كتب مركز الأبحاث الأميركي "ستيمسون سنتر" في تقرير له أنه على عكس توقعات المسؤولين في طهران، استثمرت الصين مبلغ 618 مليون دولار فقط في إيران فيما استثمرت أكثر من 22.5 مليار دولار في المملكة العربية السعودية.
ووفقاً لهذا المركز البحثي، فإن بكين لن ترحب بتطوير ميناء "تشابهار" الإيراني لأسباب استراتيجية.
وبحسب التقرير، فإن الاتفاق الأخير بين طهران ونيودلهي بشأن تطوير ميناء "تشابهار" يواجه تحديات مثل العقوبات الأميركية، وضعف البنية التحتية في إيران، ومعارضة الصين المحتملة.
ووقع وزير الطرق في إيران مهرداد بازارباش ووزير الموانئ والشحن والممرات المائية في الهند وسارباناندا سونوال اتفاق تجهيز وتشغيل محطة "بهشتي" في ميناء "تشابهار" في مايو (أيار) الماضي الماضي.
وبموجب هذه الاتفاقية التي تمتد مدتها 10 سنوات، ستستثمر الهند 120 مليون دولار لتطوير البنية التحتية لمحطة "بهشتي"، وستقدم لإيران 250 مليون دولار للبنية التحتية للنقل في ميناء "تشابهار".
وكتب مركز أبحاث "ستيمسون" أن الهند تسعى إلى زيادة التجارة مع أفغانستان ودول آسيا الوسطى من خلال الاستثمار في ميناء "تشابهار".
يذكر أن العقوبات الأميركية ضد إيران، وإدراج طهران في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF)، وعدم اتصال البلاد بشبكة "سويفت" المصرفية الدولية، ليست سوى بعض من التحديات التي تواجه هذا المشروع.
وبعد ساعات من توقيع اتفاقية تطوير ميناء "تشابهار"، حذر فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، المسؤولين في الهند بالقول: "يجب على أي شخص ينوي التعامل مع إيران أن يكون على دراية بالمخاطر المحتملة للعقوبات".
وتعد بعض المشاكل اللوجستية، بما في ذلك تأخر إيران في استكمال خطي السكك الحديدية تشابهار-زاهدان ورشت-آستارا، من بين العقبات الأخرى في طريق تنفيذ اتفاقية ميناء "تشابهار".
ويلعب هذان الخطان للسكك الحديدية دورا مهما في نقل البضائع من ميناء "تشابهار" وربطه بـ"ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب"، المعروف باسم INSTC""، وغيابهما يجعل تنفيذ العقد المبرم بين طهران ونيودلهي ومدته 10 سنوات صعبا.
وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب هو خطة استراتيجية روسية هندية إيرانية تحاول ربط بحر قزوين بالمنطقة الخليجية والمحيط الهندي.
ويعتبر هذا المشروع منافسا لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ولهذا السبب، فإن استثمار الهند في ميناء "تشابهار" ومحاولة ربطه بممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب لن يكون مرضيا للغاية لبكين.
ووقعت الصين وإيران اتفاقية تعاون مدتها 25 عاما بقيمة 400 مليار دولار في عام 2021. ومع ذلك، شهدت العلاقات بين طهران وبكين في الآونة الأخيرة تحديات، كما انتقد مواطنو إيران هذا الاتفاق.
وفي يونيو (حزيران) من هذا العام، دعمت الصين، في بيان مشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، جهود أبوظبي للتوصل إلى "حل سلمي" فيما يتعلق بالسيادة على جزر طنب الصغيرة وطنب الكبرى وأبو موسى.
وفي يونيو (حزيران)، استدعت وزارة خارجية الإيرانية السفير الصيني لدى طهران احتجاجا على ما تسميه إيران "دعم بكين المتكرر" لـ"الادعاءات التي لا أساس لها" للإمارات.
ورغم احتجاج طهران، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ: "موقف بكين بشأن هذه الجزر الثلاث ثابت".
كما أنه على عكس توقعات مسؤولي النظام الإيراني، لم تقم الصين باستثمارات كبيرة في إيران، كما أن حجم التجارة بين بكين وطهران منخفض للغاية مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة.
ووفقا لمركز "ستيمسون" للأبحاث، في الفترة من 2018 إلى 2022، بلغت استثمارات الصين في المشاريع الإيرانية 618 مليون دولار فقط.
في المقابل، تستثمر الصين 22.5 مليار دولار في السعودية، و19.3 مليار دولار في الإمارات العربية المتحدة، و13 مليار دولار في العراق، و4.6 مليار دولار في الكويت، و2.5 مليار دولار في عمان، و1.8 مليار دولار في قطر.
إن استثمارات الصين، حتى في دولة البحرين الصغيرة، كانت ضعف استثماراتها في إيران.
ويعد ميناء "تشابهار" منافسًا محتملًا لميناء "جوادر" الباكستاني. وبما أن الصين استثمرت بكثافة في ميناء "جوادر"، فإن تطوير ميناء منافس لن يكون أمرًا مرغوبا في من جانب الصين.
ومع ذلك، وبالنظر إلى التحديات الحالية، فإن ميناء "تشابهار" أمامه طريق طويل ليقطعه في مسار تطويره.
ووعدت الصين باستثمار 62 مليار دولار في ميناء "جوادر" الباكستاني؛ في حين، لن تتجاوز استثمارات الهند في ميناء تشابهار الإيراني 500 مليون دولار.