عكست الزيارة التي قام بها قادة حماس والجهاد إلى إيران الأسبوع الماضي النفوذ المتزايد لطهران في القضية الفلسطينية، وذلك بعد نحو 6 أشهر من هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، والذي خلف حتى الآن الآلاف من القتلى في غزة والمدن الأخرى، أغلبهم من النساء والأطفال.
وأجرى إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وزياد نخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، محادثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين، في أجواء إعلامية وسياسية غالبا ما تكون مخصصة لرؤساء الدول والوفود الرسمية.
وقام كل من هنية ونخالة أثناء زيارتهما ومقابلتهما المسؤولين في طهران بالثناء على دعم إيران للمجموعات الفلسطينية .
وقال هنية بعد لقائه وزير الخارجية والمرشد خامنئي: "إن إيران تقف في طليعة الداعمين لقضية فلسطين وشعبها".
وأضاف: "أتقدم بالشكر الخاص إلى المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس والشعب الإيراني".
لكن نخالة ذهب إلى أبعد من ذلك. حيث نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) قوله إن "الدبلوماسية الإيرانية النشطة كان لها دور كبير في تعزيز موقف المقاومة الفلسطينية".
وتتجنب إيران الصراع المباشر مع تل أبيب، على الرغم من أنها أطلقت العنان لمجموعات تعمل لها بالوكالة في المنطقة لمهاجمة إسرائيل والشحن الدولي. لكنها لعبت دوراً رئيسياً في الحرب وإطالة أمدها، وخاصة من خلال توفير المال والأسلحة والتدريب لحماس والجهاد الإسلامي، وهو ما يؤدي إلى تعزيز مكانتهما السياسية أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية، التي تعتبر الأكثر تضررا من زيادة نفوذ الحركتين.
النظام الإيراني يبذل كل ما في وسعه لترجيح كفة ميزان القوى بين الفصائل الفلسطينية لصالح حماس والجهاد الإسلامي اللتين تعتبرهما طهران صديقتين وحليفتين استراتيجيين، على النقيض من حركة فتح والسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس البالغ من العمر 88 عاما.
ولم يتم الكشف عن تفاصيل اللقاءات الثنائية لهنية ونخالة مع المسؤولين في طهران، لكن يمكن فهم أن هذه اللقاءات، التي نظمها المضيفون في طهران كحدث رئيسي، على أنها "عرض" لمكانة وتأثير النظام الإيراني في القضية الفلسطينية وما يحدث في غزة والقطاع حتى الآن .
زيارة هنية ونخالة جاءت متزامنة بحدثين مهمين بالنسبة للتحركات الإيرانية بشأن القضية الفلسطينية. الأول هو "يوم القدس"، المناسبة التي تحييها طهران منذ عقود في آخر جمعة من شهر رمضان، ويبدو هذا وكأنه محاولة أخرى من جانب طهران للتأكيد على موقفها باعتبارها الجهة الأكبر التي تحرك الخيوط في القضية الفلسطينية.
والثاني هو أن الزيارات جاءت أيضاً في وقت تهدد فيه إسرائيل بالمضي قدماً في هجومها على حماس في غزة ورفح. وستكون الهزيمة الكاملة لحماس والجهاد الإسلامي بمثابة انتكاسة كبيرة لإيران التي استثمرت أكثر من عقدين من الدعم لمحاربتها إسرائيل بالوكالة عبر ما تسميها بـ"فصائل المقاومة".
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قال خلال لقائه مع هنية الأسبوع الماضي، إن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتردد في دعم القضية الفلسطينية وشعب غزة المظلوم والصامد".
وما لم يقله خامنئي هو أن "قضية فلسطين" هي وسيلة أخرى لتعزيز مصالح النظام الحاكم في طهران على حساب الرجال والنساء والأطفال في إيران وخارجها.