قال قائد القيادة المركزية الأميركية، مدير وكالة الاستخبارات المركزية "CIA" السابق، ديفيد بترايوس، في لقاء خاص مع قناة "إيران إنترناشيونال"، إن إيران وإسرائيل ستحاولان تجنب الحرب الشاملة؛ خوفًا من الدمار الذي قد تلحقه بكل منهما، وذلك وسط تقارير عن هجوم إيراني "وشيك" على إسرائيل.
واشتدت الحرب الباردة بين البلدين الأسبوع الماضي، وذلك بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية، إسماعيل هنية، في طهران؛ حيث وعد المسؤولون الإيرانيون، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، برد قاسٍ يعتقد كثيرون أنه سيحدث عاجلاً وليس آجلاً.
وقال بترايوس لمراسلة قناة "إيران إنترناشيونال"، مرضية حسيني: "أعتقد أن (الإيرانيين) يجب أن يردوا. هذه ضربة هائلة لشرف إيران، وفشل استخباراتي ضخم، وإخفاق أمني؛ لذا يجب عليهم الرد. ولكنني لا أعتقد أن إيران تريد الدخول في حرب مباشرة حقيقية مع إسرائيل، وبصراحة لا أعتقد أيضًا أن إسرائيل تريد الدخول في حرب شاملة حقيقية مع حزب الله أو مع إيران، ولا أعتقد أنهم يريدون الدخول في هذا مع بعضهم البعض، لأن الضرر الذي سيلحق بالجانبين سيكون كبيرًا للغاية".
وعن الأهداف المحتملة للعملية الإيرانية، قال الجنرال بترايوس: "هناك قائمة كاملة. أنا متأكد من أنهم ينظرون إلى كل شيء من محاولة ضرب موقع عسكري، وصولاً إلى ضرب البنية التحتية الحيوية أو ميناء رئيس أو شيء من هذا القبيل. وإذا نجح ذلك بالفعل، فسيتعين على إسرائيل الرد بطريقة هائلة للغاية على الطريقة التي ردوا بها على هجوم الطائرات المُسيّرة الحوثية، وألحقوا أضرارًا جسيمة بميناء الحديدة في اليمن".
وتجدث بترايوس عن مقتل هنية، في طهران، قائلاً: "لقد شعرت بأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أثبتت مرة أخرى مدى قدرتها على اختراق عناصر مختلفة داخل إيران"، مضيفاً: "إن التفسير الأكثر ترجيحًا الذي سمعته عن كيفية تنفيذ هذه العملية هو أنها كانت نتيجة لقنبلة زُرعت قبل أشهر في بيت الضيافة الذي أقام فيه هنية...".
وبدأت الجولة الحالية من التصعيد، يوم الأربعاء الماضي، بعدما اُغتيل هنية أثناء وجوده في طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان. ووجهت طهران أصابع الاتهام على الفور إلى إسرائيل، التي التزمت الصمت المعتاد بشأن مثل هذه الأمور في مواجهة الاعتقاد السائد بأن أجهزة المخابرات الإسرائيلية كانت وراء الاغتيال.
وكثّفت الحكومات في المنطقة وخارجها جهودها الدبلوماسية؛ تحسبًا لهجوم إيران، الذي تخشى أن يؤدي إلى دوامة من الانتقام خارجة عن السيطرة وجرها إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط. ولا يُعرف سوى القليل عن نطاق وطبيعة "الانتقام" الذي وعدت به إيران في هذه المرحلة، لكن الكثيرين يخشون أن يكون أكثر خطورة من الهجوم الانتقامي الأخير في إبريل (نيسان) الماضي.
والتزم المسؤولون الإيرانيون الصمت إلى حد كبير بشأن تفاصيل الهجوم، الذي قتل هنية. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، هي أول من أورد سيناريو "القنبلة"، وقد سلطت عملية الاغتيال الضوء على الحرس الثوري الإيراني، حيث ينتقد العديد من الأشخاص داخل إيران، حتى بين المسؤولين السابقين، أجهزة الاستخبارات، ويدعون إلى "التحقيق" و"الإجابات الواضحة" عن التساؤلات حول الثغرات الأمنية، التي سمحت بهذا الحادث.
لن يتغير موقف إيران مع بزشكيان
وسألت حسيني الجنرال بترايوس عن آفاق الصراعات في الشرق الأوسط، وما إذا كانت الحكومة الإيرانية الجديدة تحت قيادة بزشكيان قادرة على تغيير الأمور أم لا؛ فأجاب: "الجوانب المثيرة للقلق حقًا في إيران، الطائرات المُسيّرة والصواريخ التي تبيعها لروسيا، والدعم للجماعات المسلحة التي تدعمها في غزة، وحزب الله في جنوب لبنان، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، والحوثيين في اليمن، لا أعتقد أن بزشكيان سيكون لديه أي سيطرة على ذلك". وأضاف: "ما قد يكون قادرًا على فعله هو الحد من دور شرطة الأخلاق في فرض الحجاب، وهذا في الواقع قد يوفر قدرًا من الراحة للإيرانيين في الداخل".
وأضاف: "من الممكن أن يتمكن من تنفيذ إصلاحات محدودة للاقتصاد".
وقد وعد بزشكيان بمعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران. ومع ذلك، يقول العديد من الخبراء إنه يكاد يكون من المستحيل إحداث تغيير ذي مغزى دون تحول جذري في السياسة الخارجية والنووية الإيرانية من شأنه أن يخفف من العقوبات على اقتصاد البلاد.
لكن الجنرال بترايوس لم يكن متفائلاً للغاية بشأن تحقيق تقدم على الجبهة النووية، محذرًا من أن الإدارة الأميركية القادمة قد لا يكون لديها حافز كبير لتصبح أكثر ليونة مع إيران.
سياسة "أكثر صرامة" في عهد ترامب أو هاريس
وأشار المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية إلى أنه من الصعب للغاية تحليل سياسة الإدارة الأمريكية المقبلة دون معرفة من سيكون الرئيس، حيث قال دونالد ترامب إنه سيعيد فرض بعض العقوبات، وأعتقد أن رئاسة هاريس ستفعل الشيء نفسه. الحقيقة هي أنه في الوقت الحالي، في عام الانتخابات، أنت قلق بشأن سعر البنزين في محطات البنزين، وإذا فرضوا، على سبيل المثال، عقوبات تقلل من قدرة إيران على تصدير 1.5 مليون برميل من النفط، فإن سعر البنزين سيرتفع".
ووصف بترايوس إيران بأنها "عدو" هدفه النهائي هو دفع الولايات المتحدة للخروج من الشرق الأوسط، ولكنه حذر من أن هذا قد لا يكون خيارًا حقيقيًا لأي إدارة أميركية. وقال: "إن هذا الجهد المستمر من جانب الولايات المتحدة للخروج من الشرق الأوسط يشبه محاولة مايكل كورليوني (شخصية سينمائية خيالية) الخروج من عصابات المافيا. فأنت تستمر في الانجرار إلى المافيا مرة أخرى، ومن الأفضل أن تعترف بذلك وتحدد الهيكل الأكثر فاعلية وكفاءة للقوة المطلوبة لضمان أهدافنا في المنطقة، ثم تحافظ على ذلك وتدعمه وتتوقف عن تخويف كل الناس في المنطقة الذين يخشون مغادرتنا".