ناقش مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، المعروف باسم "CSIS"، في مقال له الثلاثاء 9 يوليو (تموز) مستقبل السياسة الخارجية لإيران في عهد حكومة مسعود بزشكيان، وإمكانية حدوث تغيير في نهج النظام الإيراني تجاه المجتمع الدولي.
ووفقاً لهذا المقال فإن "اختيار بزشكيان كرئيس لإيران يوفر فرصة ضئيلة لطهران للتخلص من نهجها السابق، وإيجاد تغيير في سياساتها المناهضة للغرب".
وأضافت هذه المؤسسة البحثية، التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، أن أحد المحاور الرئيسية لحملة بزشكيان الانتخابية كان تغيير سياسة إيران الخارجية ورفع العقوبات، وهو ما يتطلب في حد ذاته اتفاقاً مع الولايات المتحدة. وبهذه الطريقة، وبالنظر إلى شعاراته الانتخابية، يمكن اعتبار اختيار بزشكيان بمثابة رغبة من الشعب الإيراني في تغيير الوضع الحالي.
ويوم الجمعة 5 يوليو (تموز)، وفي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، فاز المرشح المدعوم من الإصلاحيين مسعود بزشكيان برئاسة إيران بعد حصوله على 16 مليونا و384 ألف صوت، أي ما يعادل 53.6% من الأصوات.
ولم يشارك أكثر من 50% من المواطنين ممن يحق لهم التصويت في الجولة الثانية، وقاطع أكثر من 60% من الشعب الإيراني الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
وقام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بتحليل العوامل المهمة لحكومة بزشكيان في مجال السياسة الخارجية.
السياسة الخارجية لإيران حاليا
وكتب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن السلطة الرسمية للرئيس في إيران تقتصر على "القضايا الداخلية"، وأن المرشد الإيراني هو الذي يتخذ "القرارات الرئيسية في مجال السياسة الخارجية".
ويشغل العديد من الأشخاص المنتمين إلى الحرس الثوري مناصب في المؤسسات الدفاعية والأمنية والسياسة الخارجية للنظام، ويروجون للنهج المناهض لأميركا وإسرائيل.
وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن أحد الإجراءات التي اتخذتها حكومة رئيسي كان تحسين العلاقات مع السعودية ودول أخرى في المنطقة الخليجية، ويبدو أن هذا النهج سيستمر في حكومة بزشكيان، نظرا إلى تصريحات خامنئي الإيجابية حول هذا الموضوع.
وكتب مركز الأبحاث أن زيادة التعاون مع الصين وروسيا، خاصة بعد بدء الحرب في أوكرانيا، كانت قضية بارزة أخرى في السياسة الخارجية لإيران في السنوات الأخيرة.
وأصبحت موسكو وطهران أقرب إلى بعضهما البعض سياسيا وعسكريا، وكانت إيران أحد الداعمين الرئيسيين لروسيا في حرب أوكرانيا.
كما انضمت حكومة إيران إلى "الاتحاد الاقتصادي الأوراسي" وهو منظمة تدعمها روسيا، وهذا يعني تعميق العلاقات بين البلدين.
وفي 4 يوليو (تموز)، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع مع الرئيس الإيراني بالإنابة محمد مخبر، أن موسكو تدعم اتفاقية التجارة الحرة بين طهران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ستعتمد طهران على الدعم الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي من روسيا وربما الصين في المستقبل.
العقوبات الدولية على إيران
وفي السنوات الأخيرة، تعرضت إيران لأنواع مختلفة من العقوبات بسبب برنامجها النووي، ودعمها للإرهاب، وسجلها في مجال حقوق الإنسان، مما أدى إلى تضخم حاد، وتثبيط المستثمرين الأجانب عن العمل في إيران.
كما دفعت العقوبات الغربية طهران إلى زيادة تعاونها مع روسيا والصين والاعتماد على هذين البلدين.
ورغم أن بزشكيان تحدث مراراً في حملته الانتخابية عن ضرورة التفاوض مع الغرب ورفع العقوبات الدولية، إلا أن موقف خامنئي سيكون حاسماً في هذا الصدد.
وقال المرشد الإيراني علي خامنئي الشهر الماضي وقبل إجراء الانتخابات الرئاسية: "أن بعض السياسيين في بلادنا يعتقدون أن عليهم الاعتماد على هذه البلد أو ذاك، ولا يمكن المضي قدما دون الاعتماد على قوة من القوى في العالم، ويعتقدون أن كل طرق التقدم تمر عبر أميركا".
وأضاف عن خصائص الرئيس الذي يكون "الأصلح" لإدارة البلاد، وقال: "الشخص المحب لأميركا ويتصور أنه لا يستطيع التحرك خطوة دون الولايات المتحدة، لن يكون زميلا جيدا لك. لن يستخدم طاقات البلاد، ولن يدير الأمور بشكل جيد".
وعلى الرغم من خطاب خامنئي، يبدو أنه سمح للمسؤولين باستغلال الفرص المتاحة لرفع العقوبات.
وأعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، يوم الاثنين 8 يوليو (تموز)، أن واشنطن لا تتوقع أي تغيير في سلوك إيران بعد انتخاب الأطباء رئيسا.
ووفقا له، فإن الولايات المتحدة ليست مستعدة لاستئناف المفاوضات النووية مع إيران خلال الفترة الرئاسية الإيرانية الجديدة.
الانتخابات الرئاسية الأميركية
وكتب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية كذلك أن الانتخابات الرئاسية الأميركية سيكون لها تأثير أكبر على السياسة الخارجية لطهران مقارنة بالانتخابات الرئاسية الإيرانية نفسها.
وإذا فاز بايدن، فسوف تحاول واشنطن التوقيع على اتفاق نووي جديد مع إيران، فضلاً عن مواجهة تصرفات طهران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.
لكن تحرك الإدارة الأميركية المقبلة نحو التوصل إلى اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني قد يثير انتقادات تجاه بايدن لأن هذا الإجراء، بحسب كثيرين، يعادل إعطاء "مكافأة" لطهران على الرغم من دعمها للأنشطة الإرهابية.
وقد يميل بايدن إلى تقديم تنازلات للنظام الإيراني، لكن بالنظر إلى الظروف الإقليمية والعالمية، وتركيز واشنطن على القضايا الأوروبية والآسيوية، وصعوبة التفاوض مع طهران، فإن هذا الإجراء لا يبدو ممكنا.
وسيكون لإعادة انتخاب ترامب أيضًا تأثير كبير على السياسة الخارجية لإيران. خلال الولاية الأولى لرئاسة ترامب، اعتمدت إدارته سياسة الضغط القصوى ضد طهران، والآن يبقى أن نرى ما هي خطته للتعامل مع الحكومة الإيرانية إذا عاد إلى البيت الأبيض.
إن تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن في إدارة ترامب المقبلة هو أمر آخر يمكن أن يغير سياسة إيران الخارجية، لأن دفء العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة سيقلل من دوافع موسكو لتوثيق العلاقات مع طهران.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم. ووفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، فإن 49% من الناخبين يؤيدون ترامب و43% يؤيدون بايدن.