عاد الإصلاحيون إلى الحكم بعد 3 سنوات، سيطر فيها التيار الأصولي على جميع السلطات، من رئاسة وبرلمان وقضاء وإعلام، وهي سنوات اعتبرها الكثيرون الأسوأ في تاريخ البلاد؛ حيث تجمدت الحياة السياسية وعاش الشارع الإيراني قطيعة مع التيار الحاكم.
وتتمحور أكبر المخاوف بعد فوز المرشح الإصلاحي، مسعود بزشكيان، حول تكرار تجربة الرئيس الأسبق، حسن روحاني، مع المؤسسات النافذة في السياسة الإيرانية؛ حيث لا تسمح هذه المؤسسات والأطراف للرئيس بالتحرك وتنفيذ وعوده، وتحاول بشتى السبل عرقلة أي عمل يخطط للقيام به.
واحتفلت الصحف الإصلاحية الصادرة، اليوم الأحد، كثيرًا بفوز بزشكيان، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن هناك تحديات جمة على رئيس الجمهورية التعامل معها، وكتبت صحيفة "اعتماد" في صدر صفحتها الأولى اليوم: "المشاكل القادمة"، وأكدت أن العالم اليوم أصبح مستعدًا للتفاوض والحوار مع إيران، وعلى طهران استغلال هذه الفرصة بكل قوة لرفع العقوبات وإنهاء العزلة المفروضة على البلاد.
ولفتت صحيفة "جمهوري إسلامي" إلى أن إحدى المشاكل التي ستواجه الرئيس الجديد هي مقاومة الجماعات والأطراف المستفيدة من الوضع الراهن؛ حيث ستعارض هذه الأطراف أي محاولة تغيير، إذا ما كانت هذه المحاولة تضر بمصالحها وامتيازاتها.
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس أمامه طريقان لمواجهة هذه المقاومة من قِبل هذه الأطراف، إما الصدام وإما الحوار والتفاهم السلمي، ويبدو- تضيف الصحيفة- أن الطريقة الثانية ستكون أكثر فاعلية، وعلى الرغم من صعوبة المهمة، فإنها ليست مستحيلة.
وأشارت صحيفة "ستاره صبح" إلى انتهاء احتكار السلطة بيد تيار معين بعد 3 سنوات، وقالت إن ذلك كان انتصارًا للشعب على أقلية حاولت أن تحتكر جميع المناصب والمؤسسات.
كما لفتت بعض الصحف إلى الانعكاسات الإيجابية على سوق البورصة والذهب والعملات الأجنبية، بعد فوز الإصلاحي، مسعود بزشكيان؛ حيث تحسنت الأوضاع، وسجلت أسهم البورصة ارتفاعًا، فيما انخفضت أسعار الذهب والعملات الصعبة بنسب محدودة، لكنها دليل على القلق السابق من مجيء جليلي المتشدد وتأزم الأوضاع أكثر.
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"جوان": موت الإصلاحيين والأصوليين
تحدثت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، تعليقًا على الانتخابات الرئاسية في إيران ونسبة المشاركة المنخفضة، وكتبت: "لقد انتهى الإصلاحيون والأصوليون بالمعنى الحرفي للكلمة وماتوا، بعد أن أصبحوا في وادٍ مختلف عن الشعب، وأن الشعب الإيراني من خلال عدم مشاركته بهذه الانتخابات أكل الطعام الذي يُقدم أثناء تشييع الميت ودفنه".
وأضافت الصحيفة أن التيارين الإصلاحي والأصولي قد فقدا حقيقة معناهما، وأصبحا وسيلة للمحسوبية السياسية، وابتعدا عن مفاهيم العدالة والحق.
وأكدت أن التيارين باتا اليوم في قارب واحد، وهذا القارب إذا لم نقل إنه يسير في الاتجاه المعاكس للشعب، فإنه بكل تأكيد تجاهل الشعب وأصبح غير مبالٍ تجاه مطالبه وتطلعاته.
"جمهوري إسلامي": خسارة رجال الدين والعسكريين في الانتخابات
أعربت صحيفة "جمهوري إسلامي"، عن ارتياحها من نتائج الانتخابات، ليس لأنها جاءت برئيس جمهورية أقل تطرفًا وأكثر تركيزًا على معالجة الأزمات الدولية التي يعانيها النظام، وهو ما تدعو إليه الصحيفة، بل إن سبب ارتياحها يعود لقضية واحدة هي أن الرئيس لم يكن من رجال الدين أو العسكريين، وأن الشعب لم ينتخب من كان ممثلًا لهاتين الشريحتين (رجل الدين مصطفى بور محمدي، والعسكري السابق محمد باقر قاليباف، خسرا في الجولة الأولى من الانتخابات).
وذكرت الصحيفة أن كثرة محاولات العسكريين لتولي الرئاسة باءت بالفشل، وعليهم الآن أن يقتنعوا بأن الشعب لن ينتخبهم، ومِن ثمّ عليهم أن يتوقفوا عن كثرة المحاولات؛ لأن مهمة رئاسة البلاد تختلف عن طبيعة عمل العسكريين ومهاراتهم.
أما بالنسبة لرجال الدين والمعممين، فذكرت الصحيفة أن رجال الدين كانوا رؤساء على إيران لمدة 36 سنة من 45 سنة هي عمر نظام الجمهورية الإسلامية، وهذه الفترة طويلة وكافية، فلو كان رجال الدين باستطاعتهم شيء لفعلوه، ومِن ثمّ فإنه يجدر برجال الدين قبول هذا الواقع الجديد، كما أنه لا ينبغي أن ننسى أن الشعب الإيراني اليوم أصبح ذا نظرة سلبية تجاه رجال الدين.
"اعتماد": ماذا يتوقع الشعب من الرئيس الجديد؟
قال إسماعيل كرامي مقدم، القائم بأعمال حزب "اعتماد ملي"، إن الشعب الإيراني ينتظر من حكومة بزشكيان الجديدة أن تكون أكثر انفتاحًا مع العالم لرفع العقوبات عن البلاد، موضحًا أن العقوبات المفروضة على إيران تزيد على 2000 نوع من تلك العقوبات.
وذكر الكاتب، في مقال بصحيفة "اعتماد"، أنه على الحكومة الجديدة وبدل الاعتماد على طرق معقدة من أجل الالتفاف على العقوبات، أن تسلك طرق التفاهم والحوار مع العالم لإنهاء هذه العقوبات، مشددًا على أن العالم اليوم مستعد للتفاوض مع إيران في ظل التطورات المستجدة، وفوز مرشح إصلاحي أكثر عقلانية وواقعية في التعامل مع الملفات والقضايا الشائكة.
وأضاف كرامي مقدم: على الصعيد الاجتماعي والثقافي أيضًا يتوجب على الحكومة اتخاذ خطوات جريئة لمواجهة قضية حجب الإنترنت والقيود المفروضة على هذا القطاع.
وعلى صعيد أزمة الحجاب والمضايقات على النساء، قال الكاتب: إن بزشكيان وحكومته يجب أن يعتمدا على طرق تثقيفية وتوعوية بدل اللجوء إلى الأساليب القهرية، منوهًا إلى أن هذه الإجراءات والسياسات يجب أن تتم في فترة الـ 100 يوم الأولى من رئاسة مسعود بزشكيان.