تزامنًا مع الاحتجاجات، التي يشهدها عدد من الجامعات الأميركية؛ تنديدًا بالحرب الإسرائيلية على غزة، قامت وسائل إعلام النظام الإيراني بشكل منسق، بمحاولة استغلال هذه الأحداث سياسيًا.
وأطلقت وسائل الإعلام الإيرانية مسميات وشعارات على هذه المظاهرات، سبق أن رددها المتظاهرون الإيرانيون ضد النظام الحاكم.
وتشهد قرابة 18 جامعة أميركية، هذه الأيام، مظاهرات واحتجاجات تدعو لإنهاء الحرب في غزة، وهي مظاهرات حظيت باهتمام وتغطية على صعيد وسائل الإعلام العالمية.
وشرعت وسائل إعلام النظام في استخدام عبارات ومصطلحات راجت في المظاهرات الإيرانية، خلال الأعوام القليلة الماضية، وراحت تصف ما يتعرض له الطلاب المتظاهرون بأوصاف كانت تُطلق على أساليب النظام الإيراني في قمعه للاحتجاجات الشعبية، لاسيما تلك التي اندلعت عقب حادثة مقتل "مهسا أميني".
وأطلقت وكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري، اسم "الانتفاضة العامة" على مظاهرات الطلاب في الجامعات الأميركية، وهو مسمى أطلقه الكثير من الإيرانيين، ووسائل الإعلام على الاحتجاجات الشعبية، التي عمت إيران عام 2022.
وحاولت وكالة "فارس"، المقربة من الحرس الثوري، انتقاد طريقة تعامل السلطات الأميركية مع مظاهرات الطلاب، وكتبت: الجامعات ليست معسكرات، لقد انتشر القناصة في محيط الجامعات، واعتقلت قوات الشرطة الأميركية 500 طالب في "الاحتجاجات العامة".
وراج مصطلح "عسكرة الجامعات"، في إيران، خلال العقود الأخيرة؛ حيث تقوم السلطات، فور اندلاع احتجاجات، بالانتشار داخل الجامعات، وبجوارها لاحتواء المظاهرات الطلابية وقمعها.
وبلغ انتشار هذا السلوك من قِبل السلطات في قمع الجامعات وعسكرتها، حدًا دفع ببعض الشخصيات من داخل النظام، إلى انتقاد الوضع.
وقال الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، عام 2011، خلال حملته الانتخابية، إن "الجامعات ليست معسكرًا" في إشارة إلى ممارسات الأمن الإيراني، بحق طلاب الجامعات، وتحويلها إلى ما يشبه المقار العسكرية والأمنية.
كما انتقد الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، الوضع في الجامعات الإيرانية، وشدد على ضرورة أن تكون هذه الجامعات مكانًا "آمنًا ومستقلاً وحرًا".
وسخر مستخدمو وسائل التواصل من تغطية الإعلام الإيراني وتضخيمه لما يتعرض له طلاب الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية، وقال بعضهم تعليقًا على منشور لوكالة "فارس"، ساخرين: "من المستغرب أن وسائل الإعلام في الولايات المتحدة الأميركية يحق لها تغطية الاحتجاجات، وأن الإنترنت تبقى تعمل دون قيود أو حجب".
يُذكر أن كل المظاهرات في إيران يتم قطع الإنترنت خلالها بشكل كامل، كما تُمنع وسائل الإعلام من تغطية الأحداث، وتنفرد السلطات برواية ما يجري والتي عادة ما تصف الأحداث بأعمال شغب؛ لتبرر قمعها وممارسة العنف ضدها.
كما غطت وكالة "دانشجو"، التابعة لـ "الباسيج"، الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة الأميركية، واستخدمت عبارات مثل "اعتقال وحشي للطلاب من قِبل الشرطة".
ونقلت هذه الوكالة عن الأستاذ الجامعي المؤيد للنظام، فؤاد إيزدي، قوله: إن الجامعات في إيران أصبحت ذات طابع عسكري، وإن قوات الأمن لديها مكاتب داخل الجامعات.
ومن المفارقة أن قوات "الباسيج" لديها مكاتب رسمية ومعترف بها في جميع الجامعات الإيرانية، وهي مكاتب عادة ما تستخدم للدعاية لصالح أيديولوجية النظام، أو تستعين بها السلطات عند وقوع احتجاجات ومظاهرات داخل الجامعات وفي محيطها.
وكتبت وكالة أنباء "إرنا" في تقرير لها أن الشرطة الأميركية أطلقت "الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع" على المتظاهرين، في جامعة أتلانتا، واعتقلت مجموعة من "الطلاب الذين يدافعون عن فلسطين ويعارضون الإبادة الإسرائيلية".
كما انتقدت الوكالة "العنف المتزايد الذي تمارسه الشرطة الأميركية ضد الطلاب المؤيدين للفلسطينيين".
ونُشرت عشرات التقارير، خلال المظاهرات الشعبية في إيران، عن إطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر باتجاه تجمعات المواطنين الاحتجاجية في مدن مختلفة أو أثناء مراسم تشييع قتلى الاحتجاجات.