كان الحل الذي قدمه النظام الإيراني لمواجهة أزمة إمدادات الكهرباء في الشهر الأول من الصيف هو إغلاق المصانع. وفي الشهر الثاني من الصيف، قررت الحكومة إغلاق الدوائر الحكومية، وفي أغسطس (آب)، جاء دور البرلمان. فهل سيتم علاج أزمة اختلال توازن الطاقة في إيران بهذه الإغلاقات؟
منذ الأسبوع الأخير من شهر يوليو (تموز) 2024، يواصل مجلس الإعلام الحكومي والسلطات المحلية في بعض المحافظات إغلاق الدوائر الحكومية بشكل مستمر أو جزئي، بسبب عدم القدرة على توفير الكهرباء، وما زالت هذه العملية مستمرة.
وأعلنت الإدارة العامة للأخبار والإعلام بالبرلمان الإيراني، الأربعاء 7 أغسطس (آب)، أنه وفقاً لإعلان مجلس الإعلام الحكومي فإن يوم الأربعاء سيكون عطلة للدوائر الحكومية في طهران، والجلسة العامة للبرلمان لن تعقد في هذا اليوم، وسيتم إغلاق البرلمان.
وأعلنت أمانة مجلس الإعلام الحكومي، الثلاثاء 6 أغسطس، أنه بقرار الحكومة، ستكون أنشطة المراكز الحكومية في 13 محافظة في البلاد من الساعة السادسة إلى الساعة 10 صباحا يوم الأربعاء، كما أن الدوائر الحكومية في طهران والبرز سيتم إغلاقها بسبب الظروف الجديدة.
وبحسب هذا الإعلان، فإن الدوائر في محافظات بوشهر، وخراسان رضوي، وخوزستان، وسمنان، وبلوشستان، وفارس، وقم، وكرمان، وكرمانشاه، وكلستان، ومازندران، ومركزي، ويزد، كانت مغلقة جزئياً.
وأعلن مجلس الإعلام الحكومي، يوم الاثنين 5 أغسطس (آب)، أنه سيتم تخفيض ساعات عمل المكاتب الحكومية في 15 محافظة يوم الثلاثاء.
وبحسب هذا الإعلان، فإن ساعات العمل في محافظات أصفهان، والبرز، وبوشهر، وطهران، وخراسان رضوي، وخوزستان، وبلوشستان، وفارس، وقم، وكرمان، وكرمانشاه وكلستان، ومازندران، ومركزي، ويزد، ستكون من الساعة 6:00 صباحًا حتى الساعة 10:00 صباحًا.
في الأسبوع الماضي، أعلنت مجموعة عمل الطاقة في محافظة يزد أنه تم تحديد ساعات عمل مكاتب هذه المحافظة من السبت 3 أغسطس إلى الأربعاء 7 أغسطس، بين الساعة 6:00 صباحًا و12:00 ظهرًا.
وكانت محافظات كرمانشاه، وكوهكيلويه وبوير أحمد، ومركزي، تعاني من نفس الظروف التي كانت تمر بها يزد.
وأعلن مسؤولون في محافظة أصفهان أن مكاتب هذه المحافظة ستغلق أبوابها يومي الأربعاء والخميس 7 و8 أغسطس بسبب الحرارة وانخفاض جودة الهواء.
وتشهد مكاتب محافظات البلاد المختلفة إغلاقاً أو شبه إغلاق واحداً تلو الآخر، فيما تحاول الحكومة حل أزمة نقص الكهرباء بقطعها عن الوحدات الصناعية منذ يوليو (تموز) الماضي.
والآن، بعد إغلاق الوحدات الصناعية، جاء دور المكاتب أو القطاع العام لحل أزمة خلل الكهرباء عن طريق إغلاقها أو شبه إغلاقها.
إلى متى سيتم التخفيض في الاستهلاك؟
تعطي السلطات الإيرانية عنوانا خاطئا لحل مشكلة الكهرباء في إيران. ومن هذه العناوين الخاطئة نصح المواطنين بتقليل الاستهلاك. وتوصيات مثل التقليل من استخدام المكيفات.
ويأتي ذلك في حين أن إجمالي استهلاك الكهرباء المنزلي لا يشكل هذه الحصة الكبيرة من إجمالي الكهرباء المنتجة في البلاد. ومن ناحية أخرى، يستهلك المواطنون الإيرانيون كهرباء أقل بكثير من المواطنين في أجزاء أخرى من العالم.
وتتشابه الدول الثلاث، إيران وتركيا وألمانيا، تقريبًا من حيث عدد السكان. وبحسب التقرير السنوي لوكالة الطاقة الدولية، فإن استهلاك الكهرباء المنزلي في إيران أقل بنسبة 40% من ألمانيا، وأكثر بنسبة 36% من تركيا.
ومع ذلك، لا تزال السلطات تشير بأصابع الاتهام إلى المواطنين.
سرطان الطاقة في إيران
وبحسب نائب رئيس مجلس إدارة الشركات المنتجة للكهرباء، تواجه شبكة الكهرباء في إيران في الوضع الحالي نقصاً بنحو 15 ألف ميغاواط من الكهرباء في ذروة استهلاك الشبكة؛ وهذا يعني أن ثلث احتياجات البلاد من الكهرباء لن يكون متوفرا.
وأكد حسن علي تقي زاده، رئيس اتحاد منتجي الكهرباء، أنه لحل النقص في الكهرباء، يجب استثمار 4 مليارات دولار سنوياً في صناعة الكهرباء،وتوفير 7 آلاف ميغاواط من محطات توليد الطاقة الجديدة (مزيج من المحطات الغازية والدورة المركبة، ومحطات طاقة الرياح، والطاقة الشمسية).
ويأتي ذلك في حين أن إجمالي الدخل النفطي لإيران في العام الماضي قد قُدر بنحو 30 مليار دولار، وحتى إذا لم يتم حل العجز الذي يتراوح بين 15 ألف إلى 19 ألف ميغاواط، كما قررت خطة التنمية السابعة، لا تزال هناك حاجة إلى موارد للخروج من الأزمة الحالية.
وكانت إيران، حتى بداية أغسطس (آب) 2024، قادرة على توفير الكهرباء المنزلية إلى حد ما عن طريق إغلاق المصانع، وتخفيض عمل المكاتب، لكن الوضع الهش لإمدادات الكهرباء المنزلية لا يمكن أن يكون مستدامًا على المدى الطويل.
ومع إغلاق الصناعات والخسائر السنوية البالغة 5 مليارات دولار، تعاني البلاد بالفعل من أزمة من نوع ما، لكن إمدادات الكهرباء المنزلية لها جانب آخر يجعلها مختلفة عن الصناعة، وهو الجانب الاجتماعي والأمني لتزويد المنازل بالكهرباء.
ويبدو أن هذا الجانب أهم بالنسبة للنظام الإيراني من الخسارة المالية الكبيرة للصناعات. ونظراً للحرارة الشديدة في هذه المناطق، فإن قطع الكهرباء المنزلية في المحافظات الوسطى والجنوبية يمكن أن يشكل سبباً للاحتجاجات الاجتماعية.