أدلى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ونائبه للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، ووزير خارجيته، عباس عراقجي، بتصريحات في الأيام الأخيرة، تشير إلى أهمية التفاعل مع الولايات المتحدة أو على الأقل اتباع نهج العقلانية في إدارة التوترات معها.

وتعكس هذه التصريحات القلق المتزايد لديهم بعد عودة دونالد ترامب إلى السلطة، لأنهم يدركون أن عهد التساهل، الذي انتهجه جو بايدن مع إيران، يقترب من نهايته.

لكن هل تمثل تصريحات عباس عراقجي، وجواد ظريف، ومسعود بزشكيان صوت النظام الإيراني الحقيقي؟ يبدو أن هذا مستبعد. فقد نصح عراقجي ترامب مؤخرًا باتباع "عقلانية قصوى" بدلاً من سياسة "الضغط الأقصى"، ولكن في الوقت ذاته، نرى أن إيران نادرًا ما تتبع نهج العقلانية في سياساتها.

صوت عراقجي وظريف، وحتى بزشكيان، لا يمثل الصوت الحقيقي للنظام الإيراني؛ بل هو محاولة للحد من الضغوط الدولية على طهران؛ فالصوت الحقيقي للنظام يأتي من خطابات علي خامنئي وقادة الحرس الثوري، الذين يؤكدون استمرار السياسات المناهضة لأميركا وإسرائيل. فعلى سبيل المثال، يظهر صوت النظام الحقيقي من خلال إطلاق الطائرات المُسيّرة والصواريخ من قِبل الحرس الثوري في اليمن باتجاه السفن الأميركية في البحر الأحمر، ومن خلال الهجمات بالطائرات المُسيّرة، التي يشنها الحشد الشعبي العراقي على القواعد الأميركية في سوريا.

ومن غير المرجح أن تولي إدارة ترامب اهتمامًا لتصريحات بزشكيان وعراقجي وظريف، أو تأخذها بجدية؛ حيث إن النشاط العدائي لإيران ووكلائها ضد المصالح والقواعد الأميركية، ومحاولات اغتيال شخصيات مثل: ترامب، وجون بولتون، ومايك بومبيو، وبرايان هوك، هي المسائل الرئيسة بالنسبة لحكومة ترامب المقبلة.

وتعاملت الولايات المتحدة بتساهل مع إيران، في عهد بايدن، حتى إنها أفرجت عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة. لكن هذا التساهل لم يساهم إلا في تعزيز سياسات إيران العدائية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل. وبعد ذلك، شنت حماس، المدعومة من إيران، هجمات على إسرائيل، واستهدف حزب الله شمال إسرائيل بالصواريخ، ونفذ الحشد الشعبي أكثر من 70 هجومًا على القواعد الأميركية في العراق وسوريا.

وبناءً على ذلك، من غير المحتمل أن تغيّر تصريحات عراقجي الدبلوماسية النهج الصارم لترامب وفريقه تجاه إيران. ومع ذلك، قد لا يسعى ترامب إلى مواجهة مباشرة مع النظام الإيراني فور وصوله إلى السلطة، لكن، كما أوضح هو نفسه، سيكون الموضوع الرئيس بالنسبة له هو احتواء البرنامج النووي الإيراني.

ومن المحتمل أن يقدم عرضًا للتفاوض مع إيران، يشمل البرنامج النووي والصواريخ، لكن من غير المتوقع أن يقبل علي خامنئي وقادة الحرس الثوري التخلي عن برنامجهم النووي وقدراتهم الصاروخية.

وتوشك إيران حاليًا على امتلاك قدرة تصنيع السلاح النووي، وقد هددت بتغيير عقيدتها النووية، مما يعني أنها تقول: "نحن قادرون على تصنيع السلاح النووي، وسنفعل ذلك إن أردنا".

ومن جهة أخرى، تريد الولايات المتحدة إنهاء البرنامج النووي الإيراني، الذي لا تزال هناك شكوك حول طبيعته السلمية. وهذا الوضع، إلى جانب ضعف إيران بعد الهجمات الإسرائيلية على شبكاتها العسكرية ومقتل قادة حماس وحزب الله، يضعها في موقف أضعف أمام إدارة ترامب، بعد عودته إلى البيت الأبيض.

مزيد من الأخبار