بشكل يكاد يكون منسقًا، هاجمت الصحف الإصلاحية، وبعض من الصحف الأصولية روسيا، وتحديدًا رئيسها، فلاديمير بوتين؛ بسبب موقفه الداعم لفتح ممر زنغزور عبر الأراضي الأرمينية، وتحدثت هذه الصحف عن "طعنة في الظهر" و"خيانة" روسية لإيران.
الصحف الإصلاحية أساسًا لديها موقف سلبي من العلاقة مع روسيا، وتؤكد باستمرار عدم إمكانية الوثوق بموسكو؛ بسبب تغليبها مصلحتها على حساب مصلحة حلفائها المفترضين.
دعت صحيفة "سازندكي" النظام إلى إعادة النظر في علاقته مع روسيا، مؤكدة أن الرئيس الروسي الداعم لفتح الممر، الذي سيقطع حدود إيران مع إحدى دول جوارها كشف أنه ليس صديقًا لإيران على الإطلاق.
فيما قالت صحيفة "آرمان امروز"، وهي صحيفة إصلاحية أيضًا، إن روسيا بدأت تسلك طريقًا "مريبًا" بعد مجيء الحكومة الجديدة في إيران، وادعت أن موسكو تشعر بالضيق من التحركات الإيرانية لبدء مفاوضات مع الغرب، بعد فوز الإصلاحيين، وكأن الروس يشعرون بالوصاية على إيران، ويريدون منها أن تستأذنهم في كل خطوة تخطوها في علاقاتها الخارجية، حسب ما جاء في الصحيفة الإيرانية.
وعنونت صحيفة "أبرار" بالقول: "الخنجر الروسي في طعن سلامة الأراضي الإيرانية لا يتوقف عن العمل"، كما وصفت صحيفة "خراسان" الأصولية ما تقوم به روسيا بـ "المؤامرة الروسية على إيران"، مبينة أسباب رفض إيران القاطع لمثل هذا الممر.
في شأن منفصل استمرت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي في خلافها مع علی رضا بناهیان، رجل الدين المقرب من خامنئي، وذلك إثر اتهامه للصحيفة بأنها تعمل على زيادة الشرخ السياسي داخل إيران وخلق القطبية بين السياسيين.
وانتقدت الصحيفة، في عددها الصادر اليوم، بناهيان، وطالبته بأن يبين تحديدًا ما هي الملفات والقضايا، التي طرحتها الصحيفة، وتعتبر مساهمة في خلق القطبية في البلاد، وحذرت بناهيان من السقوط في فخ الكارهين، مؤكدة أن تصريحات رجل الدين ضد الصحيفة أفرحت الأعداء وجعلتهم يطربون لها ويتطلعون للمزيد منها.
وأشارت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية إلى هذه المعركة الكلامية، وقالت إنه بات واضحًا أن الانسجام والموافقة التي كانت بين الأصوليين تحولت إلى مواجهة وصدام الآن.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:
"سازندكي": بوتين ليس صديقًا لإيران وعلى طهران إعادة النظر في علاقاتها مع موسكو
تناولت صحيفة "سازندكي" قضية ممر زنغزور، الذي تحاول أذربيجان فتحه بين أراضيها وإقليم نخجوان ذاتي الحكم والتابع لها من خلال مقاطعة أرمينية على الحدود مع إيران، وهي القضية، التي تعتبرها إيران خطًا أحمر، وتؤكد أنها لن تسمح بأي شكل من الأشكال قطع حدودها مع أرمينيا.
وهاجمت الصحيفة الإصلاحية موقف الحكومة الروسية من هذه القضية؛ حيث أيد الروس الفكرة، معتقدين أنه من الممكن لباكو القيام بمثل هذه الخطوة والربط بين أراضيها، ما اعتبرته طهران تجاهلاً لمصالحها من قِبل صديقتها المفترضة روسيا.
وكتبت الصحيفة، في عددها الصادر اليوم السبت، حول هذه القضية: "الدعم الصريح لروسيا لفتح ممر زنغزور والسير في ركب أذربيجان وتركيا في هذا الملف أظهر أن بوتين لا يعتبر صديقًا لإيران فحسب، بل يجب على إيران أن تعيد النظر في علاقاتها مع روسيا".
ولفتت الصحیفة إلى أن هذه القضية تشكل اختبارًا مهمًا للدبلوماسية الجديدة في حكومة بزشكيان؛ حيث يجب عليها أن تكون واضحة وصريحة في التعامل مع هذا الملف، منوهة إلى أن روسيا والصين انتهجا سياسات كثيرة في السنوات الأخيرة تتعارض مع مصالح الأمن القومي الإيراني، مثل موقفهما من قضية الجزر الثلاث المتنازع عليها بين طهران وأبوظبي.
"خراسان": لماذا تعارض إيران فتح ممر زنغزور؟
في تقريرها حول موضوع فتح ممر زنغزور، الذي عنونته بالقول: "مؤامرة روسية لفتح ممر زنغزور"، حاولت صحيفة "خراسان" الأصولية تقديم إجابة واضحة حول السبب الذي يجعل إيران تعارض وبشدة فتح هذا الممر وربط الأراضي الأذربيجانية بإقليم نخجوان عبر الأراضي الأرمينية.
وذكرت الصحيفة أن فتح هذا الممر يؤدي إلى قطع الحدود بين إيران وأرمينيا، وعمليًا يؤدي إلى قطع الطرق الترانزيت بين محافظة أذربيجان الشرقية في إيران مع تركيا وجمهورية أذربيجان، وعلى هذا الأساس فإن السبب الرئيس وراء معارضة إيران لهذا المشروع هو أنه يسلبها ميزة اتصالية بدول أخرى.
كما لفتت الصحيفة إلى أن فتح هذا الممر سيضعف من أهمية إيران الجيوسياسية في المنطقة، ويضع أمامها تحديات كثيرة، وفي المقابل يعطي ميزات اتصالية كثيرة لتركيا ودول آسيا الوسطى الناطقة بالتركية.
وأضافت أن الممر هذا قد يمهد الأرضية المناسبة لحضور قوات حلف الشمال الأطلسي في تلك المناطق ويعرقل فتح ممر الشرق- الغرب، الذي يفترض أن يوصل الصين بالدول الأوروبية.
"جمهوري إسلامي": خسائر إيران من فتح ممر زنغزور
قالت صحيفة "جمهوري إسلامي" إن موقف روسيا الأخير من قضية ممر زنغزور هي رابع طعنة توجهها روسيا لإيران بعد قضية الاتفاق النووي، الذي ساهمت روسيا بإفشال المفاوضات حوله، وكذلك جر إيران إلى أزمة أوكرانيا، وأيضًا دعم روسيا لموقف الدول العربية حول الجزر الثلاث.
وتحدثت الصحيفة عن المخاطر، التي ستلحق بإيران في حال تم تنفيذ هذا المشروع، وقالت إن إيران ستفقد ميزة الوصل بين تركيا ودول آسيا الوسطى وكذلك ستصبح إيران معتمدة على تركيا وأذربيجان من أجل الاتصال بالدول الأوروبية.
وذكرت الصحيفة أن على المسؤولين الإيرانيين أن يدركوا هذه الحقيقة بأنه لا يمكن أبدًا الوثوق بالاتفاقيات، التي تبرمها طهران مع موسكو؛ لأن التجارب أثبتت أن روسيا ستتجاهل مصالح الدول الأخرى، إذا اقتضت مصلحتها ذلك.
كما دعت الصحيفة الحكومة الإيرانية الجديدة إلى إظهار عزم أقوى لمواجهة طموح روسيا وخططها، وألا تسمح لها بإيجاد تغيير في حدود إيران الدولية.
وشددت الصحيفة على ضرورة أن تعود إيران إلى سياسة الحياد أو ما يعرف في إيران بسياسة "لا شرقية ولا غربية"، وأن تتوقف عن الثقة المفرطة في روسيا لكي يتم إبطال أثر الخنجر الروسي، حسب تعبير الصحيفة.