نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مطلعة ومسؤولين حكوميين في العراق، أن مئات من شاحنات النفط تنقل ما لا يقل عن 200 ألف برميل من النفط الرخيص يوميا من كردستان العراق إلى إيران وفي بعض الحالات إلى تركيا. وبحسب هذا التقرير فإن القيمة الشهرية لهذه الشحنات النفطية تقارب 200 مليون دولار.
وجاء في التقرير، الذي نشر الخميس 11 يوليو (تموز)، أن هذا العدد من شاحنات النفط يذهب عبر الطرق السريعة الجبلية المتعرجة من محيط مدينة أربيل، مركز إقليم كردستان العراق.
وذكرت "رويترز"، أن حركة هذه الناقلات هي الشكل الأبرز في عملية نقل النفط من إقليم كردستان العراق- الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي- إلى إيران وتركيا، والتي ازدهرت منذ إغلاق خط أنابيب تصدير النفط الرسمي العام الماضي.
وجمعت "رويترز" تفاصيل هذه العمليات من خلال مقابلات مع أكثر من 20 شخصا، من بينهم مهندسو نفط يعملون في حقول النفط العراقية، ورجال أعمال، ومسؤولون حكوميون، وسياسيون ودبلوماسيون، ومصادر في صناعة النفط.
وقال مسؤول كبير في وزارة الموارد الطبيعية في كردستان لـ"رويترز" إن إنتاج النفط في الإقليم يبلغ 375 ألف برميل يوميا، ويتم شحن 200 ألف برميل منها إلى إيران وتركيا، ويتم تكرير الباقي في داخل الإقليم.
وأضاف هذا المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية الأمر: "لا أحد يعرف ماذا سيحدث للدخل من 200 ألف برميل من النفط المهرب إلى الخارج أو بيع المشتقات النفطية لمصافي التكرير في المنطقة".
وأشارت مصادر لـ"رويترز" إلى أن شركات النفط في كردستان العراق تبيع النفط الخام للمشترين المحليين بأسعار منخفضة تتراوح بين 30 إلى 40 دولاراً للبرميل، أي ما يقرب من نصف السعر العالمي.
وأكد مسؤولون عراقيون أن مستوى الصادرات غير الرسمية هو أحد أسباب فشل العراق في الوفاء بتعهده بخفض إنتاج النفط بموجب اتفاق أوبك هذا العام.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، إن تجارة النفط في كردستان لا تحظى بموافقة الحكومة العراقية، وأن شركة مبيعات النفط العراقية الحكومية هي الجهة الرسمية الوحيدة المخولة ببيع النفط الخام في البلاد.
ووفقا له، لا تملك الحكومة إحصائيات دقيقة حول كمية النفط المهرب إلى إيران وتركيا.
ولم يرد المسؤولون الإيرانيون والأتراك على طلبات "رويترز" للتعليق حول هذا الموضوع.
وقال جيم كرين من معهد بيكر بجامعة رايس في هيوستن لـ"رويترز"، في إشارة إلى أهمية قضية تهريب النفط بالنسبة لأوبك: "أصبحت أوبك الآن أقل تسامحا مع تهريب النفط، بل إنها اتخذت إجراءات عقابية ضد أعضائها المخالفين".
وبحسب كرين، فمن غير المرجح أن تشمل هذه الإجراءات العراق، مضيفا: "أشك في أننا سنرى أي إجراءات عقابية ضد بغداد، لأنه من المعروف أن إقليم كردستان العراق خارج سيطرة الحكومة المركزية".
وفي السياق نفسه، قال مسؤول أميركي لـ"رويترز" إن التجارة يمكن أن تضع كردستان على مسار تصادم مع حليفتها الوثيقة واشنطن، حيث تدرس الولايات المتحدة ما إذا كانت مثل هذه التجارة تنتهك العقوبات الاقتصادية الأميركية ضد إيران.
وبحسب "رويترز"، كان إقليم كردستان العراق يصدر معظم نفطه الخام إلى تركيا عبر خط الأنابيب العراقي الرسمي الذي يمتد من مدينة كركوك النفطية العراقية إلى ميناء جيهان التركي حتى العام الماضي.
وذكرت الحكومة الفيدرالية في بغداد، أنها الجهة الوحيدة المرخص لها ببيع النفط العراقي، وقالت بأن تركيا استوردت النفط من حكومة إقليم كردستان دون موافقة بغداد، في انتهاك لمعاهدة عام 1973.
وقال مسؤول أميركي إن واشنطن تراجع تجارة النفط لتقييم مدى التزام إقليم كردستان بالعقوبات المفروضة على إيران، لكن وزارة الخزانة الأميركية امتنعت عن التعليق.
وأوضح مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية لـ"رويترز" أن العقوبات الأميركية على إيران لا تزال قائمة، وإننا نتواصل بانتظام مع شركائنا بشأن قضايا إنفاذ العقوبات، لكنه لم يكشف عن تفاصيل هذه المناقشات.