تشير التقارير المنشورة إلى أن برايان هوك، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران في الولاية الأولى لترامب، سيتولى قيادة فريق الانتقال لترامب في وزارة الخارجية الأميركية.
وكان هوك من المهندسين الرئيسين لسياسة "الضغط الأقصى" على طهران، واتبع نهجًا حازمًا وصارمًا تجاه النظام الإيراني.
وإذا كان تعيين هوك صحيحًا، فلا شك أن القضية الإيرانية ستكون من المحاور الرئيسة والمثيرة للجدل في عملية انتقال السلطة من الديمقراطيين إلى الجمهوريين، كما أن قيادة هوك لهذا الفريق تضيف طابعًا شخصيًا على المسألة.
وكانت الحكومة الأميركية، قد أعلنت أن النظام الإيراني يسعى إلى قتل برايان هوك، ولهذا السبب تتحمل تكاليف باهظة لحمايته.
وأكد برايان هوك، يوم أمس الخميس، 7 نوفمبر (تشرين الثاني)، بوضوح تام، أن إدارة ترامب الجديدة ستواصل السياسة السابقة نفسها، وهي "الضغط الأقصى" على النظام الإيراني. ولا حاجة للقول إنّ الوضع في المنطقة بعد هجوم حماس على إسرائيل قد يجعل من المحتمل انتهاج أسلوب أسرع وأكثر حسمًا في تنفيذ هذه السياسة.
وقال هوك: "ترامب لا يهتم بتغيير النظام في إيران. يجب أن يكون مستقبل إيران بيد الشعب الإيراني... ترامب قال في الرياض إنه سيعزل الحكومة الإيرانية دبلوماسيًا ويضعفها اقتصاديًا".
وبينما اتبع جو بايدن سياسة مختلفة تمامًا عن ترامب؛ حيث دخل في مفاوضات مع طهران وحاول إحياء الاتفاق النووي، رغم عدم نجاحه في ذلك. ورغم استمرار العقوبات، لم يصر على تنفيذها بصرامة، مما سمح بزيادة صادرات النفط الإيراني خلال سنوات رئاسته الأربع، وهو ما ساعد طهران في تأمين الموارد المالية لقواتها الوكيلة.
وقد تولى روبرت مالي مسؤولية المبعوث الخاص للشؤون الإيرانية، في عهد بايدن، وسار وفق نهج مختلف تمامًا عن برايان هوك، الذي شغل هذا المنصب في عهد ترامب.
ولكن المسألة لم تتوقف عند السياسات والنهج المختلفين؛ إذ تم إرسال روبرت مالي إلى إجازة إجبارية بدون أجر؛ للاشتباه في عدم التزامه بقواعد الأمان في حفظ الوثائق المصنفة، في ظل مقاومة إدارة بايدن ضغوط الجمهوريين للكشف عن تفاصيل ملفه وعلاقته بدائرة الإيرانيين المحيطة بنظام طهران.
واتُهمت إدارة بايدن بالتستر على ملف مالي، ويُحتمل أن تؤدي تغيرات السلطة إلى تسريع وتيرة كشف المعلومات حول هذا الملف.
وبالإضافة إلى ذلك، كان كل من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، من المهندسين الرئيسين لسياسة يصفها المنتقدون بـ"التساهل" مع النظام الإيراني، ولهذا السبب لم يحدث تغيير ملحوظ في هذا النهج، حتى بعد مغادرة روبرت مالي وزارة الخارجية.
وكان هذا النهج، خلال السنوات الأربع الماضية، أحد أبرز ساحات المواجهة بين الجمهوريين وإدارة بايدن، وازدادت حدة هذه المواجهة بشكل خاص، بعد اندلاع حرب غزة، ومظاهرات تأييد الفلسطينيين في الولايات المتحدة.
وملف روبرت مالي ليس سوى أحد ملفات الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين، لكنه يمكن أن يجسد هذا الصراع الواسع من خلال شخصيتين بارزتين، هما: برايان هوك وروبرت مالي، اللذان يمثلان سياسات ومصائر متناقضة تمامًا.
وهذا الملف وحده، إلى جانب سلسلة من العداوات السابقة للنظام الإيراني، بدءًا من محاولة اغتيال دونالد ترامب شخصيًا إلى قرصنة حملته ومحاولة التأثير على الانتخابات ضده، وحتى العداوات القديمة والعميقة، مثل: الحرب مع إسرائيل، والهجوم على القوات الأميركية، وزعزعة استقرار المنطقة، والتعاون مع روسيا، تكفي لتوضيح أن مسألة الجمهورية الإسلامية بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة، كما كانت بالنسبة للإدارات السابقة، هي مسألة أعقد من مواقف نظام طهران الحالية أو المستقبلية، خلال الأشهر المقبلة.
وقد يختار النظام الإيراني، الذي تعرضت قواته الوكيلة لضربات غير مسبوقة، وفقد جزءًا من قوته الردعية، التحلي بضبط النفس حتى تنصيب دونالد ترامب أو حتى بعد ذلك، وقد يسعى إلى شراء الوقت لإعادة بناء ميليشياته الوكيلة والحد من الأعمال الهجومية.
لكن مشكلة نظام طهران تشكل مسألة ذات أهمية كبرى بالنسبة لترامب، مما قد يدفعه لاستئناف سياساته الصارمة، خاصة مع الضغط المتواصل من إسرائيل وجماعات الضغط المؤيدة لها، التي ستحثه على اتخاذ هذا النهج.