تبادل مرشحو الرئاسة في إيران، خلال مناظرتهم الخامسة والأخيرة التي جرت الثلاثاء 25 يونيو (حزيران)، الاتهام حول دور كل منهم في التعامل مع الاحتجاجات التي شهدتها إيران خلال السنوات الماضية، وقطع الإنترنت، والتسبب في وقوع مئات الضحايا خلال قمع الاحتجاجات.
وجرت المناظرة الانتخابية الأخيرة، ظهر اليوم الثلاثاء، لمرشحي الرئاسة مسعود بزشكيان ومصطفي بور محمدي وسعيد جليلي وعلي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زاده هاشمي ومحمد باقر قاليباف، بعنوان "كفاءة الحكومة".
وقبل ساعة من المناظرة جدد المرشد الإيراني علي خامنئي، في خطاب ألقاه قُبيل الانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران، معارضته للولايات المتحدة الأميركية، وقال إن "المرشح الأنسب" هو الذي سيساعد في دفع هذه السياسة. مشددا على ضرورة "المشاركة العالية" في الانتخابات.
دور حكومة روحاني في قمع احتجاجات 2017
وفي الجزء الأول من المناظرة، ذكر أمير حسين قاضي زاده هاشمي أحداث نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 الدامية، والاحتجاجات التي جرت في جميع أنحاء إيران بعد ارتفاع أسعار البنزين.
وأكد "أننا لن نسمح بتكرار هذه الأحداث مرة أخرى"، معتبراً أن حملة مسعود بزشكيان أصبحت تقاد على أيدي المسؤولين الحكوميين الذين "تسببوا بأحداث نوفمبر/ تشرين الثاني، ورفع أسعار البنزين".
وفي أبريل (نيسان) من العام الجاري، تنصل الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني من مسؤولية مقتل عدد كبير من المواطنين على يد قوات النظام، دون أن يذكر انقطاع الإنترنت لمدة أسبوع تقريبا، وقال: "الأمر برمته لم يستغرق أكثر من 48 ساعة".
وبدأت احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 في إيران ردا على الارتفاع المفاجئ والشديد في أسعار الوقود، لكنها سرعان ما اتخذت طابعا مناهضا للنظام، وامتدت إلى 29 محافظة ومئات المدن في غضون أسبوع.
وشدة قمع الاحتجاجات جعلت هذه الأحداث تُعرف باسم "نوفمبر 2017 الدامي". وقتل خلال هذه الاحتجاجات 1500 شخص على يد قوات النظام.
قطع الإنترنت في احتجاجات 2017 و2022
في جانب آخر من المناظرة اتهم قاضي زاده هاشمي، وزير الاتصالات السابق محمد جواد آذري جهرمي، الذي يعتبر الآن مسؤولا عن الحملة الانتخابية لمسعود بزشكيان، بأنها "العامل الرئيس في حجب الإنترنت" أثناء الاحتجاجات في عام 2017.
وقال هذا المرشح الرئاسي: "تم تسجيل أكبر جريمة في ما يتعلق بقطع الإنترنت في عهد حكومة روحاني".
وردا على هذه القضية، قال بزشكيان إن آذري جهرمي اتصل به، وقال له إنه عندما كان وزيرا للاتصالات، "كان قاليباف وجليلي أيضا في المجلس الأعلى للأمن القومي، وجاء أمر قطع الإنترنت من هناك".
وقبل أيام خلال المناظرة التي ركزت على الملف الثقافي، دافع المرشحون للانتخابات الرئاسية عن قطع الإنترنت وإنشاء شبكة المعلومات الوطنية الداخلية.
وفي تلك المناظرة، دعم سعيد جليلي برامج الإنترنت الداخلية و"شبكة المعلومات الوطنية" أو شبكة الإنترنت الوطنية، التي تقيد الوصول إلى المواقع الأجنبية.
كما استخدم بزشكيان مصطلح "تدخل" الحكومة في منع وصول الناس إلى الإنترنت، مدافعا عن قطع الإنترنت خلال الأزمات والاحتجاجات.
ملف تزوير الانتخابات والاحتجاجات الشعبية عام 2009
من الملفات الأخرى التي تمت الإشارة إليها في هذه المناظرة أيضا هي قضية الاحتجاجات الشعبية التي أعقبت انتخابات عام 2009، بعد اتهام النظام بتزويرها لصالح محمود أحمدي نجاد.
وحذر قاضي زاده من أن حملة بزشكيان قد تكرر نفس تجربة عام 2009، عندما دعا مير حسين موسوي أنصاره للنزول إلى الشوارع بعد الإعلان عن النتائج وعدم فوزه بالانتخابات.
وقال قاضي زاده: "أنا قلق من أنه إذا لم يفز بزشكيان ، فإن أنصاره سوف يدّعون تزوير الانتخابات مرة أخرى ويدعون الناس إلى الشوارع".
جمعة زاهدان الدامية
وفي جزء من كلمته في المناظرة، ذكر مسعود بزشكيان جمعة زاهدان الدامية، وخاطب قاضي زاده هاشمي رئيس مؤسسة الشهيد، بالقول: لماذا لم يتم إدراج القتلى في قائمة "الشهداء"؟
يذكر أنه في يوم 30 سبتمبر (أيلول) من عام 2022، المعروف باسم الجمعة الدامية لزاهدان، تشكلت مسيرة من قبل المصلين في مسجد مكي احتجاجا على اغتصاب قائد شرطة لفتاة بلوشية تبلغ من العمر 15 عاما.
وردا على ذلك، استهدفت قوات النظام الإيراني المتظاهرين ومواطنين آخرين داخل مسجد مكي بالذخيرة الحية.
ووفقا لموقع "حال وش"، المعني بحقوق البلوش في إيران، قُتل خلال الهجوم الوحشي لقوات النظام الإيراني، ما لا يقل عن 105 من المواطنين، بينهم 17 طفلا ومراهقا، وأصيب العشرات بجروح في النخاع الشوكي، والعمى، والإصابات، وبتر الأطراف.
وستنعقد الانتخابات الرئاسية المبكرة الجمعة المقبلة لاختيار خليفة للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي لقى مصرعه بتحطم مروحيته في مايو (أيار) الماضي، فيما دعا المئات من المواطنين والناشطين السياسيين والمدنيين والأهالي إلى مقاطعتها وعدم المشاركة فيها.
وتظهر نتائج استطلاع حديث أجرته مجموعة أبحاث الرأي الإيرانية (كمان) أن أكثر من 65% من الشعب الإيراني لن يشارك في هذه الانتخابات.