قال مصدر عسكري سوداني كبير إنه بعد مرور عام على الحرب الأهلية في السودان، ساعدت الطائرات العسكرية المسيرة الإيرانية الصنع الجيش على تحويل دفة الصراع لصالحه. ويقع السودان على شواطئ البحر الأحمر ويعتبر مكانا رئيسيا لتنافس القوى العالمية، بما في ذلك إيران، في خضم حرب الشرق الأوسط.
وأكد مصدر مقرب من الجيش السوداني لم يذكر اسمه لوكالة "رويترز" للأنباء أن الطائرات المسيرة الإيرانية مكنت الجيش السوداني من منع تقدم الميليشيات المنافسة له.
وقال ستة مسؤولين في المنطقة وعدة دبلوماسيين إيرانيين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لوكالة "رويترز" للأنباء، إن الجيش السوداني تمكن من الحصول على طائرات مسيرة إيرانية الصنع في الأشهر القليلة الماضية.
واستخدمت القوات العسكرية السودانية بعض الطائرات القديمة المسيرة إلى جانب المدفعية والطائرات المقاتلة في الأشهر الأولى من الحرب الأهلية، لكنها لم تحقق نجاحًا يذكر في استئصال مقاتلي قوة الدعم السريع المتمركزين في الأحياء المكتظة بالسكان في الخرطوم ومدن أخرى.
ووفقا لقول خمسة شهود عيان يعيشون في الخرطوم، في يناير(كانون الثاني)، بعد تسعة أشهر من بدء الصراع، أقلعت طائرات مسيرة أكثر قوة وكفاءة من قاعدة وادي سيدنا التابعة للجيش.
وقبل ذلك، تحدثت وكالة "بلومبرغ" للأنباء ووسائل الإعلام السودانية عن وجود طائرات مسيرة إيرانية في السودان، لكن مدى وطريقة وصول الجيش السوداني إلى هذه الطائرات المسيرة غير معروفة.
ونفى هذا المصدر العسكري السوداني الرفيع الطيران المباشر لطائرات مسيرة إيرانية الصنع من الأراضي الإيرانية ورفض الإفصاح عن كيفية شرائها أو عددها.
وأضاف دون أن يذكر تفاصيل، أن "الجيش السوداني أنتج أيضاً طائرات مسيرة إيرانية تم صنعها على شكل برامج عسكرية مشتركة قبل قطع العلاقات بين البلدين عام 2016".
وأكد المصدر أيضًا أنه على الرغم من استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإيران العام الماضي، إلا أن التعاون العسكري الرسمي بين الجانبين ظل معلقًا.
وقال القائم بأعمال وزير الخارجية السوداني، علي صادق، والمتحالف مع الجيش والذي زار إيران العام الماضي، قال لـ "رويترز"، رداً على سؤال عن الطائرات الإيرانية المسيرة: "السودان لم يتلق أي أسلحة من إيران".
ولم يرد مسؤولو النظام الإيراني في القوات المسلحة ووزارة الخارجية على طلب "رويترز" للتعليق على هذا الأمر.
وقد اعترفت قوات الدعم السريع السودانية بالهزيمة في أم درمان، وقالت إن الجيش تلقى طائرات مسيرة إيرانية الصنع وأسلحة أخرى. ولكن هذه القوات لم تستجب لطلبات "رويترز" لتقديم أدلة.
وقالت مصادر إيرانية وإقليمية إن دعم إيران للجيش السوداني يهدف إلى تعزيز العلاقات مع هذا البلد الاستراتيجي.
ويقع السودان على شواطئ البحر الأحمر، وهو موقع رئيسي للتنافس بين القوى العالمية، بما في ذلك إيران، في خضم الحرب في الشرق الأوسط.
ويهاجم الحوثيون، المدعومون من إيران، السفن القادمة من الجانب الآخر من البحر الأحمر بأسلحة مقدمة من طهران.
وقال دبلوماسي غربي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة "رويترز" للأنباء: "ما الذي تحصل عليه إيران مقابل هذه المساعدة؟ لديهم الآن قواعد على جانبي البحر الأحمر".
تحليق من إيران
كان التعاون بين السودان وإيران قوياً في عهد عمر البشير، الرئيس السابق. وبعد أن لجأ إلى منافسي إيران في الدول الخيجية للحصول على مساعدات اقتصادية قرب نهاية حكمه الذي دام ثلاثة عقود، قطع العلاقات مع طهران.
وقال الجنرال السوداني السابق، أمين مزاجوب، إن السودان أنتجت بالفعل أسلحة بمساعدة إيران وتمكنت من إجراء تغييرات على استخدام الطائرات المسيرة التي كانت لديها من قبل لجعلها أكثر فعالية خلال الحرب.
وأكد مصدر إقليمي مقرب من النظام الإيراني، أن شركة طيران إيرانية تدعى «فارس إير قشم»، الخاضعة للعقوبات الأميركية، نقلت طائرتين إيرانيتين مسيرتين «مهاجر وأبابيل» إلى السودان نهاية العام الماضي. ويتم تصنيع طائرات مهاجر وأبابيل المسيرة من قبل شركات تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية.
وذكرت وكالة "رويترز" للأنباء في تقريرها المعلومات التي تظهر أن طائرة شحن من طراز بوينغ 747-200 تابعة لشركة طيران فارس قشم طارت ست مرات من إيران إلى بندر السودان، وهي قاعدة عسكرية مهمة، في شهري ديسمبر(كانون الأول) 2023 ويناير 2024.
ولم يتم الإعلان عن عدد هذه الرحلات من قبل. وتقول قوات الدعم السريع إن الجيش السوداني يستقبل طائرات شحن وطائرات مسيرة إيرانية وأسلحة أخرى من إيران مرتين في الأسبوع.
جدير بالذكر أن تلقي الأسلحة من إيران قد يؤدي إلى تعقيد علاقة الجيش السوداني مع الولايات المتحدة، لأنه سيؤدي إلى الضغط من أجل إجراء مفاوضات بين الأطراف المتحاربة.
وأكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، توم بيريلو، في مقابلة يوم الأربعاء، أن الخوف من مزيد من نفوذ إيران أو العناصر الإسلامية المتطرفة في السودان هو أحد الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تعتقد أنه ينبغي التوصل إلى اتفاق سلام في أقرب وقت ممكن.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أيضًا إن الولايات المتحدة اطلعت على تقارير حول دعم إيران للجيش السوداني وتراقب الوضع.
وأضاف أن "الولايات المتحدة تعارض التدخل الأجنبي لدعم أحد أطراف الصراع في السودان". وهذا لن يؤدي إلا إلى تكثيف الصراع وإطالة أمده والمخاطرة بالمزيد من عدم الاستقرار الإقليمي.