أكدت منظمة العفو الدولية، في تقرير نشرته في الذكرى الثانية لانتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، أن مسؤولي النظام الإيراني ومرتكبي الجرائم ضد الشعب ما زالوا يفلتون من العقاب بشكل ممنهج. ودعت ديانا الطحاوي، أحد مديري المنظمة، حكومات الدول الأخرى إلى بدء تحقيقات جنائية في هذه الجرائم.
ولا يزال المواطنون في إيران يعانون من تداعيات القمع العنيف للاحتجاجات التي جرت في عام 2022، بينما يظل مرتكبو عمليات القمع هذه، التي توصف بأنها "جرائم" بموجب القوانين الدولية، بعيدين عن المحاسبة.
وفي تقرير صدر يوم الأربعاء 11 سبتمبر (أيلول)، أكدت العفو الدولية أن الشعب الإيراني تحدى خلال هذه الاحتجاجات عقودًا من القمع والتمييز الجنسي.
وأشار التقرير إلى أنه لم تجرِ أي تحقيقات جنائية "فعالة، محايدة ومستقلة" في الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها المسؤولون أثناء وبعد الانتفاضة الشعبية.
استخدام غير قانوني للأسلحة النارية
والجرائم التي أشارت إليها منظمة العفو الدولية في تقريرها تشمل الاستخدام الواسع وغير القانوني للقوة والأسلحة النارية من قبل قوات الأمن الإيرانية.
وقامت هذه القوات بإطلاق الرصاص الحي، وإطلاق النار من بنادق الخرطوش، وإطلاق الغاز المسيل للدموع، والاعتداء بالهراوات على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل مئات المتظاهرين والمارة، بينهم عدد كبير من الأطفال، وإصابة العديد بجروح خطيرة ودائمة.
وأكدت منظمة العفو أن السلطات الإيرانية حاولت إسكات عائلات الضحايا من خلال الاعتقالات التعسفية، والملاحقات القضائية الجائرة، والتهديد بالقتل، والمضايقات المستمرة.
كما حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير صدر في 10 سبتمبر (أيلول)، من أن السلطات الإيرانية قامت باعتقال أو تهديد أو مضايقة أفراد عائلات عشرات الأشخاص الذين قُتلوا أو أُعدموا أو سُجنوا خلال الاحتجاجات في العامين الماضيين، مستخدمة اتهامات كاذبة.
وأكد التقرير الجديد لمنظمة العفو الدولية أنه بعد عامين من الانتفاضة ضد النظام الإيراني، زادت السلطات من انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وشنت "حربًا ضد النساء والفتيات" من خلال تصعيد القمع العنيف ضد من تخالف قوانين الحجاب الإجباري.
زيادة عمليات الإعدام في إيران لقمع احتجاجات المواطنين
ورفع النظام الإيراني من استخدام عقوبة الإعدام كوسيلة لإسكات معارضيه. ففي بداية سبتمبر (أيلول) من هذا العام، أعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية أن ما لا يقل عن 100 شخص قد أُعدموا في إيران خلال شهر أغسطس الماضي، مما يرفع عدد عمليات الإعدام التي نفذتها إيران في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي إلى ما لا يقل عن 402 شخص.
وفي 9 سبتمبر (أيلول)، أعربت 26 منظمة حقوقية في بيان مشترك عن قلقها العميق واعتراضها الشديد على وضع السجناء السياسيين المحكوم عليهم أو المهددين بصدور أحكام إعدام في إيران.
وأشارت المنظمان في البيان إلى الجهود الواضحة والواسعة التي يبذلها النظام الإيراني للانتقام من انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، واستمراره في قمع وخرق حقوق النساء في إيران.
ديانا الطحاوي: ذكرى الانتفاضة تذكير رهيب بمعاناة الإيرانيين
ووصفت ديانا الطحاوي، نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، الذكرى السنوية لهذه الانتفاضة بأنها "تذكير رهيب" بأن العديد من الإيرانيين ما زالوا يعانون من "عواقب القمع الوحشي للنظام"، وأن الضحايا وذويهم ما زالوا محرومين من الوصول إلى الحقيقة والعدالة والتعويض.
وأضافت الطحاوي أنها لاحظت جهود نظام الجمهورية الإسلامية على مدى العامين الماضيين لإخفاء جرائمه من خلال "حملة دعائية تقوم على الإنكار وتشويه الحقائق"، بالإضافة إلى "تهديد عائلات الضحايا".
وأكدت على ضرورة أن تبدأ الدول الأخرى تحقيقات جنائية في جرائم مسؤولي النظام الإيراني، مستندة إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، نظرًا لعدم وجود تحقيقات مستقلة وحيادية داخل إيران.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت بيانًا في 21 أغسطس (آب) من العام الماضي، أكدت فيه أن السلطات الإيرانية كثفت حملتها لمضايقة عائلات ضحايا الاحتجاجات، في محاولة لإسكاتهم وضمان إفلاتها من العقاب، وذلك قبيل الذكرى السنوية لوفاة مهسا أميني.
وفي تلك الفترة، شددت الطحاوي على ضرورة حماية أسر قتلى الاحتجاجات من الاعتقالات التعسفية، و التهديدات، والإجراءات الانتقامية الأخرى التي يتخذها النظام ضدهم.