تتجه تحركات السياسيين الإيرانيين بعد الانتخابات الرئاسية، ولا سيما الأصوليين المتشددين، نحو السيطرة على الكيانات الحكومية، التي تدير الأموال العامة والمسؤولة عن تخصيصها وتوزيعها.
واندلعت مواجهات شرسة طوال الأسبوع بين عدد من وزراء حكومة "رئيسي" المنتهية ولايتها، وبعض مساعدي رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، حول المنصب الأعلى في ديوان المحاسبة بالبرلمان الإيراني؛ حيث تلعب هذه الهيئة دورًا حاسمًا في توزيع الأموال على الأفراد والمنظمات المتنفذة.
وكان من بين المرشحين لهذا المنصب رئيس ديوان المحاسبة الحالي، أحمد رضا دستغيب، ووزير الطرق في حكومة "رئيسي"، مهرداد بذرباش، ووزير الاقتصاد، إحسان خاندوزي، ورئيس التخطيط والميزانية، داود منظور.
ومن معسكر قاليباف، أعلن محسن بيرهادي واثنان آخران ترشحهم للمنصب، كما طرحت مجموعات أصولية أخرى مرشحيها، ومع ذلك، لم يسمِ الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، أي مرشحين، حيث لا يزال يتعين على كبار مسؤوليه، الذين من المرجح أن يتم الإعلان عنهم الأسبوع المقبل، حصد الثقة من قِبل البرلمان.
وتنحصر مهمة ديوان المحاسبة الرئيسة في التأكد من أن الميزانية السنوية للبلاد تُنفق بالطريقة الصحيحة، ويتم توزيعها بشكل عادل بين جميع الهيئات الحكومية وعشرات المنظمات الدينية والأيديولوجية الحكومية، التي لا يتم تحديد وظائفها بوضوح، وفي الوقت نفسه، يمكن لهذه الهيئة إجراء تحقيقات حول إنفاق كل هذه المنظمات.
علاوة على ذلك، أثبت هذا المنصب أنه منصة انطلاق جيدة للمناصب العليا في الدولة؛ فقد ارتقى كبار المسؤولين السابقين في هذا المنصب إلى مناصب وزارية أعلى، أو منصب نائب الرئيس.
ومن ناحية أخرى، يبدو أن اثنين على الأقل من كبار الأصوليين المتطرفين- المرشح الرئاسي السابق سعيد جليلي، والأصولي علي أكبر رائفي بور- يواجهان مشاكل كبيرة؛ فهما يتعرضان لضغوط شديدة لكشف مصادر تمويل "حكومة الظل"، التي يترأسها جليلي، ومنظمة "مصاف" التي يتولاها رائفي بور.
وأعلن جلیلی صراحة أنه يقود "حكومة الظل" ومعه تیاره، في حين تهدف منظمة "مصاف" إلى إرسال أكبر عدد ممكن من المتشددين إلى البرلمان الإيراني.
ووجه القضاء الإيراني اتهامات لمنظمة "مصاف" ورائفي بتشويه صورة قاليباف خلال الانتخابات البرلمانية، التي أُجريت في مارس (آذار) 2024، عندما لم تتمكن تلك المنظمة من إرسال أكبر عدد ممكن من المشرعين الجدد إلى البرلمان.
وأشارت تقارير إعلامية بأصابع الاتهام إلى رئيس البرلمان الإيراني؛ باعتباره الرجل الذي يقف وراء لوائح الاتهام الموجهة إلى رائفي بور وصحافيين كشفوا عن سوء إدارة قاليباف للأموال وقضايا أخرى تتعلق بأفراد عائلته.
وتساءل موقع "خبر أونلاين"، في تقرير مفصل نُشر يوم الثلاثاء الماضي، عن التمويل والنفقات غير الشفافة لحكومة الظل، التي يترأسها جليلي.
ونقل التقرير عن أكثر من 20 سياسيًا انتقادهم لـ "جليلي" وحكومته الموازية، وزعموا أنه على الرغم من الأهداف غير الواضحة لهذه "الحكومة"، فإن وجودها ينتهك المعايير السياسية؛ حيث تتكون حكومات الظل عادة من أحزاب سياسية ذات برامج محددة.
وذكر موقع "خبر أونلاين" أن حكومة الظل، التي يترأسها جليلي، ليس لها ميثاق أو نظام أساسي، وأن أعضاءها غير معروفين.
ودعا آخرون جليلي إلى توضيح مصدر تمويله، وأسماء أولئك الذين يسيطرون على الحسابات المصرفية لحكومة الظل، التي تم دفع مبالغ ضخمة منها لحملته الانتخابية، واتهموا أيضًا الحكومة التي يترأسها جليلي بأنها كيان غير قانوني.
ولم يدلِ جليلي بأي تصريح لتوضيح الوضع الغامض، الذي تعيشه "حكومة الظل"، التي يقودها منذ سنوات.