بعد انتشار مقاطع تظهر احتفالات في شوارع إيران عقب الإعلان عن موت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث سقوط مروحيته، هدد المسؤولون في جهاز القضاء والشرطة في إيران رواد مواقع التواصل الاجتماعي والصحافيين من نشر أي مواد تسبب "الإضرار بالأمن النفسي في المجتمع".
وهدد المدعي العام محمد موحدي آزاد، اليوم الثلاثاء 21 مايو (أيار)، مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بـ"الرد السريع والحاسم" في حال قاموا بـ"الإضرار بالأمن النفسي في المجتمع".
وخاطب موحدي آزاد رؤساء النيابة العامة في جميع أنحاء البلاد، وقال إنه يتعين عليهم التعامل بشدة مع الأشخاص الذين "يسيئون" أو "يخلون بالأمن النفسي للمجتمع ويزعجون الرأي العام" من خلال نشر معلومات عن وفاة رئيسي.
في السياق نفسه قال رئيس الشرطة السيبرانية وحيد مجيد: "إننا نراقب بعناية الفضاء الإلكتروني".
وهددت الشرطة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ودعتهم إلى الامتناع عن نشر "أي محتوى يحرض ويزعج المشاعر العامة بأي شكل من الأشكال".
وفي بيان، هدد جهاز الاستخبارات التابع لقيادة الشرطة في إيران مستخدمي وسائل التواصل والصحافيين، وقال: "جميع حسابات نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي تخضع لمراقبة الشرطة".
وجاء في هذا البيان: "سنواجه الأشخاص الذين يحاولون التشويش على الرأي العام من خلال نشر الشائعات".
ويحاول النظام، باستخدام أساليب مختلفة، خنق أصوات المعارضين لسياسته، ومنع نشر مواقف الناس في وسائل الإعلام المحلية.
وبعد وفاة رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، ابتهج العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لدور هذين المسؤولين في القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
كما أعلن أهالي ضحايا النظام الإيراني عبر رسائلهم ومنشوراتهم عن ابتهاجهم بخبر وفاة رئيسي في تحطم مروحيته بمحافظة آذربيجان الشرقية، شمال غربي إيران.
وكتب الناشط السياسي حسين رونقي، في إشارة إلى تهديد السلطات لمستخدمي وسائل التواصل بعد وفاة رئيسي: "لا تهددوا الناس، فإن رد الفعل الطبيعي جدا لهؤلاء الأشخاص الذين يعانون هو أن يفرحوا بحزنكم".
وأضاف رونقي: "كان الأولى بكم أن تفكروا قبل ذلك بكثير في مثل هذه الأيام".
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الصحافيون ومستخدمو العالم الافتراضي في إيران للتهديد من قبل الحكومة في بعض المناسبات.
ففي أبريل (نيسان) الماضي وفي استمرار للإجراءات ضد وسائل الإعلام والمواطنين، أعلن الادعاء العام تجريم الناشطين عباس عبدي وحسين دهشباشي بسبب تعليقهما على الهجوم بالطائرات المسيرة والصواريخ الذي شنته إيران على إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، تم استدعاء الناشط ياشار سلطاني إلى النيابة العامة، كما تم اعتقال مواطن في أردبيل.
ووصف الباحث الحقوقي محسن برهاني تجريم صحافيين معروفين أمثال عباس عبدي أو صحف ذات سمعة ومكانة في إيران كصحيفة "جهان صنعت" و"اعتماد" بـ"الأمر المستغرب" بعد أن وجه لهم القضاء تهمة "الإخلال بالأمن النفسي للمجتمع" و"تعكير الوضع الاقتصادي".
وقبل ذلك، وبعد نشر ردود الفعل الساخرة من الهجوم على إسرائيل، أصدر جهاز استخبارات الحرس الثوري إخطارا يطالب المواطنين، في حالة رؤيتهم لأي أنشطة في الفضاء الإلكتروني لدعم إسرائيل، بإرسال المعلومات والتفاصيل الخاصة بالصفحات والقائمين عليها باعتبارهم "مجرمين".
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وبعد الهجمات الانتحارية في كرمان خلال مراسم ذكرى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، بلغت التهديدات والمواجهات الأمنية مع المواطنين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة أن مكتب المدعي العام في طهران رفع دعوى ضد عدد من الأشخاص، بما في ذلك 7 "شخصيات معروفة".
وكتب الصحافي نيك آهنك كوثر في مقال له بقناة "إيران إنترناشيونال" حول ابتهاج الإيرانيين بوفاة رئيسي: "النكت والسخرية الحادة تجاه النظام ورئيسي ومرافقيه ستستمر لفترة قادمة".
وأضاف: "أظهر الساخرون من النظام أنهم يريدون بقوة دفع حدود التنكيت والسخرية إلى أبواب بيت المرشد خامنئي. ربما لن يكون ذلك اليوم بعيدًا".
وقال الأستاذ الجامعي والخبير الاجتماعي، مهرداد درويش بور، لقناة "إيران إنترناشيونال" إن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان يلعب دورا محوريا في قمع معارضي النظام، وصناعة الموت، وبث الرعب في البلاد، لهذا تشعر السلطة أن هذه الحادثة، مهما كانت خلفياتها، وجّهت لها ضربة كبيرة.
ولفت درويش بور في حديثه للقناة إلى الاحتفالات الشعبية في إيران بعد سماع موت رئيسي، قائلا: "الأكثرية الساحقة من الشعب الإيراني فرحت بهذا الحدث لا لأنهم يحبون الموت، بل بالعكس من ذلك، إذ إن الإيرانيين يشعرون أن أحد رموز الموت والقتل قد مات".
واعتبر الخبير الاجتماعي أن هذا الابتهاج الشعبي هو مصداق واضح لمدى "نفور الناس وبغضهم للنظام".
وأضاف: "عندما يفرح الناس بهذا الشكل لموت رئيسي، الذي يعد أداة بيد المرشد خامنئي، فإن موت خامنئي بكل تأكيد سيخلق فرحة أكبر بين الإيرانيين، وهي فرحة مبررة وقابلة للفهم".
وكتبت الصحافية المعارضة مسيح علي نجاد على "X" بعد مقتل إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية، مخاطبة الشعب الإيراني: "من حقكم أن تفرحوا لمقتل إبراهيم رئيسي وقتلة أبنائكم".
وأضافت: "أنا سعيدة بسعادتكم.. لا تحزنوا أبدا على هؤلاء القتلة".