابة العامة والمحكمة العليا للقضاة، ونُشرت تقارير عن دوره في إعدام السجناء السياسيين في الثمانينيات.
وبحسب الوثائق، التي نشرها الصحافي المعارض والمدير السابق لـ"معماري نيوز"، ياشار سلطاني، فإن صديقي، من خلال تأسيس شركة عائلية تدعى "بيروان أنديشة هاي قائم"، قام بالاستيلاء على حديقة بمساحة 4200 متر مربع بجوار حوزة الخميني في أزغول طهران.
ونشر سلطاني صورة جديدة لوثيقة بيع هذه الأراضي بتاريخ 10 ديسمبر (كانون الأول) عام 2023، ويظهر اسم صديقي كبائع لهذه الأراضي، فيما كان المشتري جواد عزيزي ومحمد مهدي رجبي صديقي (نجل صديقي).
ويظهر سعر هذه المعاملة أنه تقرر بيعها بـ6.6 مليارات تومان وبشكل "نقدي".
وتأتي هذه الصفقة بعد شهر من تأسيس صديقي لشركة عائلية بمشاركة أفراد من عائلته وعدد من مسؤولي فريق حراسته.
وكتب الناشط الإعلامي ياشار سلطاني أن السعر الحقيقي لهذه الأراضي يقدر بـ1000 مليار تومان وليس 6.6 مليارات فقط.
وأضاف: "الأمر الأهم هو دفع مبلغ 6.6 مليارات تومان كمبلغ المعاملة، وهو ما ورد في المستندات المنشورة والتي ذكرت أنه يتم تسليمه للبائع نقدا"، مشككا في صحة تبادل مثل هذا المبلغ الكبير بشكل نقدي.
وقد أسس كاظم صديقي، قبل 20 عامًا، حوزة علمية سماها "أزكل" على أرض مساحتها 20 ألف متر مربع بالقرب من مدينة "تجريش" في طهران، ومعظمها تابع لمنظمة الأوقاف وبلدية العاصمة.
ردود فعل واسعة
وبعد انتشار هذا الملف وإثارته جدلا واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي بعث خطيب جمعة طهران، كاظم صديقي، رسالة إلى المدعي العام في إيران لتبرير القضية، وقال: "ما حدث كان دون علمي، وتوقيعي تم تزويره من شخص كنت أثق به".
لكن مدير حوزة الخميني، حسن مرادي، التابعة لصديقي قال إن خطيب جمعة طهران، كاظم صديقي، وقَّع شخصيًا على وثيقة نقل الأرض إلى الشركة العائلية الخاصة به.
وأضاف مرادي، مدير حوزة الخميني المملوكة لكاظم صديقي، في تسجيل صوتي، ان صديقي وقّع شخصيًا على وثيقة نقل الأرض من الحوزة إلى الشركة العائلية الخاصة به.
وأشار مرادي، إلى أنه كان من المفترض أن يبنوا مجمعًا تعليميًا في هذا المكان، ولتسهيل هذا العمل والحصول على الأموال، قاموا بتسجيل مؤسسة، ومن خلال نقل الأرض باسم المؤسسة التعليمية، يحصلون على مساعدة مالية من وزارة التعليم.
وأكد مرادي أنه كان يعلم منذ البداية أنه إذا سجلت الأرض باسم الحوزة فلن يساعد أحد في بنائها، وأضاف: "في ذلك الوقت قررنا أن نقول إن هذه مؤسسة تعليمية لنتمكن من جلب المساعدات".
وقبل ذلك، كانت حوزة الخميني قد نشرت بيانًا أكدت فيه أن صديقي حضر إلى المكتب، ووقَّع على وثائق نقل ملكية حديقة الحوزة العلمية إلى الشركة المملوكة له ولأبنائه.
السلطة القضائية لم تفتح تحقيقا حتى الآن
وأثارت قضية صديقي وملف فساده ردود فعل واسعة بين الإيرانيين والنشطاء الإعلاميين، ومع ذلك لم تعلن السلطة القضائية بعد فتح ملف تحقيق في هذا الملف المثير للجدل.
وفي رسائل لقناة "إيران إنترناشيونال" قارن مواطنون بين تعامل السلطات مع الجرائم والمخالفات القانونية التي يرتكبها المواطنون العاديون وبين تعاملها مع ملف صديقي.
وقال مواطن للقناة إن النظام الحاكم يطبق بكل أريحية حكم "قطع اليد" على السارق الفقير الذي يدفعه الجوع والعوز إلى هذه المخالفة، بينما يغض الطرف عن ملف فساد صديقي وأمثاله.
ونشر المحامي محسن برهاني، الأستاذ المقال من جامعة طهران، مقالًا بعنوان "رائحة التستر" على قناته في "تلغرام"، وقال: "إن هناك احتمالًا للتستر في قضية استيلاء صديقي على الأراضي".
وأشار إلى أن الحوزة، أعلنت في بيانين، أنها تقوم بإعادة 4200 متر من الأراضي إلى الحوزة، وقال إن الندم ولو بعد دقائق من ارتكاب الجريمة لا تأثير له في تحققها، وجريمة نقل الملكية إلى الغير قد وقعت وانتهى الأمر.
وبحسب قول هذا المحامي، فإنه بعد أشهر قليلة من ارتكاب الجريمة، وبعد الكشف عنها، فإن ادعاء إعادة الأرض لا يؤثر على الجريمة، وإذا تحققت إعادة الأرض يمكن اعتبارها من حالات التخفيف في العقاب.
يشار إلى أن صديقي، وهو أحد تلامذة محمد تقي مصباح يزدي، عضو مجلس خبراء القيادة، سابقًا، وزعيم التيار الديني المتشدد في إيران، ادعى عدة مرات، بما في ذلك في يوليو (تموز) 2012، أن المرشد علي خامنئي، كان على علاقة بالإمام الثاني عشر للشيعة، وبعد وفاة مصباح يزدي، قال في أحد البرامج التليفزيونية، إن مصباح عاد للحياة في مغسلة الأموات.
وعلى الرغم من الكشف عن فساد صديقي المالي، فإنه لا يزال مقربًا من خامنئي، وكان من بين الحاضرين في خطاب المرشد في اليوم الأول من عيد النوروز في "حسينية الخميني".