قالت وكالة "رويترز"، في تقرير لها، إن إيران تواجه معضلة كبيرة بعد أن هاجمت إسرائيل قنصليتها في دمشق، وقد نشأت هذه الأزمة من صعوبة اتخاذ القرار للرد على هذا الهجوم.
ويرى مراقبون أن تصعيد الصراع في المنطقة ليس على جدول أعمال إيران حاليا، وهو ما يجعلها أمام تحد واضح يتمثل في طبيعة الرد الذي يحفظ ماء وجهها، وفي الوقت نفسه لا يورطها في حرب مباشرة مع إسرائيل.
وخلال الهجوم الذي وقع يوم الاثنين 1 نيسان (أبريل)، على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، قُتل سبعة قادة وضباط في الحرس الثوري، من بينهم محمد رضا زاهدي قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري، في سوريا ولبنان.
ويحمّل المسؤولون الإيرانيون إسرائيل مسؤولية هذا الهجوم، ويتوعدون بالرد والانتقام من تل أبيب التي لم تتبن حتى الآن مسؤولية الهجوم.
وذكرت "رويترز" في تقرير لها أن لدى طهران خيارات للرد على إسرائيل، منها: أن تأمر الجماعات المسلحة التابعة لها بمهاجمة المواقع الأميركية في المنطقة أو استهداف إسرائيل بشكل مباشر.
كما تستطيع طهران زيادة وتيرة برنامجها النووي، وهي خطوة سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ فترة منع وإجبار إيران على التراجع عنها.
وقال بعض المسؤولين الأميركيين لـ"رويترز" إن واشنطن تراقب الوضع في المنطقة عن كثب بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير، لمعرفة ما إذا كانت الجماعات الوكيلة لإيران ستهاجم القوات الأميركية المتمركزة في العراق وسوريا كما فعلت في الماضي.
وطلب هؤلاء المسؤولون عدم الكشف عن هوياتهم نظرا لحساسية الأمر.
وتوقفت هجمات الميليشيات المدعومة من إيران في فبراير (شباط) من هذا العام، وذلك بعد أن نفذت الولايات المتحدة ضربات انتقامية ضد مواقع هذه الجماعات إثر مقتل 3 جنود أميركيين على الحدود الأردنية السورية.
ووفقا لمسؤولين أميركيين، لا توجد حتى الآن معلومات حول النية المحتملة للوكلاء إيران لمهاجمة القوات الأمريكية في المنطقة، ردا على القصف الإسرائيلي الذي طال القنصلية الإيرانية في دمشق.
وحذرت واشنطن، الثلاثاء 2 أبريل (نيسان)، طهران من مهاجمة القوات الأميركية في المنطقة.
وقال نائب الممثل الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود: "لن نتردد في الدفاع عن قواتنا، ونجدد تحذيراتنا السابقة لإيران ووكلائها من السعي إلى استغلال الوضع الراهن للقيام بهجمات ضد القوات الأميركية".
وأوضح مصدر مطلع، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ"رويترز" أن إيران تواجه معضلة لأنها، من ناحية، تخطط للانتقام من أجل خلق الردع ومنع العمليات الإسرائيلية المستقبلية، ومن الجانب الآخر تريد تجنب حرب شاملة مع إسرائيل.
وأضاف المصدر أن السلطات الإيرانية تحاول التخفيف من رد فعلها على الهجوم الإسرائيلي، بما يظهر أنها قامت بالرد المنتظر لكن دون أن يؤدي ذلك إلى تصعيد.
ووفقا للمصدر ذاته فإن الأراضي الإسرائيلية والسفارات الإسرائيلية والمنشآت اليهودية في أجزاء مختلفة من العالم يمكن أن تكون أهدافًا محتملة للنظام الإيراني.
وأكد أنه إذا لم ترد إيران على الهجوم الإسرائيلي في هذه الحالة، فسيكون ذلك إشارة إلى أن النظام الإيراني ليس سوى "نمر من ورق" في مجال الردع.
وقال مسؤول أميركي أيضًا إنه نظرًا لأهمية الهجوم الإسرائيلي الأخير، قد تضطر إيران إلى استهداف المصالح الإسرائيلية وليس الجنود أو القواعد الأميركية انتقاما لاستهداف قنصليتها.
ويرى خبير شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية إليوت أبرامز، أن طهران لا تسعى إلى حرب واسعة النطاق مع إسرائيل، لكن هناك احتمال أن تهاجم أهدافا إسرائيلية.
وأضاف أبرامز: "أعتقد أن إيران لا تريد حرباً كبيرة بين حزب الله وإسرائيل في الوقت الحالي. ولذلك، فإن رد إيران على الهجوم الإسرائيلي لن يظهر في شكل عمل واسع النطاق من قبل حزب الله".
وبحسب هذا الخبير في شؤون الشرق الأوسط، فإن طهران قد تلجأ إلى خيارات أخرى مثل تفجير السفارات الإسرائيلية.
وكتبت "رويترز" في تقريرها أن الرد المحتمل الآخر لإيران قد يكون تطوير برنامجها النووي، لكن هناك خطوتين فعالتين في هذا الخيار؛ زيادة نقاء اليورانيوم المخصب إلى 90٪ وإحياء الجهود لإنتاج قنبلة ذرية، ويمكن أن يأتي ذلك بنتائج عكسية ويؤدي إلى هجوم من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأضاف أنه لا يعتقد أن إيران مستعدة لقبول مثل هذه المخاطرة في المرحلة الحالية.
وتوقع جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن طهران لن يكون لديها رد فعل كبير على الهجوم الإسرائيلي الأخير.
وبحسب ألترمان، تسعى إيران أن تثبت لحلفائها في الشرق الأوسط أنها ليست ضعيفة أكثر من رغبتها في الانتقام من إسرائيل.