في حوالي الساعة الرابعة من صباح يوم الجمعة 19 أبريل (نيسان)، استهدفت الصواريخ الإسرائيلية عمق الأراضي الإيرانية، وهزت مدينة أصفهان أصوات 3 انفجارات قوية. رسالة من تل أبيب؛ بعد 6 أيام من هجوم طهران الصاروخي والطائرات المسيرة.
وعلى الرغم من صور الأقمار الصناعية والأدلة الواضحة على آثار الهجوم، تواصل إيران إنكارها، وتصف الهجوم الصاروخي الإسرائيلي بأنه عملية "لعبة المسيرات الصغيرة".
ماذا يكشف الهجوم الإسرائيلي عن نظام الدفاع الجوي الإيراني؟
وفقا لمصادر أميركية، أطلقت الطائرات الإسرائيلية 3 صواريخ بعيدة المدى على قاعدة "شكاري" الثامنة في أصفهان، من خارج المجال الجوي الإيراني.
وقد تجاوزت هذه الصواريخ الدرع الدفاعي للقوات المسلحة الإيرانية، وأصابت الهدف المقصود.
وبحسب صور الأقمار الصناعية، فقد أدى الهجوم إلى تدمير رادار الدفاع الجوي S-300""، الذي يعد أحد المكونات الحيوية لهذه المنظومة.
ومنظومة الدفاع "S-300" من أنظمة الصواريخ أرض-جو التي تصنعها روسيا.
وقبل يومين فقط من هذا الهجوم الصاروخي الإسرائيلي، كانت وسائل إعلام تابعة للنظام الإيراني قد أعلنت عن استعداد طهران الدفاعي للتعامل مع الصواريخ والمقاتلات الإسرائيلية، من خلال نشر صور لأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
وسرعان ما ضاع هذا الضجيج بين الصور قبل وبعد الهجوم على قاعدة "شكاري" الثامنة في أصفهان.
تغييرات في أنظمة الدفاع الإيرانية
وقد أجرت إيران تغييرات كبيرة في قدراتها الدفاعية الجوية في السنوات الأخيرة.
على سبيل المثال، تدعي إيران أنها أكملت بناء 21 نظام دفاع جوي متنقل بحلول نهاية عام 2023. تتراوح الأنظمة من أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى، إلى أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى.
من بين هذه الطبقات الدفاعية، تجدر الإشارة إلى نظام الدفاع الجوي بعيد المدى "باور-373"، والذي هو متفوق وأقوى من كل من "S-300" الروسي و"باتريوت" الأميركي، حسب ادعاء مساعد وزير دفاع الإيراني.
تقول السلطات العسكرية الإيرانية إن "باور-373" لديه القدرة على التعرف والتعامل مع الطائرات الشبح والمروحيات والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى الصواريخ المضادة للإشعاع والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.
وهو نظام، مثل "S-300"، يتضمن مركبة قيادة ورادار بحث ورادار اشتباك وما يصل إلى 6 قاذفات.
قبل إدخال نظام الدفاع المحلي "باور-373" عام 2019، اشترت إيران أربع كتائب من نظام "S-300" من روسيا في عام 2016.
وتضمنت عملية الشراء كتيبة إطلاق من طراز "S-300" مع رادار استطلاع لكشف الأهداف الطائرة، ومركبة قيادة متنقلة، ورادار اشتباك، وقاذفة صواريخ رباعية، وملحقات أخرى مثل رافعة لتركيب الصواريخ، ومولد كهربائي.
وبحسب التقارير، تتمركز نصف كتيبة من كتائب "S-300" كل عام في مشهد لحماية المرشد الإيراني.
مع وجود نظام "S-300" في موقع الدفاع الجوي الرئيسي في قاعدة "شكاري" الثامنة في أصفهان، واستخدام "S-300" لحماية علي خامنئي خلال رحلاته السنوية إلى مشهد، يمكن التشكيك في صحة ادعاء إيران حول نظام الدفاع الجوي المحلي.
ويبدو أن سلطات النظام الإيراني تثق بالأنظمة الأجنبية القديمة أكثر من ثقتها بالأنظمة الداخلية.
توسيع خطوط الدفاع الجوي بتجهيز القوات الوكيلة
الهجوم الدقيق للطائرات المقاتلة الإسرائيلية، والذي أدى إلى تدمير/إتلاف نظام الرادار المستخدم في شبكة الدفاع الجوي "S-300"، كشف عن مدى ضعف الدرع الجوي الإيراني بشكل أكبر.
وتعتقد مصادر عسكرية أميركية أن الغرض من هذا العمل الهادف هو إظهار قوة إسرائيل في اختراق نظام الدفاع الجوي الإيراني. ومع ذلك، لا ينبغي الاستهانة بالجهود الجادة التي تبذلها إيران لتعزيز وتوسيع قدراتها الدفاعية الجوية.
في 20 يونيو (حزيران) 2019، أسقطت القوات الإيرانية طائرة استطلاع عسكرية أميركية مسيرة فوق مضيق هرمز الاستراتيجي.
وتم الإعلان أن نيران الدفاع الجوي "سوم خرداد" هي التي دمرت الطائرة، وتم عرض حطام الطائرة المسيرة على تلفزيون إيران، وأصبح موضوع مؤتمر صحافي.
ويعتقد بعض المحللين العسكريين أن صواريخ إسرائيلية بعيدة المدى أطلقت من الأجواء العراقية على القاعدة الجوية في أصفهان، من مكان فوق ما يسمى بـ"محور المقاومة" الذي يغذي عدم الاستقرار في المنطقة تحت ظل فيلق القدس.
إذا نجحت إيران في توسيع أنظمة الدفاع الجوي في لبنان وسوريا والعراق وحتى اليمن من خلال تجهيز قواتها الإقليمية بالوكالة، فإنها ستنشئ محور دفاع جوي يتحدى بشكل خطير تفوق القوات الإسرائيلية وحلفائها في السماء.
وكان هذا التفوق أحد العوامل الرئيسية لنجاح إسرائيل في اعتراض 99٪ من مقذوفات إيران مساء السبت يوم 13 أبريل (نيسان).
هذه السياسة يتم تنفيذها الآن، ودليلها إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة من طراز MQ-9" Reaper" على يد قوات مليشيا الحوثي المدعومة من طهران في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
ووفقًا لقول فرزين نديمي، الباحث الكبير في معهد واشنطن والخبير في قضايا الدفاع والأمن في إيران ومنطقة الخليج، فإن إسقاط هذه الطائرة الأميركية المسيرة تم على الأرجح باستخدام صواريخ كروز للدفاع الجوي "آيتم 358" التي تصنعها إيران.
وفي 19 فبراير (شباط) 2024، أبدت وزارة الدفاع الإيرانية عزمها على سد الثغرات في درعها الدفاعي من خلال إدخال نظامين دفاعيين جديدين؛ نظام "أرمان" المضاد للصواريخ الباليستية ونظام الدفاع الجوي قصير المدى "آذرخش".
وفي اجتماع يوم الأحد 21 أبريل مع قادة عسكريين رفيعي المستوى، وصف خامنئي مسألة عدد صواريخ الحرس الثوري الإيراني التي ضربت أهدافًا في إسرائيل بأنها قضية "ثانوية"، دون أدنى ذكر للأضرار الواضحة التي لحقت بقاعدة أصفهان الجوية.
وأكد المرشد الإيراني على الابتكار، قائلاً: "لا ينبغي للمرء أن يتوقف لحظة واحدة، لأن التوقف يعني الرجوع إلى الوراء. ولذلك، فإن الابتكار في الأسلحة والأساليب، فضلاً عن معرفة أساليب العدو، يجب أن يكون دائماً على جدول الأعمال".
أمر خامنئي واضح.. إصلاح الثغرات الموجودة في الدرع الجوي، وتشكيل محور دفاعي من خلال تجهيز القوات الوكيلة.