وسط ميدان مزدحم يضم 80 مرشحاً للانتخابات الرئاسية المقبلة التي يتحكم بها النظام في إيران، يبرز اسم واحد باستمرار هو : سعيد جليلي.
ويعتبر الكثيرون أن سعيد جليلي، المناهض للولايات المتحدة، البالغ من العمر 55 عامًا، والذي يصف نفسه بـ"الثوري"، هو نسخة طبق الأصل محتملة من إبراهيم رئيسي.
ويشير موقع "رويداد 24" الإخباري الإيراني إلى أنه على الرغم من أن طريق جليلي إلى الفوز معقد، فإن بعض العناصر داخل المشهد السياسي الإيراني يمكن أن تفضل احتمال فوزه بالرئاسة.
وينتمي جليلي، وهو حليف متشدد ومقرب من المرشد الأعلى، علي خامنئي، إلى التيار الأصولي في السياسة الإيرانية، والذي يؤكد على مبادئ الثورة الإسلامية التي قامت عام 1979.
وكان أحد الشعارات الرسمية لحملة جليلي أثناء ترشحه للرئاسة في الماضي هو "الجهاد العظيم من أجل قفزة إيران إلى الأمام".
وقد شغل أدوارًا دبلوماسية وأمنية مهمة داخل النظام الإيراني في السابق، منها منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي من عام 2007 إلى عام 2013، وهو حاليًا عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام.
كما أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، حافظ على علاقة جيدة مع جليلي لسنوات عديدة، وفي الوقت نفسه يؤكد العديد من الخبراء أن خامنئي، فعلياً، هو من اختار "رئيسي" في عام 2021 على الرغم من ظهور الأمر على هيئة انتخابات.
وبالإشارة إلى عدم مرونة جليلي كمفاوض نووي بين عامي 2007 و2013، فإن موقع "رويداد 24" يذكّر بأن مقاومة جليلي لتقديم التنازلات ونهجه الصارم أدى إلى اتخاذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدة قرارات ضد إيران.
وقد أدى ذلك إلى فرض عقوبات اقتصادية دولية بدأت في تقويض الاستقرار النسبي للاقتصاد الإيراني المعتمد على النفط.
يذكر أنه خلال فترة توليه منصب نائب وزير الخارجية، وصف العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين جليلي لـ"رويترز" بأنه شخص يعبر عن آرائه بقوة وثبات.
وروى وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية آنذاك، ويليام بيرنز، أن جليلي شارك في اجتماع أدى إلى تعقيد التفاوض، حيث تحدث في ما يقرب من 40 دقيقة بطريقة فلسفية، متجنبًا الإجابات المباشرة.
ومع ذلك، فإن هذا الموقف الحازم من المفاوضات النووية قد ساهم في تشكيل النظرة إليه كشخصية لا تنحني بسهولة للضغوط الغربية. ومن المرجح أن بعض الفصائل، وخاصة الجماعات المتشددة والمحافظة الإيرانية، قد تدعمه بسبب أيديولوجيته ونهجه الصارم في المفاوضات.
ويشير تحليل موقع "رويداد 24" عن جليلي إلى أن مقاومته وسط المحادثات النووية ربما كانت جزءاً من استراتيجية أوسع ينتهجها النظام لكسب الوقت لتطوير قدرات إيران النووية.
وأيًا كان الأمر، فإن أسلوب جليلي الدبلوماسي دفع بعض الخبراء إلى استنتاج أنه لن يكون مرشحًا مناسبًا إذا كان النظام يريد تعزيز حالة سياسته الخارجية الحالية وتحسين العلاقات مع الغرب.
وقد يكون المنافس الأبرز لـ"جليلي" على الرئاسة هو علي لاريجاني، المحافظ ورئيس البرلمان السابق. ويقول البعض إن المسرح مهيأ لثنائية دبلوماسية تذكرنا بانتخابات عام 2013، حيث كانت أساليبهم المتناقضة واضحة بالفعل.
وفي عام 2022، وفقًا لبعض الروايات، واجه جليلي لاريجاني بشأن المفاوضات النووية خلال اجتماع خاص لمجمع تشخيص مصلحة النظام. وبحسب ما ورد، فإن جليلي اقترح أن تنسحب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو الاقتراح الذي عارضه لاريجاني وآخرون.
ويشير تحليل موقع "رويداد 24" إلى أن السلطة الحقيقية في السياسة الخارجية الإيرانية تكمن في أيدي السلطات العليا التي تتخذ القرارات النهائية، وعلى رأسها المرشد خامنئي، ويقوم رئيس الدولة ووزارة الخارجية بتنفيذ هذه القرارات.
وعلى الرغم من هذا التسلسل الهرمي الواضح، تمكنت الإدارات المختلفة من التأثير على عملية صنع القرار.
ومن غير الواضح ما إذا كان جليلي، وهو من قدامى المحاربين في الحرب الإيرانية العراقية والعضو السابق في الحرس الثوري، سيغير موقفه بشأن التوصل إلى هدنة مع الغرب.
ويشير سجل جليلي الحافل في التشدد إلى أنه لو أصبح رئيساً لإيران، سيواصل التأكيد على المقاومة وتقديم الحد الأدنى من التنازلات، مما يلقي بظلال من الشك على أي تحرك محتمل نحو تسوية دبلوماسية مع الغرب.