عشية الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة غدا الجمعة، شدد عدد من الشخصيات المدنية وعائلات الضحايا والسجناء السياسيين الحاليين والسابقين على ضرورة مقاطعة هذه "الانتخابات الصورية".
وبحسب الإحصائيات التي أعلنها النظام، فقد أجريت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المبكرة في 28 يونيو (حزيران)، ولم يشارك 60% من الإيرانيين الذين يحق لهم التصويت في هذه الجولة، فيما دخل المرشحان مسعود بزشكيان وسعيد جليلي إلى الجولة الثانية.
رسائل من السجن حول الجولة الثانية
في رسالة من السجن، وصف أمير سالار داوودي، المحامي المسجون في سجن إيفين، الخميس 4 يوليو (تموز)، الانتخابات بـ"التعيينات"، وقال إنه "لم ولن يشارك فيها".
وشدد في رسالته على أن "نظام الجمهورية الإسلامية أظهر أنه لا يتبع إلا خط الكذب والخداع".
وقال داودي: "سأمضي في الطريق الذي حُكم عليّ بسببه وسُجنت من أجله، وهو تغيير نظام الحكم برمته بالاعتماد على قوة الشعب".
ويقضي هذا المحامي المسجون حاليا السنة الخامسة من عقوبته البالغة 10 سنوات في سجن إيفين.
ووصفت سبيده قليان، وهي سجينة سياسية أخرى، في رسالة من سجن إيفين "عدم التصويت" في الوضع الحالي، بأنه "نوع من المقاومة المدنية" التي تحتج على غياب الآليات الديمقراطية.
واعتبرت المشاركة في "الانتخابات الصورية" فرصة للنظام لعرض صور المشاركة على أنها "تعكس شرعيته المزيفة"، خاصة في المحافل الدولية.
وأكدت هذه السجينة السياسية أن النظام الإيراني يسعى للحصول على الشرعية الدولية بعد عمليات القمع الشديدة والدموية، مثل ما حدث في احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية"، ولهذا فإن رسالة مقاطعي الانتخابات للمجتمع الدولي حول الوضع السياسي والاجتماعي المؤسف في إيران لها أهمية خاصة.
وأنهت قليان رسالتها بالأمل في "إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية".
احتجاج شخصيات مدنية وناشطين سياسيين
وكتب جعفر بناهي، المخرج الإيراني والسجين السياسي السابق، على صفحته على "إنستغرام"، الخميس 4 يوليو (تموز) أن مقاطعة 60% من المواطنين للانتخابات هي "فشل تاريخي".
وقال بناهي إن هذا الحادث جعل النظام يواجه "رعب اللاشرعية".
وأشار إلى جهود النظام لزيادة نسبة المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات، وقال إنه في مثل هذا الوضع، سيحصل النظام على فرصة لتجديد قواه وتعزيز هياكله القمعية، ويزيد من قوته من خلال الضغط على المواطنين عبر فرض أنماط الحياة و"تقوية الأفكار المتحجرة" في نسيج المجتمع .
ووصف بناهي عدم المشاركة في الانتخابات بأنه "أبسط وأقل تكلفة" من أشكال المعارضة المدنية الأخرى لسياسات النظام، ووسيلة "لتحقيق المثل الديمقراطية".
ونشر الناشط المدني والسجين السياسي السابق فرهاد ميثمي، منشوراً على موقع "إنستغرام"، مساء الأربعاء 3 يوليو (تموز)، وصف فيه خبر مشاركته في الانتخابات بـ"الكاذب تماماً".
وكتب: "أنا شخصياً على قيد الحياة وقادر على التعبير عن رأيي وموقفي، ولا أحتاج إلى محامٍ أو وصي في مثل هذه المسألة الخطيرة".
ويأتي موقف ميثمي هذا رداً على نشر أنباء عن مشاركته في الانتخابات الرئاسية من قبل عدد من الناشطين السياسيين الإصلاحيين مثل محمد رضا جلايي بور.
وأعرب هذا الناشط المدني عن أسفه لهذا الموضوع، وطالب ناشري هذا "الخبر الكاذب جملة وتفصيلا" بالتحرك الفوري لنفيه وتصحيحه.
في الوقت نفسه، نشر أبو الفضل قدياني، وهو سجين سياسي سابق، رسالة قال فيها: "أنا مصر على مقاطعة الجولة الثانية من هذا العرض الانتخابي".
وأكد أن "حل هذه المشكلة هو تغيير نظام الاستبداد الديني الحاكم في إيران إلى نظام جمهورية علمانية ديمقراطية من خلال المقاومة المدنية والسياسية".
كما أكدت مطهره غونه إي، الطالبة المنفية وإحدى معتقلي الاحتجاجات على مستوى البلاد، أنها لن تصوت، وكتبت في "إكس": "لأن خطي الأحمر من أجل غد أفضل هو كرامة الإنسان والدفاع عن حقوق المواطن، وليس المرشد وسياسات الجمهورية الإسلامية".
وقالت لمسعود بزشكيان ممثل الإصلاحيين: "ليت خطكم الأحمر هو الكرامة الإنسانية، وليس السياسات الاستبدادية للنظام والمرشد".
وشددت على أن "الغد المشرق" سيصنعه الشعب الذي لم يعد "يثق في هذا النظام".
وأعلنت السكرتيرة السياسية السابقة للرابطة الإسلامية بجامعة طهران، يوم الأربعاء 3 يوليو، قبل ساعات من نشر هذه الرسالة المفتوحة، أنها حكم عليها بالسجن لمدة عام بتهمة "النشاط الدعائي ضد النظام لصالح وسائل الإعلام المعادية للثورة".
وقالت غونه إي إن سبب اتهامها هو "اعتراضها على حكم إعدام توماج صالحي" وكتاباتها الأخرى.
احتجاج العائلات المطالبة بتحقيق العدالة
وأكد عدد من عائلات الضحايا المطالبة بتحقيق العدالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطعة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، كما تم في الجولة الأولى.
وكتب أمجد أميني، والد مهسا جينا أميني، على "إنستغرام" أنه وعائلته ليسوا مؤيدين لأي مرشح معين، وليس لديهم أمل كبير في "تحقيق العدالة في المستقبل".
وكتبت هنغامه جوبين، والدة المراهق المقتول أرتين رحماني، على "إكس": "هذه الفجوة العميقة التي نشأت بين الشعب والنظام لا يمكن سدها بهذه السجالات السخيفة والشعارات المزيفة للمرشحين".
كان أرتين رحماني مراهقًا يبلغ من العمر 17 عامًا قُتل بنيران مباشرة من قوات الأمن في إيذه، جنوب غربي إيران، خلال الانتفاضة الشعبية.
وفي الأسابيع الماضية، وصف العشرات من عائلات المواطنين الذين قتلهم النظام في العقود الأربعة الماضية، الانتخابات الرئاسية بأنها "سيرك" و"مسرحية"، وقالوا إنهم لن يشاركوا فيها.