احتلت تداعيات اغتيال إسماعيل هنية في طهران، والتحديات التي تواجه الحكومة الجديدة في إيران داخليًا وخارجيًا، صدارة عناوين الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد.
وبعد أيام من التهديد والوعيد، لا يزال العالم يترقب الرد الإيراني على إسرائيل، التي تتهمها طهران بالوقوف وراء حادث اغتيال هنية في أحد مقار الحرس الثوري شمال العاصمة طهران.
ورأى محللون أن فرص وخيارات إيران للرد محدودة، ومن المتوقع أن يكون الرد الإيراني "منسقًا مسبقًا"، كما ما حدث في إبريل (نيسان) الماضي، وأن طهران لا تريد الانخراط في حرب شاملة وكبيرة؛ بسبب ما تمر به من ظروف اقتصادية عصيبة، وحكومة وليدة ترغب في بدء صفحة أكثر سلمية مع العالم، وأقل صدامًا مع الغرب والولايات المتحدة الأميركية، كما رفعت ذلك في حملاتها الانتخابية.
لكن قبل وقوع الهجوم الإيراني المزعوم انعكست آثاره السلبية على الاقتصاد الإيراني في الأيام القليلة الماضية؛ حيث تراجعت العملة الإيرانية أمام الدولار والعملات الصعبة، وتم تداول الدولار الأميركي الواحد يوم أمس بـ 62 ألف تومان، بعد أن كان يباع بسعر 57 و58 ألف تومان قبل حادث اغتيال هنية.
كما انعكست آثار هذه الحالة المتأزمة على البورصة، التي تراجعت مؤشراتها بشكل كبير خلال الأيام القليلة، ويوم أمس فقط تراجعت بورصة طهران 61 ألف نقطة؛ ليسقط مؤشرها إلى مستوى مليونين و6 آلاف و666 وحدة.
وتناولت صحف، مثل "تجارت"، هذا الانهيار في البورصة وكتبت في تقرير لها بعنوان: "أسباب الانهيار الكبير في البورصة"، ورأت أن الغموض تجاه طبيعة الرد الإيراني على إسرائيل ومآلات هذا التصعيد المحتمل هو السبب الرئيس وراء انهيار أسواق البورصة في اليومين الأخيرين.
كما استخدمت صحيفة "ستاره صبح" عنوان: "اهتزازات الاغتيال في السوق.. ارتفاع سعر الدولار والذهب وانهيار البورصة".
وتطرقت صحيفة "رويداد امروز" إلى التفاصيل الجديدة حول حادث اغتيال هنية في طهران، مستشهدة بتقرير الحرس الثوري الثالث حول الحادث؛ حيث جاء في التقرير: "رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، إسماعيل هنية، اُغتيل بقذيفة قصيرة المدى.. مصحوبة بانفجار قوي"، متهمًا إسرائيل بالتنفيذ والولايات المتحدة الأميركية بالدعم.
وأضاف بيان الحرس الثوري الإيراني، الذي نُشر أمس السبت، 3 أغسطس (آب): "بحسب التحقيقات فإن هذه العملية الإرهابية تمت بإطلاق مقذوف قصير المدى برأس حربي يزن نحو 7 كيلو غرامات، ذات انفجار قوي، من خارج مقر إقامة الضيوف".
وجدد الحرس الثوري الإيراني في نهاية بيانه الجديد، التأكيد "أن الانتقام لمقتل الشهيد إسماعيل هنية أمر مؤكد، وستتلقى (إسرائيل) العقوبة القاسية على هذه الجريمة في الوقت والمكان المناسبين".
ونقرأ الآن المزيد من التفاصيل في الصحف الإيرانية الصادرة اليوم:
"آرمان ملي": الرد الإيراني سيكون محدودًا ومنسقًا
توقع الكاتب والمحلل السياسي، علي بيكدلي، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "آرمان ملي"، أن يكون الرد الإيراني محدودًا ومُسيطرًا عليه وشبيهًا بالهجوم السابق في إبريل (نيسان) الماضي؛ لأن طهران ورغم ما تعرضت له لا تريد الدخول في صراع واسع وشامل تكون الولايات المتحدة الأميركية أحد أطرافه.
ورحب الكاتب الإصلاحي بما سماه "الدبلوماسية السرية"، التي تقوم بها إيران، قبل قيامها بالرد على استهداف المسؤولين والقادة العسكريين، مشيرًا إلى التنسيقات الدبلوماسية، التي قامت بها إيران، في الرد على اغتيال قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، عام 2020 وكذلك حادث الرد على استهداف القنصلية الإيرانية في إبريل الماضي؛ حيث أجرت التنسيقات مع الأطراف الأخرى لإدارة الرد ومنع التصعيد.
ورفض بيكدلي بعض التحليلات، التي تزعم بأن اغتيال هنية بعد ساعات قليلة من أداء الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، اليمين الدستورية، كان بهدف عرقلة مسار الحكومة الجديدة، وإفشال محاولاتها الرامية إلى تحسين علاقات إيران الخارجية، وقال إن عملية الاغتيال لا علاقة لها ببزشكيان وحكومته، حيث إن إسرائيل كانت قد أكدت أن قادة حركة "حماس" الفلسطينية سيكونون هدفًا مشروعًا لها أينما عثرت عليهم.
"دنياي اقتصاد": لا مفر من الرد على إسرائيل وسيكون أكبر من الهجوم السابق
نقلت صحيفة "دنياي اقتصاد" عن عضويين في لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني قولهما إن الرد على إسرائيل بعد مقتل إسماعيل هنية في طهران حتمي ومؤكد، وأنه سيكون أكبر بكثير من الهجوم السابق، الذي شنته إيران على إسرائيل في إبريل الماضي، بعد حادث استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل القادة العسكريين الإيرانيين.
وذكر عضو لجنة الأمن في البرلمان، إسماعيل كوثري، للصحيفة أن إسرائيل استخدمت عملاء لها داخل إيران؛ لتصفية إسماعيل هنية واغتياله، وهو في ضيافة إيران؛ ما يعطي لطهران الحق الكامل للرد بشكل قوي وحازم.
كما نقلت الصحيفة كلام الناشط السياسي الأصولي، ناصر إيماني، الذي قال إن إسرائيل لا ترغب في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وإنما كشفت أنها تبحث عن حرب شاملة من خلال اغتيال هنية، وهو ما يعد انتهاكًا لسيادة إيران وسلامة أراضيها.
وشدد الكاتب على ضرورة أن يكون الرد الإيراني رادعًا ومؤلمًا لإسرائيل، لكن في الوقت نفسه يجب ألا يجر باقي الدول إلى هذه المواجهة والصراع، معتقدًا أن إيران لا حل أمامها سوى الرد على ما قامت به إسرائيل، فجر الأربعاء الماضي، من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية.
"اعتماد": من الوارد الدخول في حرب إقليمية شاملة
رأى الكاتب والمحلل السياسي، نصر الله تاجيك، في مقال بصحيفة "اعتماد" الإصلاحية، أن اغتيال هنية كان اغتيالاً للمفاوضات، موضحًا أن إيران، وعلى الرغم من عدم رغبتها في التصعيد، فإنها لا بد لها من الرد على إسرائيل، وتبقى حدود الرد غير معروفة، حتى الآن، لكن احتمال الدخول في حرب شاملة وإقليمية وارد وممكن.
مع ذلك رأى تاجيك أن الوصول إلى هذه النقطة لا يزال مبكرًا، وإذا لم تقع الدول في خطأ حسابي، فإن مواجهة محدودة ستقع بين الأطراف المتخاصمة.
وتوقع الكاتب أن يكون دور الجماعات المسلحة الموالية لإيران أكثر بروزًا هذه المرة، مقارنة مع الرد الإيراني السابق؛ الذي قامت به إيران بمفردها، لكن في هذه المرة من الممكن أن تقوم هذه الميليشيات بدور أكبر، بالتنسيق مع إيران.