قالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، الأسبوعية، في تقرير لها، حول الهجوم الإيراني على إسرائيل، إن هذا الهجوم يعد هزيمة من الناحية العسكرية، وأضافت: "قد تكون إيران وقعت في خطأ حسابي خلال هذا الهجوم".
وجاء في تقرير المجلة، أن هجوم الليلة الماضية تم تنفيذه بشكل مخالف للإجراء المعتاد للعمليات العسكرية، التي يفترض أن تمتاز بالمفاجأة والمباغتة؛ فالصور ومقاطع الفيديو قد سبقت الصواريخ والمُسيّرات، وتمت مشاهدتها في سماء العراق والأردن، وإسقاطها قبل وصولها إلى الأجواء الإسرائيلية.
وأضافت المجلة أنه يتعين على إسرائيل الآن أن تقرر كيفية الرد على تصرفات إيران؛ لأنه إذا شعرت طهران بأنها لا تتعرض للمحاسبة، إذا قامت بمهاجمة الدول الأخرى عبر أراضيها، فإن هذه القضية يمكن أن تغير المعادلات في الشرق الأوسط.
وأوضحت، أن رد فعل إسرائيل المحتمل على إيران يمكن أن يؤدي إلى حرب واسعة النطاق، واستياء من جانب الولايات المتحدة الأميركية وحلفاء إسرائيل الآخرين، ولهذا السبب، ليس من الواضح بعد ما هي السياسة التي ستتخذها إسرائيل تجاه إيران.
وتابعت "الإيكونوميست"، في تقريرها، أنه بعد عقود من المواجهة غير المباشرة مع إسرائيل عبر وكلائها في المنطقة، استهدفت إيران إسرائيل للمرة الأولى من الأراضي الإيرانية، وهذا يعني أن "حرب الظل" بين البلدين قد انتهت.
ورأت المجلة الإنجليزية أن هجوم إيران الأخير يعتبر فاشلًا من الناحية العسكرية؛ لأنه باستثناء عدد قليل من المُسيّرات والصواريخ الإيرانية، تم اعتراض جميعها، وكان مصير البعض الآخر معروفًا حتى قبل وصولها إلى المجال الجوي الإسرائيلي.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، قد أعلن في وقت سابق أنه تم اعتراض 99 بالمائة من الصواريخ والطائرات المُسيّرة الـ 300 التي أطلقها النظام الإيراني تجاه إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، أكدت المجلة الأسبوعية، أن بعض المقذوفات الإيرانية أصابت قاعدة جوية للجيش الإسرائيلي في صحراء النقب، لكنها لم تتمكن إلا من إلحاق أضرار طفيفة بها، ولاتزال هذه القاعدة تعمل بكامل قدراتها.
وذكرت أنه على مدى أسبوعين، كان قادة النظام الإيراني يبحثون عن إجماع حول الرد على العملية الإسرائيلية في دمشق، والذي يمكن أن يقنع الرأي العام داخل البلاد ويكون بمثابة رادع ضد إسرائيل، وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن يؤدي ذلك إلى انتقام ورد إسرائيلي.
وأضافت، أن القرار النهائي الذي اتخذته السلطات الإيرانية، والعملية، التي قامت بها، الليلة الماضية، ربما كانا "خطأين استراتيجيين" ويضران بمصالح طهران.
وأشارت المجلة إلى أن الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل أدى إلى تقويض مكاسب إيران في الأشهر القليلة الماضية، بثلاث طرق:
- أولاً: من خلال الإعلان عن الهجوم قبل أيام من تنفيذه، واستخدام مُسيّرات بطيئة استغرقت ساعات للوصول إلى وجهتها؛ حيث أظهرت إيران أنها لم تكن تسعى إلى إلحاق ضرر وخسارة بإسرائيل، وإن إصابة شخص واحد فقط، والأضرار البسيطة التي لحقت بإسرائيل تشير إلى أن هذا الهجوم لا يمكن أن يكون بمثابة رادع ضد الأعمال الإسرائيلية المستقبلية.
- ثانيًا: أدى الهجوم الإيراني إلى اتحاد دول غربية وعربية في دعم إسرائيل؛ فقد أرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتان انتقدتا سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طائراتهما المقاتلة ودفاعاتهما الجوية إلى المنطقة للدفاع عن إسرائيل، كما أسقطت الأردن بعض الصواريخ والمقذوفات الإيرانية.
- ثالثًا: أدى هذا الهجوم إلى تهميش الاهتمام العالمي بالحرب في غزة؛ حيث كان المجتمع الدولي موحدًا ضد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وتفشي المجاعة في القطاع، الأسبوع الماضي، وقبل الهجوم الأخير، لكن الآن تغيرت المعادلات، وبوسع إسرائيل أن تقدم نفسها كضحية في المحافل الدولية.
وهذا يعني أن أزمة سكان غزة لن تعتبر الأولوية الأولى بعد الآن، وسوف يتجه الاهتمام نحو احتمال نشوب حرب كبرى في المنطقة.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، قد قال في مقابلة خاصة مع "إيران إنترناشيونال": "إن إسرائيل أبلغت دول المنطقة والولايات المتحدة بردها الحتمي على إيران، وإن ردنا سيكون بالأفعال لا بالأقوال".
وأضاف: "سنتخذ أي إجراء ضروري لحماية مصالحنا وأمن الشعب الإسرائيلي".
وأشار هاغاري إلى أن "إيران أظهرت وجهها الحقيقي بهذا الهجوم، وعندما أدرك النظام الإيراني أنه لا يستطيع تحقيق أهدافه الإرهابية من خلال وكلائه، هاجمنا مباشرة من أراضيه".
ووصف، محرر الشؤون الدولية في قناة "فرانس 24" الإخبارية، فيليب تيريل، في وقت سابق اليوم أيضاً، الهجوم الإيراني على إسرائيل، مساء السبت، وصباح اليوم، الأحد، 14 أبريل (نيسان)، بأنه "لعب بالنار"، وقال إن إيران "قزم"، من حيث القدرات العسكرية، مقارنة بإسرائيل.
وأكد تيريل، في مقابلة مع هذه القناة، أن طهران، بعد الهجوم الإسرائيلي المميت على القنصلية الإيرانية في دمشق، ومقتل سبعة أعضاء الحرس الثوري، بينهم اثنان من كبار قادة فيلق القدس، أصبحت في موقف ضعيف، وكان ينبغي عليها التحرك لإثبات قدراتها العسكرية.
في غضون ذلك أفادت قناة المنار الإخبارية التابعة لحزب الله اللبناني، بأن 15 صاروخًا من إيران أصابت بشكل مباشر قاعدة نافاتيم الجوية في جنوب إسرائيل، وعطلت هذه القاعدة.
وقالت وسائل إعلام إيرانية، إن إسرائيل استخدمت هذه القاعدة لمهاجمة قنصلية إيران في دمشق في 1 أبريل (نيسان) الجاري، وقتلت سبعة من عناصر الحرس الثوري الإيراني، بينهم اثنان من كبار قادته.