وصفت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، التقارير التي نشرتها صحيفتا "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" الأميركيتان، حول تقديم طهران "ضمانات مكتوبة" بعدم استهداف الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، بأنها "عديمة الأساس" و"تفتقر إلى الأدلة".
وانتقدت الصحيفة، في عددها الصادر، اليوم السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، بشدة ما وصفته بـ"مزاعم" الصحف الأميركية، متسائلة: "أي شخص عاقل يمكن أن يصدق أن إيران ستقدم ضمانًا بشأن عدم معاقبة قتلة الشهيد سليماني؟".
وأضافت "كيهان" أن ترامب، حتى لو وُصف بالغباء، "من المستبعد أن يكون غبيًا إلى درجة تصديق وجود أي ضمان لحمايته من القصاص".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الحقائق القانونية والأخلاقية" تجعل الولايات المتحدة مسؤولة عن اغتيال قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، معتبرةً أن دمه "يُثقل كاهل ترامب وأعضاء إدارته السابقة".
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"، قد أفادت في تقرير نشرته، يوم أمس الجمعة 15 نوفمبر الجاري، نقلاً عن مصادر أميركية، بأن إيران بعثت برسالة خطية إلى إدارة الرئيس جو بايدن، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تؤكد عدم نيتها استهداف ترامب.
وفي السياق ذاته، ذكرت "نيويورك تايمز"، يوم أمس، أن الرسالة نُقلت من طهران عبر سويسرا وأرسلت باسم المرشد الإيراني، علي خامنئي.
تصريحات الخارجية الإيرانية والبعثة الأممية
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قد وصف، في 11 نوفمبر الجاري، الاتهامات الموجهة إلى إيران بمحاولة اغتيال ترامب بأنها "مشبوهة، وخبيثة، ولا أساس لها". واعتبر بقائي أن هذه الادعاءات بمثابة "محاولات لتعقيد العلاقات الإيرانية-الأميركية" التي تواجه تحديات كبيرة.
إلى ذلك، أصدرت البعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة بيانًا نفت فيه صحة التقارير حول تقديم أي ضمانات مكتوبة إلى واشنطن، مؤكدة أن إيران تلتزم بـ"القانون الدولي بشكل كامل"، مشددةً على أن قضية اغتيال سليماني تُتابع عبر القنوات القانونية والقضائية.
كما أوضحت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أنها تمتنع عن التعليق علنًا على "تفاصيل الرسائل الرسمية" المتبادلة بين طهران وواشنطن.
السياق القانوني والرسائل الدولية
تأتي هذه التقارير في ظل استمرار التوتر بين إيران والولايات المتحدة، خاصة بعد اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في يناير (كانون الثاني) 2020، إثر غارة جوية أميركية على العراق بأمر من ترامب.
وتؤكد إيران أنها ماضية في السعي لتحقيق العدالة من خلال المسارات القانونية الدولية، بينما تثير التقارير المتداولة تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين، وسط التصعيد السياسي والإعلامي المتبادل.
ويعد استمرار التوتر بين الطرفين، في ظل بقاء قضية اغتيال سليماني والتصعيد الإقليمي، أحد أبرز الملفات الشائكة في العلاقات الإيرانية- الأميركية.
جوني إرنست: لا يمكن الوثوق بوعود إيران
وقد انتقدت السيناتورة الجمهورية الأميركية، جوني إرنست، التقارير التي أفادت بإرسال إيران "ضمانات خطية" بعدم استهداف الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، مؤكدة أن الولايات المتحدة لا يمكنها الاعتماد على التزامات النظام الإيراني.
وكتبت إرنست، في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "أميركا لا تستطيع الوثوق بوعود إيران، خاصة أن هذا النظام رصد مكافآت لاستهداف عدة مسؤولين سابقين في إدارة ترامب".
وأضافت: "علينا مواصلة فرض العقوبات القصوى، وإضعاف النظام الإيراني الداعم للإرهاب، حتى يثبت أنه توقف عن محاولة استهداف الأميركيين".
تأتي تصريحات إرنست، وسط توتر متصاعد بين واشنطن وطهران، وفي أعقاب تقارير عن رسائل سرية متبادلة بين الجانبين تضمنت تحذيرات أميركية وضمانات إيرانية بشأن أمن المسؤولين الأميركيين.
رد إيران على تحذير بايدن
وذكرت التقارير أن إيران قد بعثت برسالتها، في 14 أكتوبر الماضي، ردًا على تحذير رسمي أرسلته واشنطن في سبتمبر (أيلول)، بأن أي تهديد يستهدف ترامب سيُعتبر "مسألة أمن قومي من الدرجة الأولى، وعملاً حربيًا". وأكدت مصادر أميركية أن الرسالة وصلت إلى يد المرشد الإيراني، علي خامنئي، دون أن تكشف عن القنوات المستخدمة لإيصال الرسالة.
وبعد إرسال الرسالة بأيام، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن هناك قنوات لتبادل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة، رغم توقف وساطة سلطنة عُمان الخاصة بالمفاوضات النووية. وأضاف أن "عملية تبادل الرسائل ونقل وجهات النظر ما زالت قائمة من خلال طرق مختلفة، ونستخدمها عند الحاجة".
اتهامات متكررة لترامب والإدارة السابقة
ووفقًا للتقرير، فقد تضمنت الرسالة الإيرانية اتهامات ضد ترامب بـ"ارتكاب جريمة"، عبر إصدار أمر باغتيال قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني. وأشارت إلى أن إيران ما زالت مصرة على محاسبة المتورطين في عملية الاغتيال، بمن في ذلك كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترامب، مثل وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، والمسؤول السابق عن "مجموعة العمل الخاصة بإيران"، برايان هوك، ومستشار الأمن القومي السابق، جون بولتون.
يُذكر أن هؤلاء المسؤولين يعيشون تحت حماية مشددة من قِبل جهاز الخدمة السرية الأميركية؛ بسبب التهديدات المستمرة التي تواجههم، والتي تعود جزئيًا لدورهم في تنفيذ سياسة "الضغط الأقصى" على إيران، واغتيال سليماني.
التوترات الإقليمية تزيد من التعقيد
تزامن إرسال الرسالة الإيرانية مع تصاعد التوترات في المنطقة؛ حيث أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) آنذاك عدم تورطها في الضربات الإسرائيلية على المنشآت الإيرانية، لكنها زادت من وجود قواتها في المنطقة؛ تحسبًا لأي ردود فعل.
ويبدو أن الرسالة الإيرانية تهدف إلى احتواء التصعيد مع الولايات المتحدة، لكنها تؤكد استمرار التوتر بين الطرفين.
اتهامات بالتخطيط لاغتيال ترامب
كانت وزارة العدل الأميركية، قد أعلنت، الأسبوع الماضي، تفاصيل اتهامات تتعلق بمؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب، قبل إعادة انتخابه رئيسًا.
وفي أغسطس (آب) الماضي، وُجهت اتهامات لرجل باكستاني يزعم ارتباطه بالحكومة الإيرانية بالتخطيط لهذه العملية، مما دفع الأجهزة الأمنية الأميركية إلى تعزيز حماية ترامب، لا سيما خلال حملته الانتخابية. وفي يوليو (تموز)، شددت إدارة بايدن إجراءات الحماية على الرئيس الأميركي السابق بعد تلقي معلومات عن تهديدات إيرانية.
ونفت إيران هذه الاتهامات، ووصف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، هذه المزاعم بأنها "كوميديا من الدرجة الثالثة".
توقيت الضمانات وسياقها الانتخابي
جاءت الضمانات الإيرانية في لحظة حساسة، تزامنًا الانتخابات الرئاسية الأميركية؛ حيث أرسل ترامب إشارات تصالحية، مشددًا على أنه لا يسعى لتغيير النظام في طهران أو الدخول في صراع عسكري، لكنه طالب إيران بعدم امتلاك سلاح نووي.
من جهته، قال العضو السابق بفريق بايدن، حول الاتفاق النووي مع إيران، ريتشارد نيفيو: "هذه الضمانات لن تغيّر من صعوبة استئناف مفاوضات ذات مغزى بين إدارة ترامب وطهران".