ذكر معهد العلوم والأمن الدولي، نقلاً عن مسؤولين استخباراتيين غربيين، لم يرغبوا في الكشف عن أسمائهم، أنه خلال العام ونصف العام الماضيين، استأنفت إيران أنشطتها النووية المشبوهة في موقعين تابعين لمشروع "آماد" الذي استُخدم لتطوير الأسلحة النووية الإيرانية، في أوائل الثمانينيات.
وبحسب هذا التقرير فإن الأنشطة، التي لم تتضح طبيعتها، تزايدت في موقعي "سنجريان" و"غلاب دره".
وكانت معلومات صادرة عن مسؤولين استخباراتيين غربيين، قد أشارت إلى أن إيران استأنفت خلال العام ونصف العام الماضي أنشطتها النووية المشبوهة في الموقعين المذكورين، وتشمل هذه الأنشطة تجارب انفجارية وتطويرات فنية، مما يزيد من المخاوف بشأن احتمال انتهاك إيران للاتفاق النووي.
برنامج "آماد" ومخاوف بشأن تخصيب اليورانيوم
يعد برنامج "آماد" برنامجًا نوويًا سريًا لتطوير الأسلحة النووية في إيران. وركّز في أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين على الأنشطة البحثية وتطوير التكنولوجيا المتعلقة بالتفجيرات متعددة المراحل (MPI)، التي تُعد خطوة مهمة في تصنيع الأسلحة النووية.
ويثير التقدم الملحوظ، الذي حققته الجمهورية الإسلامية في مجال تخصيب اليورانيوم، مخاوف المسؤولين الغربيين، وهو ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)؛ حيث يُمكن لهذا التقدم أن يُقلّص الفترة الزمنية اللازمة لإنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لصناعة سلاح نووي إلى نحو أسبوع واحد.
كما زادت الأنشطة الجديدة في موقعي "سنجريان" و"غلاب دره"، من المخاوف الدولية بشأن احتمال تطوير إيران أسلحة نووية.
ووفقًا لتصريحات بعض المسؤولين في الجمهورية الإسلامية، فإن هناك تغييرات في السياسة النووية للبلاد، والتي قد تشير إلى نية إيران تعديل عقيدتها النووية باتجاه امتلاك أسلحة نووية.
وأثار هذا التطور قلقًا دوليًا، وخلق مزيدًا من الضغوط على الهيئات الرقابية لإجراء تقييم أدق لهذه الأنشطة النووية الإيرانية.
دول "الترويكا" الأوروبية والولايات المتحدة: "للصبر حدود"
في الوقت نفسه، أصدرت ثلاث دول أوروبية (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) إلى جانب الولايات المتحدة، بيانًا في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طالبوا فيه بتعاون كامل وفوري من الجمهورية الإسلامية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار البيان إلى تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أكد أن التعاون بين طهران وهذه الهيئة الدولية الرقابية لم يُحرز أي تقدم ملموس. وجاء في البيان: "لم تقدّم إيران تفسيرات تقنية موثوقة ردًا على أسئلة الوكالة حول المواد والأنشطة النووية غير المعلنة في موقعي تورقوزآباد وورامين".
وأضافت الدول الغربية: "لقد أظهر هذا المجلس صبرًا كبيرًا، لكن للصبر حدود، ولن نبقى صامتين أمام استمرار تعنت إيران".
وأكد البيان أنه إذا استمرت إيران في عدم تقديم التعاون الكامل والصريح مع الوكالة لحل جميع القضايا العالقة، فسيتعين على المجلس اتخاذ إجراءات إضافية، وقد يشمل ذلك مطالبة المدير العام بتقديم تقرير شامل في الأشهر المقبلة.
تأكيد انفراد "إيران إنترناشيونال"
حصلت قناة "إيران إنترناشيونال"، في 14 أغسطس (آب) الماضي، على معلومات حصرية أفادت بأن النظام الإيراني يواصل فعليًا، عبر متابعة عدة مشاريع في آنٍ واحد، إكمال برنامجه السري لتطوير الأسلحة النووية.
ووفقًا لمصادر "إيران إنترناشونال"، فإن الجمهورية الإسلامية تسعى إلى التقدم في هذا البرنامج من خلال إجراء تغييرات هيكلية في "منظمة الأبحاث الدفاعية الجديدة" (سبند)، والإبقاء على محمد إسلامي رئيسًا لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، واستئناف التجارب الخاصة بإنتاج صواعق التفجيرات النووية.
طبيعة الأنشطة المشبوهة في المواقع النووية
لم تُقدم تقارير دقيقة حول تفاصيل الأنشطة المشبوهة في هذه المواقع، لكن المعلومات المتاحة تشير إلى أن التجارب، التي تم إجراؤها في هذه المواقع، تشمل تجارب انفجارية وأبحاثًا تقنية حساسة.
وتُظهر الصور الفضائية التجارية لموقع "سنجريان" زيادةً في نشاط الأفراد والتحسينات الأمنية في الموقع، وتكشف هذه الصور عن ارتفاع عدد السيارات المتوقفة في الموقع وتغيرات في البنية الأمنية.
ومع ذلك، لم يتم رصد نشاط ملحوظ في موقع "غلاب دره"، الذي كان يُستخدم سابقًا كمنطقة لإجراء تجارب انفجارية، وعادةً ما كانت الأنشطة الداخلية فيه غير مرئية من الخارج.
انتهاك محتمل لبنود الاتفاق النووي
قد تشكل الأنشطة الأخيرة للجمهورية الإسلامية في موقعي "سنجريان" و"جُلاب دره" انتهاكًا لبنود الاتفاق النووي، ووفقًا لهذا الاتفاق، فإنه يتعين على إيران الامتناع عن القيام بأنشطة قد تؤدي إلى تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك استخدام أنظمة التفجيرات متعددة المراحل والمعدات التشخيصية المرتبطة بتطوير الأسلحة النووية.
وتنص بنود الاتفاق على أنه على إيران إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أي أنشطة مرتبطة بهذه المعدات والسماح لها بالإشراف عليها، لكن الأدلة تشير إلى أن إيران تستأنف هذه الأنشطة دون إبلاغ الوكالة أو السماح لها بالرقابة، ما يمكن اعتباره انتهاكًا واضحًا للاتفاق النووي، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الدولية.
إيران: لن نتردد في الرد على التحركات غير المسؤولة
صرّح مندوب وسفير إيران الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، محسن نذيري اصل، اليوم الجمعة، بأن "الجمهورية الإسلامية أظهرت رغبتها في التعاون البنّاء مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنها لن تتردد في الرد على أي تحركات غير مسؤولة".
وقال: "بينما أظهرت إيران في قولها وفعلها رغبتها في التعاون البنّاء مع الوكالة، نحن مستعدون للرد على أي موقف أو تحرك غير محسوب".
تقييم الجهات الدولية وردود الفعل
أكد المسؤولون الدوليون أهمية التقييم والمراقبة الدقيقة لهذه الأنشطة، وقد أدى تصاعد الأنشطة المشبوهة في هذه المواقع، بالإضافة إلى التقدم الملحوظ في تخصيب اليورانيوم، إلى زيادة الضغوط الدبلوماسية على إيران.
وقد دعت الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، إيران، إلى الالتزام بتعهداتها الدولية، والامتناع عن أي نشاط قد يؤدي إلى تطوير أسلحة نووية.
إيران تمتلك كمية كافية لصنع أربع قنابل نووية
أعربت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، يوم أمس الخميس، عن قلقها من مواصلة إيران تطوير أنشطتها النووية، بعد تقرير قدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، وذكرت الدول الثلاث أن إيران تمتلك كميات من اليورانيوم تكفي لصنع أربع قنابل نووية.
وأشادت الدول الثلاث بتقرير غروسي وفريقه، وأشارت إلى أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية تفوق التزاماتها في الاتفاق النووي.