أفادت معلومات تلقتها "إيران إنترناشيونال" بوفاة مواطنين اثنين نتيجة التعذيب على يد الشرطة في كيلان، شمالي إيران. حيث توفي الجندي المكلف أمير رضا حامدي عثمانونداني، نتيجة للتعذيب على أيدي عناصر إنفاذ القانون بكيلان. كما قُتل مازيار مؤدب بهراوات عناصر الأمن بمركز احتجاز في رشت.
وبحسب المعلومات الواردة فإن حامدي كان مجنداً في قوة الشرطة، وتوفي نتيجة تعرضه للضرب على يد أفراد الشرطة في مركز الشرطة بمدينة "أحمد سركوراب" التابعة لمدينة "شفت" بمحافظة كيلان.
وهذا الجندي، الذي سبق أن اعتقل بسبب مشاركته في الانتفاضة الشعبية، توجه قبل أيام قليلة من وفاته إلى عائلته، وقال إنه غير مستعد لمواصلة الخدمة العسكرية الإلزامية بسبب الخلاف مع رؤسائه.
لكن والد هذا الجندي أصر على مواصلة نجله لخدمته العسكرية، واصطحبه بالسيارة إلى مركز الشرطة الذي يخدم به.
وقال شخص مطلع على هذه القضية لـ"إيران إنترناشيونال" إنه في نفس اليوم وبعد ساعة من عودة هذا الجندي الشاب إلى مركز الشرطة وعودة والده، تم الاتصال بعائلة هذا الجندي من مركز الشرطة وأعلنوا أنه انتحر ومات".
لكن أحد المطلعين على القضية قال إن حامدي توفي نتيجة الضرب.
وبحسب المعلومات الواردة من مصادر محلية لـ"إيران إنترناشيونال"، فإن آثار الضرب على جسد هذا الشاب ظهرت أيضا بعد وفاته.
ويظهر إعلان نعي هذا الشاب في كيلان أن إحياء "اليوم الثالث والسابع" لوفاته أقيم يوم 8 سبتمبر (أيلول) في منزل عائلة حامدي ومسجد ابن مختار في مدينة "أحمد سركوراب".
نعي أمير رضا حامدي عثمانونداني
كما أقيمت مراسم تشييعه في أجواء أمنية بحضور عناصر من وزارة الاستخبارات والحرس الثوري.
وبحسب المعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال"، منذ وفاة حامدي، هدد رجال الأمن عائلته بعدم نشر قضية مقتله في مركز الشرطة أثناء خدمته العسكرية.
ومن أجل التغطية على مقتله بسبب الضرب من قبل الشرطة، أعلن مسؤولو الشرطة لعائلة هذا الشاب أن ابنهم قد انتحر، ولإظهار ذلك، قاموا بوضع قطعة قماش حول رقبته.
إن قتل وانتحار الجنود في المواقع والثكنات الإيرانية له تاريخ طويل، وحتى الآن، أثار العديد من هذه الحالات ضجة إعلامية.
في السنوات الماضية، تم نشر العديد من التقارير حول عمليات القتل والانتحار للأشخاص الذين يخضعون للخدمة العسكرية الإلزامية في المخافر والمعسكرات في إيران.
وقد نتجت وفاة هؤلاء الأشخاص أثناء إكمال فترة الخدمة العسكرية الإلزامية لأسباب مختلفة، بما في ذلك النزاعات مع الرؤساء بسبب معاقبتهم على الخدمة الإضافية، والحرمان من إرسالهم في إجازة، والاعتقال من قبل الرؤساء، والصراعات بسبب قضايا سياسية وأيديولوجية.
والخدمة العسكرية في إيران إلزامية منذ عقود، ووفقا لآخر التقديرات، هناك الآن ما لا يقل عن ثلاثة ملايين ونصف جندي متخلف عن أداء الخدمة العسكرية.
وفاة مواطن في مركز الاحتجاز بمدينة رشت
وبحسب المعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال"، فإن مواطناً يبلغ من العمر 35 عاماً يُدعى "مازيار مؤدب" توفي في أغسطس (آب) الماضي بسبب تعرضه للضرب بالهراوات من قبل ضباط الشرطة في مركز احتجاز في رشت بكيلان.
ووفقاً للمعلومات الواردة فإن عناصر الشرطة أبلغوا عائلة هذا المواطن من قرية "بوئين" بمدينة "فومن" أنه كان في مركز الاحتجاز بتهمة "السرقة"، وساءت حالته الصحية هناك، وتوفي أثناء نقله إلى المستشفى.
وقال مصدر مقرب من عائلة هذا الشاب المتوفى لـ"إيران إنترناشيونال": "عائلة مؤدب لا تعلم الكثير عن وفاة مازيار وهم في حالة صدمة. وقالوا إنهم لم يعلموا حتى باعتقاله وسبب اعتقاله، ولأنهم يعتقدون أنه قُتل بسبب التعذيب في مركز الاحتجاز، فقد وكلوا محامياً حتى لا يذهب دمه هدراً".
وقال مصدر مقرب من عائلة مؤدب، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال": "حاولت العائلة بطرق مختلفة معرفة كيفية مقتله. وقال البعض إن مجلس أمناء أحد المساجد اتهمه بسرقة بعض المعدات مثل مكبرات الصوت وغيرها من الأدوات الخاصة بمراسم عاشوراء، وتم القبض عليه إثر ذلك. وبعد أيام قليلة، تبين أن ذلك ليس من عمله، وأن شخصا ما أخذ هذه الأغراض وأعادها إلى المسجد بنفسه".
وأضاف هذا المصدر المطلع: "الآن يقول البعض إن مازيار قُتل بهراوات رجال الشرطة في مركز الاعتقال، وآخرون يقولون إن أمناء المسجد تشاجروا معه أولاً، وتوفي في مركز الاعتقال".
وقال أحد أصدقاء هذا المواطن القتيل لـ"إيران إنترناشيونال": "ما زلنا لا نعرف كيف قُتل مازيار حقاً، وقالوا إنه يجب أن ننتظر نتائج الطب الشرعي. عائلة مازيار تنتظر أيضًا، لكنهم وكلوا محاميًا حتى لا يذهب دمه هدراً. لأنهم قالوا إن مازيار كان معتقلا مع شخص آخر بتهمة بالسرقة وتوفي، لكنهم لم يذكروا كيف قُتل".
في العقود الأربعة الماضية، تعرض عدد كبير من المواطنين للتعذيب، وفقدوا حياتهم في مراكز الاعتقال في إيران.
ولم تسفر متابعة عائلات الضحايا الذين فقدوا أقاربهم في كثير من الحالات، ولم تؤد التحقيقات إلى تحديد الجناة أو التعامل مع الجهة المسؤولة.
كما أن السلطات الإيرانية لم تقبل أي مسؤولية عن وفاة هؤلاء الأشخاص بسبب التعذيب.
وكان محمد ميرموسوي هو آخر الأشخاص الذين ماتوا بعد اعتقالهم في أحد مراكز الاحتجاز في إيران بسبب الضرب المبرح والتعذيب.
ويأتي استمرار تعذيب المواطنين في إيران في حين أنه وفقاً للمادة 38 من دستور إيران، يُمنع أي نوع من التعذيب للحصول على اعترافات أو الحصول على معلومات.
ونظراً لوجود هذه المادة في الدستور الإيراني، رفضت طهران دائماً الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
في هذا الوضع، ومع استمرار حكم نظام الجمهورية الإسلامية، لا يزال تعذيب المواطنين بمختلف مراكز الاحتجاز في إيران يحصد الضحايا.