إيران وترامب.. تصعيد مرتقب وتحديات جديدة

Thursday, 11/07/2024

استعرضت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، في تقرير تحليلي، التغيرات المحتملة في السياسة الداخلية والدولية للولايات المتحدة، بعد فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية، مشيرةً إلى أن موقف ترامب تجاه إيران قد يؤثر على نهجه تجاه الصراعات في غزة ولبنان، وقضايا الشرق الأوسط بشكل عام.

وأشار التقرير إلى أن ترامب، خلال ولايته الأولى، اتخذ مواقف صارمة تجاه إيران، تمثلت في سياسة "الضغط الأقصى"، وتشديد العقوبات على طهران، وقام بأعمال مثل اغتيال قاسم سليماني، مرجحًا أن أي سياسة سيتبناها ترامب تجاه إيران في المستقبل قد تأتي بدعم أميركي متزايد لإسرائيل.

القضية الفلسطينية ولبنان

وأوضح ترامب أنه إذا عاد إلى الرئاسة، فإنه يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنهاء حرب غزة بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل، كما أشار إلى ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا، دون تقديم أي خطط تفصيلية لتحقيق ذلك.

وتختلف رؤية ترامب بشأن غزة والضفة الغربية عن سياسات بايدن؛ فبينما يدعو بايدن إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وإقامة دولتين مستقلتين: فلسطينية وإسرائيلية، يسعى ترامب إلى خطط تعزز من سيطرة إسرائيل على الفلسطينيين.

كما وعد ترامب، ضمن خططه، بتقديم 50 مليار دولار لدعم الاستثمارات الدولية في فلسطين لتحسين اقتصادها.

روسيا وأوكرانيا

وأكد ترامب، خلال حملته الانتخابية، أنه قادر على تحقيق اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وذكر أنه سيبدأ محادثات في هذا الشأن قبل بداية ولايته. غير أنه تجنب الإجابة عن سؤال حول دعمه لانتصار أوكرانيا في الحرب، بل ألقى باللوم على الرئيس الأوكراني، واعتبره مسؤولاً عن النزاع الحالي، مهددًا بوقف الاستثمارات الأميركية في أوكرانيا، إذا عاد للرئاسة.

ومع ذلك، أكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عدم قلقه من تغيير مفاجئ في السياسة الخارجية الأميركية بعودة ترامب، معتبرًا أن موقف ترامب مجرد دعاية انتخابية.

والجدير بالذكر أن زيلينسكي قام بزيارة الولايات المتحدة واجتمع بترامب في منتجع "مارالاغو" بفلوريدا في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الصين

وتتمحور سياسة ترامب تجاه الصين حول مبدأ "أميركا أولاً"؛ حيث سعى في ولايته الأولى إلى تقييد النفوذ الاقتصادي الصيني من خلال فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية، وفرض عقوبات شديدة على انتهاكات الملكية الفكرية، كما عمل على تقليل اعتماد الولايات المتحدة على التكنولوجيا الصينية.

ومن المتوقع أن يستمر ترامب في اتباع السياسات نفسها في ولايته الثانية، إذ وعد بفرض ضريبة بنسبة 60 في المائة على جميع الواردات الصينية، لكن التحدي الأكبر، الذي سيواجهه هو كيفية تبني سياسة هجومية تجاه الصين، دون إثارة ردود فعل تصعيدية من بكين.

التغير المناخي

من المتوقع أن يعمل ترامب، مع عودته إلى البيت الأبيض، على تفكيك سياسات بايدن المناخية، التي تهدف للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وكان ترامب قد انسحب بالفعل من اتفاقية باريس للمناخ، فور توليه الرئاسة في 2016، ووعد بزيادة إنتاج النفط والغاز، وإعادة إحياء محطات الفحم في الولايات المتحدة؛ لإدخالها في دورة إنتاج الطاقة من جديد.

التعامل مع المهاجرين

تعهد دونالد ترامب بتنفيذ أكبر عملية ترحيل للمهاجرين في تاريخ الولايات المتحدة. ووفقًا لمستشاريه، الذين تحدثوا لمجلة "بوليتيكو"، فإن ترامب، الذي اكتسب خلال ولايته الأولى خبرة في تجاوز العقبات الإدارية، يخطط لتنفيذ سياسات الهجرة الخاصة به بوتيرة أسرع، بعد فوزه بولاية ثانية.

وقد وعد ترامب بإنشاء مخيمات ضخمة لاحتجاز طالبي اللجوء، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين على نطاق غير مسبوق، مع تحويل جزء كبير من ميزانية الدفاع لتعزيز أمن الحدود.

وصرّح بأنه سيقوم بترحيل من يشتبه بانتمائهم لعصابات الجريمة وتجارة المخدرات فورًا ودون محاكمة، ويعتزم أيضًا إنهاء سياسة "الاعتقال والإفراج" للمهاجرين غير الشرعيين؛ حيث سيتم إرسال طالبي اللجوء إلى المكسيك لانتظار نتائج التحقيقات في قضاياهم، بدلاً من انتظارها داخل الولايات المتحدة.

وقد تجنّب ترامب حتى الآن الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان سيعيد سياسة فصل الأسر المهاجرة، كما فعل في ولايته الأولى؛ حيث تم احتجاز نحو خمسة آلاف طفل مهاجر بعد فصلهم عن آبائهم، الذين عبروا الحدود بشكل غير قانوني، وتم توزيع هؤلاء الأطفال في ملاجئ وأسر حاضنة بمناطق مختلفة من البلاد.

الصحة والتعليم والرياضة

وقد وعد ترامب بتعيين روبرت إف. كينيدي جونيور، المعروف بمعارضته للقاحات، كمستشار رئيس في شؤون الصحة. كينيدي، الذي أرجع الإصابة بالتوحد إلى اللقاحات، اتهم في كتاب له رئيس المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي، بالتعاون مع بيل غيتس وشركات الأدوية، لتحقيق أرباح من خلال بيع لقاحات "كورونا".

ويخطط كينيدي لإطلاق حركة "لنجعل أميركا صحية مرة أخرى"، ويهدف إلى استبدال مسؤولي وكالات الصحة، الذين وصفهم بأنهم "تابعون لشركات الأدوية"، بأشخاص جدد، كما يخطط لاتخاذ خطوات أخرى، مثل إزالة الإضافات الكيميائية من الأغذية، والتوقف عن إضافة الفلورايد إلى مياه الشرب، وتوسيع البدائل العلاجية.

وفي مجال التعليم، وصف ترامب سياسة بايدن بإعفاء الطلاب من الديون الدراسية بأنها إهدار لأموال الشعب، دون أن يقدم خطة بديلة لمعالجة مشكلة الديون المتزايدة على الطلاب. كما تعهد بقطع التمويل الفيدرالي عن المدارس التي تقدم تعليمًا حول القضايا العرقية والجندرية (التمييز الجنسي)، ومنع النساء المتحولات من المشاركة في المسابقات الرياضية النسائية، وترحيل الطلاب الأجانب الذين يدعمون فلسطين.

وأشار تقرير "بوليتيكو" إلى أن ترامب، الذي كان يشتكي في ولايته الأولى من بطء الإجراءات الإدارية وتعطيل تنفيذ خططه، أصبح لديه الآن خبرة كافية لتجاوز هذه العقبات وتطبيق سياساته بشكل أسرع.

ورغم أن بعض خطط ترامب، مثل تخفيض الضرائب وإجراء تغييرات على قوانين الرعاية الصحية، تتطلب موافقة "الكونغرس" الأميركي، فإن بعض الإجراءات، مثل سياسات الهجرة وفرض الرسوم الجمركية والتدخل في نظام التعليم، يمكن تنفيذها دون موافقة "الكونغرس".

مزيد من الأخبار