بينما لا تزال الطريقة التي قُتل بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران يكتنفها الغموض، ولم يتحمل أحد حتى الآن المسؤولية الرسمية عن هذه الحادثة، فقد كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير نقلاً عن أقوال 7 مسؤولين مطلعين أن هنية قُتل إثر انفجار قنبلة في مكان إقامته.
وكتبت "نيويورك تايمز" أنه تم تهريب عبوة ناسفة قبل أشهر من رحلة هذا القيادي الكبير في حماس إلى طهران، وتم زرعها في مقر إقامة إسماعيل هنية قبل نحو شهرين.
وفي حديث مع صحيفة "نيويورك تايمز"، أكدت خمسة مصادر مطلعة، لم يتم الكشف عن أسمائها، أن هذا الفندق الأمني الذي يخضع لإشراف وحماية الحرس الثوري الإيراني في المنطقة الراقية شمالي طهران (سعد آباد) هو جزء من "مجمع نشاط".
وبينما كان هنية عائدا إلى مقر إقامته بعد حضور مراسم أداء اليمين الدستورية لمسعود بزشكيان، تم تفجير القنبلة عن بُعد، وقتل هنية بالإضافة إلى أحد حراسه.
وأدى هذا الانفجار، الذي هز المبنى وهشم بعض النوافذ، إلى انهيار جزء من الجدار الخارجي لمكان إقامة هنية.
ووفقا لمسؤولَين في إيران كانا عضوين في الحرس الثوري وكانا حاضرين أثناء الحادث، فإن الأضرار التي لحقت بالمبنى واضحة تماما. ويظهر هذا الدمار بوضوح في صورة لهذا المبنى حصلت صحيفة "نيويورك تايمز" على نسخة منها.
ووقع الانفجار بينما كانت طهران تخضع لإجراءات أمنية مشددة بسبب استضافتها حفل اليمين الدستورية لمسعود بزشكيان، وحضور كبار المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين وشخصيات بارزة من 86 دولة.
ووفقا لقول 3 مسؤولين إيرانيين، فإن تنفيذ مثل هذه العملية في طهران يعد فشلا كارثيا من الاستخبارات والأمن بالنسبة لإيران، وحدثا مخزيا للحرس الثوري الإيراني، الذي يستخدم هذا المجمع لاستضافة مسؤولين بارزين يحتاجون إلى حماية مكثفة. ولا يزال من غير الواضح كيفية نقل هذه العبوة الناسفة، ووضعها في غرفة هنية.
ويعتقد المسؤولون المطلعون الذين تمت مقابلتهم في تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" أن تنفيذ هذه العملية يتطلب شهورًا من التخطيط والاستثمار، والوصول إلى معلومات مفصلة ومن الدرجة الأولى حول كيفية مراقبة هذا المجمع.
ولم يكن المسؤولان الإيرانيان اللذان وصفا تفاصيل الاغتيال على علم بكيفية ومتى تم نقل المتفجرات وزرعها في غرفة هنية.
ووفقا لتقرير صحيفة "نيويورك تايمز"، وقع الانفجار حوالي الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي لطهران. وتوجهت الطواقم الطبية المتواجدة في المجمع إلى غرفته فور وقوع الانفجار، وبعد فحص هنية، أكدت وفاته على الفور. ولم تنجح محاولات إنعاش الحارس الشخصي لهنية، فقُتل هو الآخر.
وكتبت هذه الصحيفة الأميركية بناء على تصريحات اثنين من المسؤولين الإيرانيين أجريت معهما مقابلات، أن زياد النخالة، زعيم حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الذي كان يقيم في الغرفة المجاورة، لم يصب، وهذا يدل على أنه كان هناك تخطيط دقيق لاستهداف هنية.
كما قال خمسة مسؤولين من الشرق الأوسط لصحيفة "نيويورك تايمز" إن خليل الحية، نائب قائد حماس في قطاع غزة، الذي رافق هنية في رحلته إلى طهران، وصل إلى مكان الحادث وشاهد جثمان هنية.
وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن تصريحات ثلاثة مسؤولين في إيران، أنه تم إبلاغ كبار المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس، بسرعة بهذا الحادث، وأخيرا تم إبلاغ المرشد علي خامنئي بالحادث.
وبعد أربع ساعات من الانفجار، أصدر الحرس الثوري الإيراني بيانا أكد فيه مقتل هنية.
وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين إن علي خامنئي استدعى أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى مقره في الساعة السابعة صباحا، وأمر بشن هجمات انتقامية ضد إسرائيل.
ورغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها علانية عن هذا العمل، إلا أن المسؤولين في إيران وحركة حماس أعلنوا يوم الأربعاء 31 يوليو (تموز) أن إسرائيل مسؤولة عن عملية الاغتيال.
ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن هذا هو أيضا تقييم العديد من المسؤولين الأميركيين الذين لم يرغبوا في الكشف عن أسمائهم.
وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن تصريحات خمسة مسؤولين من الشرق الأوسط، أن مسؤولي المخابرات الإسرائيلية أبلغوا على الفور الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى بتفاصيل العملية.
ويأتي ذلك في حين أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال يوم الأربعاء 31 يوليو (تموز)، إن الولايات المتحدة لم تتلق أي معلومات مسبقة حول العملية.